قاضٍ مغربي يطرد «أمير» جماعة «التكفير والهجرة» من قاعة المحكمة

TT

لم تدم مدة استنطاق يوسف فكري أمير جماعة «التكفير والهجرة» صباح امس من طرف القاضي لحسن الطلفي الا ثلاث دقائق طرح خلالها القاضي سؤالا واحدا يتيما ظل بدون جواب، حيث اضطر القاضي إلى طرد فكري من قاعة المحكمة.

فبينما كان القاضي يسأل فكري عن سبب آثار ضربة على يده، بدأ هذا الاخير يتحدث عن اختطافه من طرف المخابرات المغربية، واصفا المحاكمة بأنها «تمثيلية». فحاول القاضي ايقافه عن الكلام، واصفا سلوكه بـ«المراوغة»، وكرر عليه السؤال ثانية، غير ان فكري تمسك برأيه، وقال «اعترف أنني قتلت بعض أعداء الله، ولكن...». فقاطعه القاضي قائلا «لا تتعصب، أسألك عن الضربة في يدك ما قصتها». وامام اصرار فكري أمره القاضي بالجلوس معتبرا انه يرفض الاجابة على اسئلة المحكمة. الا ان فكري صرخ في وجه القاضي «اتحداك ان تكون هناك استقلالية في القضاء، وهذا الملف بدأ بيد المخابرات وسينتهي بيد المخابرات. لقد طرحوا علي اغراءات ويريدون توريط جميع الاخوان». وامام حالة الهيجان والصراخ التي انتابته أمر القاضي رجال الأمن باخراجه من القاعة.

وواصل القاضي استنطاق باقي المتهمين البالغ عددهم 31 أصوليا متهمين بتكوين عصابة إجرامية والقتل ومحاولة تخريب منشآت عمومية بواسطة المتفجرات والتزوير. وكان القاضي قد استمع يوم الجمعة الماضي خلال جلسة تواصلت مدة 10 ساعات إلى الدفوعات الشكلية لدفاع المتهمين وطلباتهم، وشرع في استنطاق المتهمين، حيث اعترف فكري بارتكاب جريمتي قتل، ونفى ان يكون مسؤولا عن مقتل عمه قبل ان يطلب من القاضي توقيف استنطاقه لأنه منهار عصبيا، على حد تعبيره. كما اعترف محمد دمير، المتهم الرئيسي الثاني في هذه القضية، بأنه كان يشارك فكري فيما أسماه «الدورات الربانية» للنهي عن المنكر والتي اعتدوا خلالها على العديد من الاشخاص اما بسبب السكر او بسبب علاقات جنسية غير شرعية، واستيلائهم على سيارات العديد من الضحايا واستعمالها في تنقلاتهم واسفارهم. وحتى ظهر امس كان القاضي قد انتهى من استجواب 10 متهمين، وقرر مواصلة الجلسة بعد ظهر اليوم ذاته. وخلال جلسة صباح امس استمع القاضي الى المتهم صالح زارلي الذي صرح بأنه هاجر للعمل في ايطاليا ومن هناك قرر الهجرة مع أسرته للعيش في أفغانستان. وقال انه ذهب وحده في المرة الأولى لكي يرتب أمور الاقامة والعمل هناك قبل اصطحاب عائلته. وردا على سؤال للقاضي حول لقائه مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة»، قال زارلي ان وصوله الى أفغانستان صادف يوم عيد الفطر من سنة 2001، وانه رأى بن لادن بعد صلاة العيد. واستفسره القاضي ان كان قد تكلم مع بن لادن او سأله عن بعض المسائل، فأجاب زارلي «كنت حليق اللحية لأنني كنت في سفر، لذلك خجلت ان اطرح اسئلة على الشيخ». وصرح ان عددا من الحاضرين في ذلك اللقاء طرحوا اسئلة على بن لادن ومن ضمنها سؤال حول «تكفير من لم يحكم بنا أمر الله».

وحول علاقته بالمتهمين قال زارلي إنه تعرف على محمد دمير قبل 4 اشهر من اعتقاله بواسطة ربيع آيت أوزو، الذي توفي لاحقا بسبب اصابته برصاص الشرطة خلال ليلة مداهمة بيت دمير في يوليو (تموز) من السنة الماضية. وقال زارلي إنه التقى آيت أوزو في أفغانستان، وتعرف عليه هناك، وبعد عودة هذا الأخير للمغرب اتصل به واخبره ان شقيق دمير قتل في أفغانستان خلال القصف الأميركي وطلب منه مرافقته الى بيت محمد دمير لتعزيته.

ونفى زارلي ان يكون قد تحدث مع دميرحول تنفيذ عمليات ضد مصالح يهودية وأميركية في المغرب. وقال ان موضوع حديثه معه كان يتعلق في مقاطعة البضائع الأميركية.

