مصادر دبلوماسية: الحكومة السودانية طلبت تأجيل المفاوضات أسبوعا

دانفورث يبحث في الخرطوم الجمع بين البشير وقرنق والخرطوم تنفي استبدال جنوب أفريقيا بوساطة كينيا

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية مطلعة ان الحكومة السودانية طلبت من الهيئة الحكومية للتنمية «ايقاد» التي ترعى مفاوضات السلام في كينيا، تأجيل الجولة المقبلة المقررة الاربعاء المقبل اسبوعا آخر لتمكينها من تسوية الخلافات حول الوثيقة التي طرحها الوسطاء كمشروع اتفاق سلام نهائي قابل للنقاش.

واشارت المصادر الى ان الخرطوم تسعى ايضا لدعوة مبعوث «ايقاد» الجنرال الكيني لازاراس سيمبويو الى الخرطوم لاجراء حوارات حول الوثيقة المثيرة للجدل، لكن المصادر استبعدت قبول الجنرال الكيني الدعوة بسبب استيائه من التصريحات الاخيرة التي اطلقها الرئيس السوداني عمر البشير قبل ايام، والتي قال فيها «على «الايقاد» ان تذهب في ستين داهية». وأوضحت المصادر انه في حال رفض سيمبويو الذهاب الى الخرطوم فان مستشار السلام السوداني الدكتور غازي صلاح الدين سيغادر الى نيروبي للاجتماع مع الجنرال الكيني ومناقشة الموضوع واحتواء تصريحات البشير.

من جهته قال الجنرال سيمبويو في نيروبي ان عملية السلام في السودان ما زالت في مسارها الطبيعي بالرغم من حدوث بعض الانتكاسات. وأوضح ان المفاوضات التي تبدأ في الثالث والعشرين من يوليو (تموز) الجاري ستواصل بحث نقاط الاختلاف المطروحة. واعلن في تصريحات صحافية عقب الجلسة الافتتاحية لمؤتمر منظمات المجتمع المدني في نيروبي أول من امس انه تسلم ردا من الحكومة حول بعض الامور الرئيسية في الوثيقة. واكد سيمبويو ان «المفاوضات ما زالت في مسارها ولم تنته كما يقول البعض». وعبر عن تفاؤله في ان يتم التوصل للسلام بمنتصف أغسطس (آب) المقبل. واضاف ان «مفاوضي الحكومة والحركة الشعبية يعلمون ان العالم يراقبهم ونحس انهم ملتزمون بتحقيق السلام في بلادهم».

وأكد المبعوث الأميركي للسودان السيناتور جون دانفورث الذي بدأ مباحثاته امس في الخرطوم ان دوره يقتصر على تقريب وجهات النظر بين الحكومة السودانية وحركة قرنق، ودعا في تصريحات الرئيس عمر البشير وزعيم الحركة الشعبية جون قرنق الى الاجتماع لحل خلافاتهما، مؤكدا ان أميركا لن تتخلى عن خيار السلام، ونفى ان تكون جولته التي بدأها بعد انهيار جولة المفاوضات بين الطرفين ستبحث عن بديل لحركة «الايقاد» او بهدف الوساطة واعتبر دانفورث ان وثيقة وسطاء «الايقاد» للحل النهائي ليست سوى بداية لانطلاقة مفاوضات جادة حول الموضوعات الاساسية ولا تعد وثيقة نهائية. ونفت الحكومة السودانية امس ان تكون طلبت استبدال وساطة جنوب أفريقيا بالوساطة الكينية. وقال الدرديري محمد أحمد القائم بأعمال السفارة السودانية في نيروبي وعضو وفد الحكومة في المفاوضات ان السودان قد طلب خلال الدورة الثانية لقمة الاتحاد الأفريقي الاخيرة في موبوتو تشكيل لجنة لمتابعة العملية السلمية في السودان ودعمها على غرار اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية التي تم تكوينها بهذا الصدد خلال قمة سابقة. وأوضح المسؤول ان جنوب أفريقيا وافقت على تشكيل هذه اللجنة بعضوية السودان ودول أخرى سوف تنضم اليها، مؤكدا ان دعم العملية السلمية في السودان لا يشكل مبادرة جديدة في المفاوضات. وكان الدرديري أحمد ينفي ما نشرته صحيفة «ايست افريكان ستاندارد» على لسان أحد المرشحين في انتخابات الرئاسة الصومالية الدكتور جيلاني علي كدي الذي أدان مقترحات للحكومة السودانية بنقل الوساطة في المفاوضات من كينيا الى جنوب أفريقيا. وقد عبر أيضا هذا المرشح في حديثه للصحيفة عن تأييده لتصريحات وزير الخارجية الكيني كالونزو موسيوكا الذي أكد انحراف مسار المفاوضات اذا ما تم توكيل الوساطة الى جنوب أفريقيا على ضوء التقدم الذي شهدته المفاوضات خلال المراحل السابقة حسب قوله.

