أبو مازن يؤجل لأجل غير مسمى اجتماعه المقرر اليوم مع شارون ومصادر فلسطينية تؤكد أنه يهدد بالاستقالة من اللجنة المركزية لفتح

TT

اجل رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) الى اجل غير مسمى، اجتماعه الخامس المقرر مع نظيره الاسرائيلي ارييل شارون مساء اليوم. اكد ذلك مسؤول في مكتب ابو مازن لـ«الشرق الأوسط» عازيا قرار التأجيل الى مماطلات الحكومة الاسرائيلية في قضية الافراج عن الاسرى التي تحظى باهتمام غير عادي في الشارع الفلسطيني على حد قول المصدر.

واكد ذلك وزير الاعلام الفلسطيني نبيل عمرو بقوله ان الاجتماع «تأجل بسبب خلافات» حول قضية المعتقلين الفلسطينيين في سجون اسرائيل. وحسب عمرو فان الجانب الفلسطيني ابلغ الجانبين الاسرائيلي والاميركي برغبته في تأجيل اللقاء لان قضية المعتقلين تتفاعل بشكل كبير وهي قضية ذات تأثير كبير على الوضع الداخلي وعلى المناخ العام الذي يفترض ان يجري فيه اللقاء».

لكن مصادر فلسطينية اعادت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» سبب تأجيل الزيارة الى الانتقادات الشديدة التي وجهتها اللجنة المركزية لحركة فتح والقيادة الفلسطينية التي اجتمعت بعد ظهر اول من امس في مقر الرئاسة الفلسطينية بناء على دعوة من الرئيس ياسر عرفات، لاداء حكومة ابو مازن وكذلك طريقة تعاملها مع اداء الحكومة الاسرائيلية. وقالت المصادر ان القيادة الفلسطينية، لا سيما عدد من اعضاء اللجنة المركزية لفتح اعربوا عن عدم ارتياحهم لاداء الحكومة وطريقة هذا الاداء. ووصفت المصادر الاجتماع «بحرب تبادل فيها ابو مازن وبعض اعضاء اللجنة القصف الكلامي الثقيل، وصل الحد لدى البعض الى مطالبته بالاستقالة».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر فلسطينية ثانية ان ابو مازن عرض بعد الاجتماع على الرئيس عرفات استقالته من عضوية اللجنة المركزية لفتح لكن مسؤولا في مكتبه رفض نفي او تأكيد هذه الانباء. واضاف المسؤول «لا نعرف ما يدور في ذهن ابو مازن».

ونسبت صحيفة «هآرتس» الى مسؤولين فلسطينيين كبار قولهم لوكالة رويترز «ان ابو مازن عرض استقالته في رسالة بعث بها الى عرفات عقب الاجتماع. كما بعث اليه برسالة اخرى طالب فيها اعضاء اللجنة المركزية بتحديد الاسلوب الذي يريدونه ان يدير به حكومته والمفاوضات فان لم يعجبه ذلك فانه سيضطر الى الاستقالة».

وتواصلت اجتماعات اللجنة المركزية ظهر امس برئاسة عرفات، حيث ناقشت «الانتهاكات الاسرائيلية». وحسب ما جاء في بيان لوكالة الانباء الفلسطينية «وفا» فان اللجنة المركزية لحركة فتح واصلت «اجتماعاتها في مقر الرئاسة في رام الله وتناول الاجتماع الاوضاع الحالية في ظل تواصل الانتهاكات الاسرائيلية». واوضح انه تم «بحث الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق ابناء الشعب الفلسطيني» وبحث الاجتماع ايضا «عددا من القضايا الداخلية».

كما عقدت فتح اجتماعا وصف بانه ساخن لمجلسها الثوري قوم فيه الاعضاء موقف حكومة ابو مازن واداءها على مدى الاشهر الثلاثة الماضية.

وحسب المصادر الفلسطينية فان الانتقادات لأبو مازن وحكومته تركزت حول ثلاث قضايا اساسية وهي الطريقة التي تتعامل بها مع الحكومة الاسرائيلية وادائها التفاوضي واللقاءات المستمرة التي لا تثمر عن اي نتائج تذكر، اضافة الى اللقاءات الوزارية التي تتم في مقار وزارات اسرائيلية مقامة في القدس الشرقية المحتلة واستمرار الحصار على الرئيس عرفات وقضية الاسرى.

وانتقد اعضاء اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسب المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها اداء الحكومة وابدوا عدم ارتياح، بل انزعاجا من هذا الاداء الذي لم يسفر حتى الآن عن نتائج ايجابية.

يذكر ان اجتماع ابو مازن مع شارون في مقر الاخير في القدس الغربية، كان سيحسب الاجتماع الخامس من نوعه، منذ تولي ابو مازن رئاسة الحكومة في 30 ابريل (نيسان) الماضي.

