محكمة أميركية تقرر تعويضات بمليار دولار لجنود أميركيين أسروا في العراق خلال حرب الخليج

غموض في موقف إدارة بوش حول تطبيق الحكم بعد قرارها إعادة الأموال العراقية المجمدة وتخصيصها للإعمار

TT

أصدر قاض فيدرالي اميركي قرارا بمنح مجموعة من الجنود الاميركيين واسرهم تعويضا بنحو مليار دولار اثر رفعهم دعوى ضد الرئيس المخلوع صدام حسين والعراق وجهاز الاستخبارات العراقي بسبب التعذيب الذي تعرضوا له عند احتجازهم خلال حرب الخليج عام .1991 ويعتبر التعويض الذي منح للمدعين واحدا من اكبر التعويضات منذ بدء العمل عام 1996 بقانون يسمح لضحايا التعذيب والاعتداءات الاخرى بملاحقة الدول على الإصابات الناجمة عن التعذيب الذي تعرضوا له. وقال ريتشارد روبرتس، قاضي المحكمة التي اصدرت قرار التعويض، ان الاسرى السابقين الـ17 قد تعرضوا الى «وحشية مفرطة» من الجانب العراقي خلال احتجازهم. إلا انه لم يتضح بعد المبلغ الذي سيتسلمه المدعون خصوصا ان ادارة الرئيس جورج بوش تعارض محاولتهم الحصول على هذه التعويضات.

فقد اصدر البيت الابيض في مارس (آذار) الماضي، عشية الحرب الاخيرة ضد العراق، قرارا بإعادة توجيه مبلغ 1.73 مليار دولار من الارصدة العراقية المجمدة، وهي المبالغ التي يأمل المدعون في الحصول على تعويضاتهم منها، الى عمليات إعادة البناء في العراق بعد انتهاء الحرب.

من جانبه، قال ستيف فينيل، وهو واحد من محامي المدعين، ان قرار المحكمة الاخير يمثل «اعترافا طال انتظاره بالفظائع التي ارتكبت ضد هؤلاء الاميركيين الشجعان». وأضاف فينيل ان هذه القضية تؤكد رفض افراد الجيش الاميركي قبول التعذيب كحدث طبيعي في الخدمة العسكرية، مؤكدا ان الذين مارسوا التعذيب يجب ان يتحملوا مسؤولية ما ارتكبوه.

وواصل فينيل حديثه مؤكدا على شجاعة ووطنية الجنود الاميركيين، مضيفاً ان المتوقع من الادارة الاميركية الحرص الكامل على تطبيق العدالة فيما يتعلق بقضية الاسرى السابقين الذين تعرضوا للتعذيب، إلا ان الإدارة الاميركية، طبقا لحديثه، «لها هدف آخر يرمي الى تخصيص الارصدة العراقية المجمدة في اوجه صرف اخرى». واشار فينيل الى انه يأمل في يصبح الرئيس بوش مدركا تماما لهذا الجانب ويتخذ خطوة صحيحة. ورفض متحدث باسم البيت الابيض التعليق على هذه القضية.

واصدر قاضي المحكمة قرارا بمنح تعويضات قدرها 959 مليون دولار للمدعين على ان يحصل كل اسير سابق على مبالغ تتراوح بين 16 و35 مليون دولار تعويضا لكل منهم بسبب الاصابات التي لحقت بهم خلال فترة اسرهم وبسبب الآثار الجسدية والنفسية المستمرة عقب إطلاق سراحهم.

وطبقا لقرار المحكمة، يفترض ان يتسلم 37 زوجاً وزوجة وافراد آخرون من عائلات الاسرى المذكورين، الذين اعتبروا كمدعين في القضية، مبالغ تتراوح بين 5 و10 ملايين دولار لكل منهم. وبالإضافة الى مبلغ 653 مليون دولار للأضرار والتعويضات، يشتمل المبلغ الكلي الذي ورد في قرار المحكمة على 306 مليون دولار عبارة عن «تعويضات تأديبية» تهدف الى معاقبة وردع سوء التصرف والنيات.

واورد القاضي روبرتس في معرض قراره ان القضية «تشتمل على ممارسة منظمة للتعذيب الجسدي والنفسي من قبل عملاء متخصصين في جهاز الاستخبارات العراقي»، كما تحدث في بيان المحكمة الصادر بشأن القضية حول «بيئة سادتها الوحشية الجسدية وإلحاق الاذى الجسدي».

جدير بالذكر ان الاسرى السابقين الـ 17 موضوع الدعوى كانوا من بين 21 اسيراً اميركياً خلال حرب الخليج عام 1991 التي استمرت سبعة اسابيع، اذ ان غالبيتهم من الذين اسقطت طائراتهم فوق الاراضي العراقية او الكويتية وتم احتجازهم فيما بعد في زنزانات ارضية بالمقر الرئيسي للشرطة السرية العراقية. والى جانب الضرب والاحتجاز في ظروف سيئة تعرض الاسرى لعمليات إعدام وهمية واستخدموا كدروع بشرية، كما فحص الحراس الاجهزة التناسلية للاسرى لمعرفة ما اذا كانوا مختونين وبالتالي يهودا.

وكان المقدم بسلاح الجو الاميركي جيفري تايس، الذي اسقطت طائرته من طراز «اف 16» بواسطة صاروخ عراقي، قد تعرض لنوع من التعذيب عن طريق الصعق بالكهرباء بواسطة جهاز اطلق عليه «توكمان» جرى لفه حول رأسه، كما اجبر تايس على توجيه مسدس الى رأسه وممارسة لعبة «الروليت» الروسية.

اما الرقيب ديفيد لوك، الذي اسر عندما توقفت الشاحنة التي كان يقودها في موقع للجيش العراقي، فقد اصيب برصاصة في بطنه وحاول الحراس العراقيون بعد اسره إزالة الرصاصة بدون استخدام أي مخدر ولم ينجحوا في ذلك، طبقا لما ورد في بيان المحكمة الذي تلاه القاضي ريتشارد روبرتس.

وقال ديل ستور، وهو طيار سابق وواحد من المدعين بقي في الاسر مدة 33 يوما، ان قرار المحكمة يعتبر تأكيدا لعدم قبول الاعتداء على اسرى الحرب مثلما حدث في العراق وعدم إمكانية ممارسة التعذيب والإفلات من العقاب.

تجدر الاشارة الى ان الكونغرس الاميركي كان قد اجرى تعديلا عام 1996 على قانون حصانة السيادة الاجنبية ليسمح برفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الاميركية من قبل ضحايا التعذيب والانتهاكات الاخرى ضد الدول المدرجة في قائمة وزارة الخارجية الاميركية الخاصة بالدول التي تساند الارهاب.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»