وزارة الطيران ترد على الخارجية السودانية: سقوط الطائرة لا علاقة له بالحصار الأميركي على السودان

تضارب في تصريحات المسؤولين حول الصيانة و«سودانير» تؤكد: بوينغ تقوم بزيارات منتظمة وآخر صيانة للطائرة تمت في يونيو

TT

يواصل المسؤولون السودانيون تحقيقاتهم حول الاسباب الكامنة وراء كارثة تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية السودانية التي أودت بحياة ركابها الـ115 ولم ينج منها سوى طفل في الثالثة من العمر وسط تضارب في تصريحات المسؤولين حول وجود مشاكل في صيانة الطائرات.

ونفى طه عبد الله ياسين وكيل اول وزارة الطيران السودانية ان تكون الطائرة التي سقطت في بورتسودان فجر اول من امس كانت تعاني من نقص في قطع غيار كما ذكر وزير الخارجية مصطفى عثمان اسماعيل في معرض اتهامه لاميركا بفرض الحصار على السودان. وأكد ياسين لـ«الشرق الأوسط» أن هناك صيانة منتظمة بمواقيت محددة تقوم بها شركة بوينغ العالمية. كما نفى المدير العام لشركة الخطوط السودانية (سودانير) احمد اسماعيل زمراوي وجود نقص في قطع غيار الطائرات من طراز بوينغ 737، وأكد انه لا يسمح بتحليق اي من طائرات الركاب دون وجود قطع الغيار اللازمة.

وقال زمراوي ان عمليات الصيانة المعتمدة لطائرات الخطوط السودانية ذات «مستوى رفيع للغاية»، موضحا انه يتم اجراء الفحوص للطائرات بشكل منتظم ودقيق. واكد ان الطائرة كانت في حالة جيدة ولم يكن هناك اي مؤشر على وجود خطأ في الصيانة. واضاف ان الطائرة قامت برحلاتها المقررة «بطريقة مرضية» بما في ذلك رحلات الى السعودية ودول الخليج.

وكان وزير الدولة المكلف شؤون الطيران المدني محمد حسن البهي قد قال ان «قائد الطائرة عوض بلال ابلغ برج المراقبة بعد 10 دقائق من الاقلاع انه يواجه صعوبات في احد المحركات وانه يريد العودة من اجل اصلاحه». واضاف الوزير «بعد تلقيه ردا ايجابيا، قام الربان بنصف استدارة محاولا الهبوط الا ان الطائرة تحطمت واندلعت فيها النيران».

وكان وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل قد أعلن اول من امس ان الحظر الاميركي المفروض على السودان مسؤول عن حادث الطائرة. واكد خلال مؤتمر صحافي عقده في مابوتو حيث تفتتح اليوم قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي، ان الطائرة المنكوبة لم تخضع لعمليات صيانة منذ «خمس او ست سنوات» بسبب عدم توافر قطاع الغيار. الا ان وزارة الخارجية الاميركية صرحت في وقت متاخر من مساء اول من امس بأن العقوبات الاميركية المفروضة على السودان لا تمنع تسليم قطع غيار للطائرات اذا ما قدم السودان طلبا بذلك. ويتوقع وصول ممثل لشركات التأمين الى الخرطوم اليوم او غدا للتحقيق في سبب الحادث قبل تقييم التعويضات التي سيتم دفعها للخطوط السودانية وعائلات الضحايا. وقال المدير العام لشركة شيكان للتأمين، عثمان الهادي، في تصريحات صحافية ان «التأمين على الطائرة كان ممتازا وترتيبات التأمين كانت صحيحة». واضاف الهادي ان شركة الخطوط السودانية المملوكة للحكومة اجرت ترتيبات «من الدرجة الاولى» مع شركات التأمين العالمية.