وهاجم الاعضاء بشكل خاص السماح لوزراء في الحكومة وهما وزير شؤون الاسرى هشام عبد الرازق ووزير العدل عبد الكريم ابو صلاح، بلقاء وزير الداخلية الاسرائيلي يوسف بليد في مقر الوزارة القائم في شارع صلاح الدين في القدس الشرقية المحتلة. واعتبر مثل هذا التصرف اعترافا من الحكومة بالاحتلال الاسرائيلي للمدينة المقدسة حسب قول المصادر. واستهجنت المصادر وقوع وزراء فلسطينيين في مثل هذا الخطأ الذي لم يقع فيه ان وزراء خارجية في الاتحاد الاوروبي وغيرهم يرفضون لقاء نظرائهم الاسرائيليين في القدس الشرقية. واعتذر الوزيران عن هذا التصرف الذي اعتبراه زلة.

وتناول اعضاء اللجنة المركزية والتنفيذية موضوع الحصار المفروض على الرئيس عرفات. وطالبوا بوضعه في رأس اولويات الحكومة. وذكروا ابو مازن بالتعهد الذي قطعه على نفسه في قضية السفر من دون رفع الحظر عن عرفات.

يذكر ان ابو مازن سيزور النرويج بناء على دعوة من رئيس وزرائها في 16 يوليو (تموز) المقبل وهو مدعو لزيارة واشنطن. لكن يستبعد ان يقوم بزيارة العاصمة الاخيرة بسبب الحصار على عرفات. والنقطة الثالثة التي تعرض فيها ابو مازن لانتقادات شديدة هي قضية المعتقلين.

يذكر ان الحكومة الاسرائيلية وافقت يوم الاحد الماضي من حيث المبدأ على الافراج عن 350 معتقلا فلسطينيا ووضعت عددا من المعايير للافراج عن المعتقلين. واستثنت اسرائيل من ذلك كل فلسطيني «تلطخت يداه بدماء يهودية واعضاء في حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ولم تتطرق الى معتقلين سياسيين امثال مروان البرغوثي وحسام خضر عضوي المجلس التشريعي الفلسطيني وعبد الرحيم ملوح المساعد نائب الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وتحظى قضية الاسرى باهتمام غير عادي في الشارع الفلسطيني فقلما يمر يوم من دون صدور بيان او تنظيم مسيرة تطالب بالافراج عن المعتقلين الذين يتراوح عددهم ما بين 6000 ـ 8000 معتقل.

وفي هذا الاطار أعلن المعتقلون من حماس في سجن نفحة الاسرائيلي اضراباً مفتوحاً عن الطعام، مؤكدين تمسكهم بحقهم في الحرية ومعلنين أنهم لن يقبلوا أن يكونوا ضحية للمسار السياسي التفاوضي. واعلنت حركة حماس تمسكها بالتزامها تجاه الأسرى في ما طرحته في المبادرة المشتركة مع حركة الجهاد. وقالت «ان العدو الصهيوني يتحمل وحده مسؤولية العواقب الناتجة عن عدم اطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، وان الخطوة الأخيرة التي أعلنت يوم اول من أمس باستثناء المعتقلين من حركتي حماس والجهاد والجبهة الشعبية من أي عملية افراج هي خطوة سلبية مرفوضة تؤكد أن العدو الصهيوني ما زال مصراً على البطش بشعبنا والنيل من ارادته وعزيمته».

ورفضت حماس «التفريق بين الأسرى على أساس الانتماء السياسي» واعتبرت «ان هدف العدو من هذه الخطوة العمل على تمزيق الوحدة الوطنية بشكل عام ووحدة موقف الأسرى في السجون على وجه الخصوص».

ودعت حماس «قيادتنا الفلسطينية التاريخية وعلى رأسها الرئيس ياسر عرفات» كما دعت «الحكومة الفلسطينية برئاسة الأخ محمود عباس (أبو مازن) الى عدم الاستجابة الى الموقف الاسرائيلي بتصنيف الأسرى الى فئتين: الذين قاموا بقتل اسرائيليين، والذين لم يقوموا بقتل اسرائيليين. بل ندعوهم الى تبني موقف الأسرى الذين هم أسرى حرب يدافعون عن كرامة شعبهم وحريته، وان تعمل جاهدة الى طرح قضيتهم بشكل جماعي مبني على جدول زمني للافراج عن جميع الأسرى والأسيرات حتى حلول عام 2005 كي لا نعود الى دوامة تجربة مفاوضات اوسلو تجاه الأسرى، بل علينا ان نستفيد من تلك التجربة بعدم تجزئة قضية الأسرى».

الى ذلك نقلت «هآرتس» عن مسؤولين امنيين اسرائيليين قولهم ان الحكومة الاسرائيلية قد تشمل في قائمة المعتقلين اللذين ستفرج عنهم عددا قليلا من اسرى حماس والجهاد. وقال المسؤولون انه رغم الحديث عن عدم الافراج عن معتقلي حماس والجهاد من حيث المبدأ الا ان نقاشا يدور حول امكانية اطلاق بعضهم، وتحديدا نشطاء في القيادات السياسية وعسكريون من ذوي الرتب الصغيرة لم يدانوا في عمليات عسكرية.