اعتقال وزير الداخلية العراقي السابق واستسلام عضو في مجلس قيادة الثورة واستجواب ضابط استخبارات يشتبه أنه التقى الانتحاري محمد عطا في براغ

واشنطن تأمل في أن يسلط المحتجز أحمد العاني الضوء على العلاقات المزعومة بين صدام و«القاعدة» وقائد منفذي تفجيرات 11 سبتمبر

TT

أفاد الجيش الاميركي امس بأن القوات الاميركية في العراق اعتقلت اثنين من كبار المسؤولين العراقيين السابقين ورد اسماهما على قائمة تضم 55 مسؤولا تلاحقهم هذه القوات. وقالت القيادة الوسطى الاميركية في بيان ان مزبان خضر هادي، المسؤول في حزب البعث وعضو مجلس قيادة الثورة الذي يأتي في المرتبة الـ23 في قائمة المطلوبين، استسلم للقوات الاميركية في بغداد.

كما تم اعتقال وزير الداخلية السابق محمد دياب الاحمد، الرقم 29 في قائمة الـ55، اول من امس في بلدة عراقية لم توضح القيادة الوسطى الاميركية اسمها. وقالت القيادة الوسطى الاميركية ان «قوات التحالف ستواصل العمل لاعتقال الاعضاء السابقين في نظام صدم حسين». وارتفع بذلك عدد المحتجزين من المسؤولين العراقيين السابقين الى 34 طبقا لأرقام القيادة الوسطى الاميركية. وعرضت الولايات المتحدة هذا الشهر مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يقدم معلومات تقود الى اعتقال الرئيس العراقي المخلوع او تؤكد وفاته وايضا 15 مليونا لمن يقدم معلومات مماثلة عن اي من ابنيه عدي وقصي. واهم المحتجزين لدى القوات الاميركية في العراق من القائمة المطلوبة عبد حمود محمود التكريتي، سكرتير صدام السابق الذي يأتي في المرتبة الرابعة في قائمة المطلوبين بعد صدام وولديه.

من ناحية ثانية، اكد مسؤولون أميركيون مساء اول من امس أن القوات العسكرية الاميركية اعتقلت ضابط الاستخبارات العراقي السابق أحمد خليل إبراهيم سمير العاني المشتبه في انه التقى بأحد أهم الخاطفين من أعضاء «القاعدة» قبل خمسة أشهر من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 في مدينة براغ. ومع أن السلطات التشيكية قالت بعد هجمات 11 سبتمبر، ان العاني قد التقى بالانتحاري المصري محمد عطا في براغ، إلا أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) ومكتب المباحث الفيدرالي (إف.بي.آي) قالا انه لا توجد أدلة على أن عطا قد غادر الولايات المتحدة وعاد إليها في الوقت الذي يفترض أنه التقى العاني. يذكر ان السلطات التشيكية كانت قد ابلغت إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش في البداية بأنها تعتقد ان العاني اجتمع بمحمد عطا للتخطيط لتفجير إذاعة أوروبا الحرة وإذاعة العراق الحر، إلا أنها عادت فيما بعد لتقول انها لم تعد واثقة أن ذلك الاجتماع قد حدث. ومع ذلك فإن القبض على العاني واستجوابه ربما يلقي بعض الضوء على ما إذا كانت هناك علاقة بين العراق ومنظمة «القاعدة» المتهمة بأنها نفذت هجمات 11 سبتمبر. وعندما كان الرئيس بوش يشرح أسبابه لغزو العراق كان يذكر حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل وعلاقته بالمنظمات الإرهابية بما فيها «القاعدة». وقال ريتشارد بيرل، عضو لجنة سياسات الدفاع، وأحد المؤيدين لنظرية وجود العلاقة بين العراق و«القاعدة»، أنه يأمل أن يؤدي اعتقال العاني إلى تأكيد صحة نظريته. واضاف «إذا اختار العاني الحديث فإنه ربما يؤكد صحة اجتماعه مع عطا. ولا بد انه يملك الكثير الذي يمكنه أن يبلغنا إياه. ولكن المسألة كلها تعتمد على من يجري التحقيق مع العاني». وقال بيرل انه إذا كانت «سي آي إيه» هي التي ستجري التحقيق فإنها ستنحرف به لتقلل من أهمية الشواهد التي تشير إلى أن الاجتماع مع عطا قد حدث بالفعل. وكانت «سي آي إيه»، وبعد أن بحثت وثائق السفر، قد قالت انها لم تعثر على اية بينات تشير إلى حدوث اجتماع العاني وعطا. وقال بيرل المعروف بانتقاداته للوكالة انها لم تعط أي وزن للأدلة التي تشير إلى أن ذلك الاجتماع قد حدث. ووصف الناطق باسم الوكالة، بيل هارلو، تصريحات بيرل بأنها «لا معنى لها». وقال هارلو: «تصريحاته تسيء إلى كل الرجال والنساء في «سي آي إيه»، الذين ينقلون كل يوم الأشياء كما يرونها، وليس كما يرغب البعض في تصويرها».

