الجيش الأميركي يعترف بأن «أسيرة الناصرية» لم تخض أي معركة بل اصطدمت سيارتها بعربة عسكرية

TT

يصدر الجيش الأميركي اليوم تقريرا من 15 صفحة يروي فيه ما حدث للمجندة الأميركية، جيسيكا لينش، الشهيرة بأنها أسرت في مدينة الناصرية بجنوب العراق «خلال معركة دموية في 23 مارس (آذار) الماضي» ثم أعيد تحريرها بعد 9 ايام في غارة للكوماندوز الأميركيين، وهو ما اعتبره الأميركيون أهم مظاهر الشجاعة خلال الحرب على العراق.

لكن التقرير ينسف الرواية السابقة عن المجندة لينش، ويعترف بأنها لم تخض معركة، ولا أفرغت مسدسين كانا بحوزتها من الرصاص وهي تقاتل في ساحة المعركة قرب الناصرية، ويؤكد أنها لم تصب بأي رصاصة، وأن ما حدث هو اصابتها بجروح في جسدها جراء اصطدام سيارة جيب كانت تقلها بجرار عسكري أميركي.

ويعترف التقرير بأن المجندة الأميركية، لوري آن بيستيوا، وهي صديقة لجيسيكا لينش في القسم 507 للصيانة، لم تقتل أيضا بسبب معركة أشيع بأن القوات الأميركية خاضتها ضد عناصر من فدائيي صدام، بل أصيبت بجراح في حادث ارتطام السيارة بالجرار، لأنها كانت هي من يقودها، ولفظت أنفاسها الأخيرة في مستشفى الناصرية، حيث كانت فيه أيضا زميلتها جيسيكا لينش طوال 9 أيام، سبقت تحريرها بهجمة ليليلة للكوماندوز الأميركيين بعد أن دلهم على مكانها المحامي العراقي، محمد عودة الرهىّف، المقيم الآن في الولايات المتحدة.

التقرير يروي أن ما حدث هو أن قذيفة مدفع عراقية سقطت بالقرب من قافلة مدرعات تقل أكثر من 30 جنديا أميركيا قرب الناصرية، فقتل منهم 11 جنديا، وأصيب آخرون بجروح، وحدثت بلبلة في المكان، فاصطدم الجرار بالسيارة وكان ما كان من وقوع المجندة أسيرة لجنود عراقيين نقلوها الى مستشفى قريب، حيث ساهم المحامي الرهيّف بانقاذها بعد أن دل الأميركيين على مكانها.

وقد حاولت «الشرق الأوسط» التحدث أمس الى الرهيّف في واشنطن للاستفسار منه عما جرى، لكن اتضح انه ممنوع من التحدث الى الصحافة، وكذلك زوجته التي كانت ممرضة بمستشفى الناصرية بالذات، والسبب أنه عقد اتفاقا مع دار للنشر تقاضى بموجبه سلفا 500 ألف دولار لتأليف كتاب يروي فيه تفاصيل عملية الانقاذ التي خرج بعدها بطلا في نظر الأميركيين الى درجة أن بعضهم أسس جمعية تحمل اسمه وتجمع له التبرعات، بل وأعدت مسيرات شارك فيها مشرفون على مركز اسلامي، وامام مسجد في المركز، هو الشيخ السوري جمال داودي.

وكان الامام جمال ذكر لـ «الشرق الأوسط» سابقا أن «جمعية أصدقاء محمد» التي أسسها ويرأسها الأميركي، جيمس كيلبو، تنوي اقامة ذكرى سنوية كل عام لتذكير الناس بمساهمة المحامي الرهيّف في انقاذ المجندة لينش.

وما زال الامام جمال، الذي لم يلتق الى الآن بالمحامي محمد، الذي حصل وزوجته ايمان وابنته البالغ عمرها 5 سنوات على حق الاقامة رسميا في الولايات المتحدة، ينوي الاستمرار في المشروع باقامة ذكرى سنوية. بل زاد أمس عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» وقال إن «جمعية أصدقاء محمد» وكذلك المركز الاسلامي بجنوب ولاية فيرجينيا، حيث يؤم الشيخ جمال الصلاة منذ 20 شهرا في مسجده كل يوم، نظم مسيرة في 24 مايو (أيار) الماضي، أي قبل يومين من ذكرى «الذين قضوا في الحرب» وهو يوم وطني وسنوي في الولايات المتحدة «للتذكير بالأميال الستة التي قطعها المحامي محمد من الناصرية الى حيث كانت القوات الأميركية خارجها، ليبلغهم عن مكان وجود المجندة جيسيكا في المستشفى، بحيث أنقذوها من الأسر فيما بعد» حسب قوله.