واعترف زارلي في خضم إجابته على اسئلة القاضي أنه توسط لآيت أوزو في شراء 14 جواز سفر مزوراً لدى اشخاص متخصصين في الهجرة السرية في مدينتي بن سليمان وخريبكة، وقال ان هذا الاخير ارسلها الى أفغانستان عبر تركيا واندونيسيا قصد استعمالها من طرف بعض الأفغان العرب الذين أضاعوا جوازاتهم في أفغانستان. ونفى زارلي ان يكون قد أحرق جواز سفره قصد اخفاء تأشيرة دخوله الى أفغانستان كما جاء في المحاضر. وقال للقاضي إنه دخل بتأشيرة رسمية حصل عليها في الرباط، وان جوازه قد ضاع منه في مدينة ميلانو بإيطاليا وأبلغ السفارة بذلك وتسلم منها جوازا جديدا صالحا لمدة سنة.

اما المتهم بوشعيب كرماج فصرح للقاضي أنه بعد حصوله على الاجازة في الحقوق بالمغرب اشتغل كخبير محلف لدى المحاكم ثم عمل في المحاماة لمدة وجيزة. وقال انه التحق بجماعة «الدعوة والتبليغ» منذ 1998، وصار يتردد على مسجد النور في الحي الحسني، الذي تتخذه هذه الجماعة مقراً لها قبل ان يذهب في اطار نفس الجماعة الى باكستان ثم الى أفغانستان حيث عمل لمدة سنة في تعليم العربية للأفغانيين في اطار نشاط الجماعة ذاتها. ونفى ان يكون قد تلقى تدريبات عسكرية هناك او اكتسب أية خبرة في المتفجرات كما تنسب اليه محاضر التحقيق. كما نفى ما جاء في المحاضر من ان دمير قدم له مبلغ 30 ألف درهم لقاء تركيب متفجرات لتستعملها جماعته في عمليات تخريبية.

ومن جهته، قال المتهم عمر معروف انه بعد حصوله على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) هاجر الى الدنمارك، وحصل على جنسيتها، واضاف انه اعاد أولاده للمغرب قصد اتمام دراستهم في بلده الأصلي. وفي يوم 26 فبراير( شباط) الماضي اوقفته السلطات الأمنية في مدينة طنجة وهو داخل للمغرب وسلمته الى المخابرات. وقال معروف للقاضي انه لم يتعرض لأي تعذيب سواء لدى المخابرات او لدى الشرطة القضائية ووصف معاملتهم له بـ«الجيدة».

وحول علاقته بالمتهمين، قال معروف انه تعرف على دمير عام 1995وذلك بسبب علاقة الصداقة التي كانت تربط والدتيهما. وحول تصريحاته لقاضي التحقيق بشأن القضية قال معروف «لقد طلب مني ضباط الشرطة القضائية ان اصرح لقاضي التحقيق انه بينما كان يتحدث مع دمير وأبو الياس حول معاناة الفلسطينيين اقترح هذا الاخير ضرب مصالح يهودية بالمغرب، وان أبو الياس (المتهم محمد المجاوي) استشار أبوحذيفة (أحمد رفيقي شيخ المغاربة الأفغان) الذي نهاه وقال له ان ذلك فيه ضرر ولا يجوز القيام به، فتخلى أبو الياس عن الفكرة». واضاف ان ضباط الشرطة القضائية طمأنوه بأن وضعيته سليمة وان عليه فقط ان يدلي بذلك التصريح لقاضي التحقيق وسوف يطلق سراحه. وقال معروف ان لا علم له بتجارب لتركيب الصواعق والمتفجرات.

ونفى المتهم العربي دقيق ان يكون على علم بإجراء المتهم اليزيد اجرف تجارب لتركيب المتفجرات. وقال انه يعرف أجرف لأنه كان يشتغل معه ويسكن قربه. وصرح ان أجرف دعاه مرة لحفل عقيقة (السبوع) وكان من بين الحاضرين الميلودي زكرياء (أمير جماعة الصراط المستقيم وأحد المتهمين في تفجيرات الدار البيضاء) وكان البيت غاصا بالمدعوين، وألقى زكرياء درسا قال دقيق انه لم يعد يتذكر موضوعه خصوصا انه أمي.

وفي موضوع ذي صلة، قرر القاضي الطلفي تأجيل محاكمة الدفعة الثانية من معتقلي «السلفية الجهادية» حتى يوم 16 من الشهر الجاري بطلب من المحامين الذين التمسوا مهلة لاعداد الدفاع، وتضم هذه الدفعة 5 أصوليين متشددين متهمين بتكوين عصابة اجرامية ومحاولة القتل العمد ومحاولة تخريب منشآت عمومية.