ونفي أحد المسؤولين بالوكالة، طالبا عدم ذكر اسمه، أن تكون الوكالة قد قللت من قيمة الشواهد التي تدل على اجتماع عطا والعاني. وقال «نحن مستعدون لقبول أنهما التقيا، ولكن يجب اقناعنا بشيء أكثر أهمية من شكوك بيرل. وبدلا من اتهامنا بالتحيز، فإن الأوضح أنه هو المتحيز. إنه يبحث فقط عن ذلك المحقق الذي يمكنه أن يطبخ له الحقائق لتلائم ذوقه وشهيته».

وقال المسؤولون الحكوميون انه من الممكن أن يحقق مع العاني مسؤولون من الجيش ومن «سي آي إيه». وقال أحد المسؤولين: «سيتعرض لتحقيقات شاملة من قبل كل المسؤولين في نهاية المطاف».

وأوضح مسؤول آخر أن العاني سيكون شخصية مهمة لأسباب تتخطى لقاءه مع محمد عطا، ذاكرا أنه نفذ مهمات «قذرة» نيابة عن الرئيس العراقي صدام حسين. وكان وزير الداخلية التشيكي ستانسلاف غروس، قد أعلن من خلال وسائل الإعلام، وبعد ستة أسابيع من هجمات 11 سبتمبر، أن العاني وعطا التقيا ببراغ قبل خمسة أشهر مضت. وقد طرد العاني من الجمهورية التشيكية بعد ذلك الاتهام بقليل، «لنشاطات لا تتوافق مع وضعه الدبلوماسي». وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، نقل رئيس الوزراء التشيكي ميلوس زيمان، إلى وزير الخارجية الاميركي كولن باول أن عطا والعاني ناقشا أثناء ذلك الاجتماع تنفيذ هجمات ضد رئاسة إذاعة أوروبا الحرة التي تمولها الولايات المتحدة، وليس الأهداف التي هوجمت يوم 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن.

وكانت كاميرات المراقبة الخاصة بإذاعة اوروبا الحرة قد التقطت العاني وهو يستطلع الموقع في أبريل (نيسان) 2001، أي في نفس الفترة التي كان من المفروض أن يكون قد تم فيها الاجتماع. وقد سلم شريط عن العاني من قبل المخابرات التشيكية بعد فترة قصيرة من ذلك التاريخ. وبعد هجمات 11 سبتمبر بفترة قصيرة وبعد نشر صور عطا على نطاق واسع، أدلى مخبر شرق أوسطي بمعلومات إلى الاستخبارات التشيكية قال فيها انه رأى محمد عطا قبل خمسة اشهر مجتمعا بالعاني. وهذه هي المعلومات التي استندت إليها السلطات التشيكية في تصريحاتها العلنية. لكن الرئيس التشيكي فاتسلاف هافل، تراجع في ديسمبر (كانون الاول) من نفس العام عن التصريحات السابقة وقال ان هناك احتمال «70 في المائة فقط» أن العاني التقى عطا. وبعد شهور من التحقيقات اللاحقة قال المسؤولون التشيكيون، العام الماضي، انه لم يعد بمقدورهم بعد الآن أن يؤكدوا أن الاجتماع قد حدث، وأبلغوا إدارة بوش بأن العاني ربما يكون قد اجتمع برجل آخر غير عطا.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»