من جهته اشار ياسين حول موضوع الصيانة الى ان الطائرة اخذت حمولتها كاملة من وقود وركاب وامتعة مما يدل على ان الموضوع لا علاقة لها بقطع الغيار، وأكد ان المقاطعة الأميركية لم تؤثر على تشغيل طائرات الخطوط الجوية السودانية ولكنها اثرت على اسعار قطع الغيار وقيمة التشغيل، مشيرا الى ان الشركة حريصة على إجراءات السلامة وهي تقصر في مواقيت الرحلات من أجل التدقيق والسلامة. واوضح ان هذه الطائرة تمت صيانتها في الموعد المحدد وتحمل شهادة صلاحية من الطيران المدني. وردا على سؤال عن آخر مرة تمت فيها منح شهادة صلاحية للطائرة، قال ياسين «لا استطيع ان احدد ذلك لانه ضمن القضايا موضع التحقيق ونحن لا نريد ان نؤثر على فريق التحقيق». وحول اتهامات بأن قدم الطائرة وتأخر صيانتها كان سبب الحادث، قال «هناك توصيات محددة بالصيانة تقدرها شركة «بوينغ» بالاتفاق معنا وبرنامجها ممتاز، وبالنسبة لهذه الطائرة فان آخر صيانة كبرى تمت في مارس (اذار) الماضي واخر صيانة روتينية تمت في منتصف يونيو (حزيران) وبرنامج الصيانة يسير بنسبة 100 في المائة».

وحول امكانية ان يكون عطل في ماكينة الطائرة سبب الكارثة اوضح ياسين: «نحن نجري سنوياً تجربة عملية لتوقف إحدى ماكينات الطائرات اثناء الإقلاع. وقد جرى هذا للطائرة المنكوبة في مارس الماضي وعرضنا الطائرة لنفس الظروف التي تعرضت لها اثناء الحادث ومما يدل على ان الطائرة لم تتعرض لعطل خطير وان الكابتن كان يتصرف بهدوء فعندما سئل من برج المراقبة ما اذا كان في حاجة الى اعلان حالة الطوارئ بالمطار قال ان الامر لا يحتاج، وعندما سئل ما اذا كان في حاجة للهبوط آليا قال انه سيهبط بالرؤية العادية. اذن الطيار لم يكن منزعجاً ولكنه لم يحدد نوع العطل مما يعني انه كان واثقاً من امكانية الهبوط بسلام، والاسباب قد تكون واضحة لنا ولكن لا نستطيع الافصاح عنها حتى لا نؤثر على سير التحقيق».

وفي واشنطن اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ردا على اتهام الخرطوم السياسة الاميركية بأنها المسؤولة عن حادث تحطم الطائرة، ان العقوبات الاميركية المفروضة على السودان لا تمنع تسليم قطع غيار للطائرات اذا ما قدم السودان طلبا بذلك. وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب ريكر «رغم خضوع السودان ودول اخرى متهمة بدعم الارهاب لعقوبات اميركية، ففى الامكان تسليم رخص خاصة، لكل حالة على حدة، لتصدير سلع وخدمات وتكنولوجيا ترمي الى توفير سلامة النقل الجوي والطائرات التجارية الاميركية الصنع». ولم يكن في وسع ريكر ان يقول ما اذا كانت السلطات السودانية قد تقدمت بمثل هذا الطلب، لكنه اوضح ان دولا اخرى في الوضع نفسه تمكنت في السابق من الحصول على قطع غيار لطائرات مدنية اميركية الصنع، وذلك رغم العقوبات المفروضة.

وحول التحقيقات الجارية حاليا في السودان اوضح عبد الله ياسين وكيل اول وزارة الطيران السودانية ان فريق التحقيق مكون برئاسة سر الختم كمبال مدير دائرة شؤون الطيران بوزارة الطيران المدني. وأضاف «ما هو متوفر من معلومات وإلى ان يحين تفريغ محتويات الصندوق الاسود في الخارج، يشير إلى أن احدى ماكينتي الطائرة المنكوبة تعطلت بعد إقلاع الطائرة بعشر دقائق واخطر الكابتن برج المراقبة بالعطل وطلب الاذن بالعودة واثناء محاولة الهبوط في المطار سقطت الطائرة في غابة من نبات «المسكيت» واصطدمت بصخرة وتناثر حطامها. وقد بذل الكابتن وفقاً لبرج المراقبة جهوداً ضخمة للهبوط بسلام حتي يجنب المدينة كارثة».