فرنسا تطالب بقرار جديد في مجلس الأمن حتى تسهم بقوة عسكرية في العراق

TT

أفادت مصادر رسمية فرنسية بأن باريس تعتبر أن «الظروف والشروط السياسية والقانونية والفنية غير متوافرة في الوقت الحاضر لمشاركة عسكرية فرنسية في العراق»، وفق ما تتمناه الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتان فشلت قواتهما حتى الآن في توفير الأمن والاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب على العراق.

وأمس، قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية هيرفيه لاوسو، تعليقا على ما صرح به السفير الأميركي هوارد ليش لصحيفة «لابروفانس» من أن واشنطن «لا تستبعد حضورا فرنسيا في بغداد»، إن هذه المسألة «ليست مطروحة في الوقت الحاضر وأن فرنسا لم تتسلم أي طلب بهذا المعنى من أية جهة كانت».

وكان السفير الأميركي قد أعلن أن «الحضور الدولي في (العراق) مرغوب فيه»، مضيفا أن القرار النهائي بخصوص دور الأمم المتحدة «لم يتخذ بعد ولكن لا نستبعد حضورا فرنسيا في بغداد» في إطار «عملية حفظ السلام» في العراق.

وقالت المصادر الفرنسية التي سألتها «الشرق الأوسط» أمس إن «مشاركة فرنسية في الإطار القانوني الراهن، أي القرار الدولي رقم 1483، غير مطروحة البتة، وأن مثل هذه المشاركة تفترض إطارا قانونيا مختلفا أي قرارا جديدا في مجلس الأمن الدولي».

وإذا كانت باريس «لا ترفض في المطلق» فكرة المشاركة في قوة سلام في العراق، فإنها، في المقابل، تشترط «الخروج من وضعية تتمات الحرب الأميركية ـ البريطانية على العراق.

وترى هذه المصادر أن الوضع الحالي، في العراق، يتمثل في وجود «قوى احتلال» عاملة في مرحلة «توفير الأمن»، ولفترة «ما بعد النزاع». وفي المقابل فإن باريس تريد ان ساهمت بقواتها في إطار الحلف الأطلسي أو في إطار قوة دولية أخرى، «وضعية قانونية وذهنية وسياسية مختلفة تماما» ولا علاقة بما نراه حاليا في العراق حيث مقومات البلد في أيدي الولايات المتحدة الأميركية.

وقالت مصادر دفاعية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن الأجهزة المختصة في وزارة الدفاع «ليست بصدد تحضير أية خطط لإرسال قوات فرنسية إلى العراق. لكن وزيرة الدفاع ميشال أليو ـ ماري لم تغلق الباب الأسبوع الماضي بوجه هذه المشاركة رابطة أياها، في أي حال، بالإطار القانوني الملائم وبالإمكانيات والعملياتية والبشرية للقوات الفرنسية التي تساهم بقوات في أكثر من مسرح للعمليات، عبر العالم، مثل أفغانستان وشاطئ العاج والكونغو، إضافة إلى كوسوفو والبوسنة.

وتحرص فرنسا، في أي حال، على ألا تفسر مشاركتها في العراق بقوات عسكرية على أنها إضفاء الشرعية على الحرب الأميركية ـ البريطانية التي عارضتها باريس بقوة في مجلس الأمن الدولي وخارجه. وتفسر باريس الطلب الأميركي، غير الرسمي حتى الآن، على أنه «اعتراف بالفشل» واعتراف لاحق بصوابية الموقف الفرنسي. وقالت باريس باستمرار إنه من السهل على بلد (الولايات المتحدة) أن يربح الحرب لوحده (في العراق) ولكن من الصعب أن يبني وحده السلام.

وبحسب المصادر الفرنسية، يجب أن تتغير صورة الوضع في العراق كلية حتى يمكن قبول المساهمة في قوة سلام في العراق. وأول المطلوب انتهاء سلطة «قوة الاحتلال» وانتقالها إلى أيدي العراقيين والانتقال من مرحلة «بعد الحرب» إلى مرحلة بداية إعادة البناء السياسي والاقتصادي للعراق. وفي هذه المرحلة الجديدة، ترى فرنسا أن دور الأمم المتحدة يجب أن يكون الأول والأساسي في العراق، وأن المنظمة الدولية يمكنها أن توفر الغطاء الشرعي لعمل قوة دولية، في إطار مهمة محددة المعالم وواضحة الانتداب. ويمكن للحلف الأطلسي أن يلعب دورا في هذا الإطار. لكن تبقى معرفة ما إذا كانت واشنطن مستعدة لإخلاء المكان لمنظمة الأمم المتحدة التي لم يعطها القرار 1483 إلا دورا رمزيا أم أن ما قاله سفيرها في باريس ليس سوى «بالون اختبار» لمعرفة ردود الفعل الفرنسية وغيرها.