واجتمع دانفورث في القاهرة مع وزير الخارجية المصري أحمد ماهر في ساعة مبكرة من صباح امس بأحد الفنادق القريبة من مطار القاهرة عقب وصول ماهر مباشرة من موزمبيق حيث كان يرأس وفد مصر في اجتماعات الاتحاد الأفريقي، وقبيل سفر دانفورث الى الخرطوم ونيروبي قال بيان صحافي لمكتب وزير الخارجية المصري ان ماهر ابلغ دانفورث قلق الخرطوم من الورقة التي تقدمت بها كينيا الى المتفاوضين والتي تعتبرها تميل الى تكريس فكرة الانفصال. واشار الى انه ابلغ دانفورث انه استمع الى وجهة النظر السودانية خلال لقاءاته مع المسؤولين على هامش القمة الأفريقية في موبوتو وعلى رأسهم الرئيس السوداني عمر البشير، ولفت ماهر المبعوث الأميركي الى أهمية العمل على تقريب وجهات النظر، كما حثه على ضرورة ان تلتزم أي مبادرة للتسوية بالحياد بين الطرفين، وكذا الحفاظ على الهدف الذي اعرب الجميع عن تفضيلهم له وهو بناء سودان جديد موحد يتمتع كل أبناء شعبه وافراده بالمساواة، كما يستمتعون بموارده وثرواته.

ودعا ماهر المبعوث الأميركي الى أهمية ان تعمل بلاده لمعالجة أوجه الخلل الذي احتوته الورقة الكينية، ورد دانفورث انه سيستمع بنفسه الى انطباعات الجانب السوداني خلال لقاءاته المسؤولين أثناء زيارته للخرطوم. وأكد ماهر على ضرورة ان تراعي الورقة التوازن المطلوب بين الطرفين وان تشجع على استئناف المفاوضات ومواصلتها بصورة جادة. وقال ان دانفورث وعد بالأخذ بالملاحظات المصرية خلال مهمته وجولته وكذا لقاءاته سواء في الخرطوم او نيروبي. والتقى دانفورث مع وفد من الجامعة العربية وبحث معه الجهود المبذولة لتحقيق السلام في السودان والحفاظ على وحدته وسلامته الاقليمية، كما تناول كيفية التغلب على الصعوبات التي تواجه المفاوضات. وقال المستشار هشام يوسف رئيس مكتب الأمين العام والمتحدث الرسمي باسمه والذي شارك في اللقاء مع كل من سمير حسني مدير ادارة أفريقيا بالجامعة العربية والدكتورة إجلال رأفت مستشارة الأمين العام لشؤون السودان وزيد الصبان مسؤول ملف السودان في مكتب الأمين العام، للصحافيين ان هذا اللقاء مثل فرصة هامة للتشاور بين الجامعة العربية والولايات المتحدة حول الجهود المبذولة لتحقيق السلام في السودان.

وأوضح يوسف ان وفد الجامعة العربية شدد على ان الاساس الذي يقوم عليه موقف الجامعة العربية هو ضرور قيام المجتمع الدولي بالبناء على ما تم التوصل اليه في ماشاكوس بالتركيز على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان، وجعل خيار الوحدة خياراً جذاباً وان أي وثيقة جديدة ينبغي ألا تتعارض مع هذا المبدأ الاساسي. واشار يوسف الى ان اللقاء تناول الجولة الاخيرة لمفاوضات «الايقاد» وركز بشكل خاص على وجهة نظر الحكومة السودانية حول الوثيقة التي تم تقديمها الى هذه الجولة من قبل الوسطاء، كما استعرض الجهود السياسية والتنموية التي يبذلها الأمين العام في سبيل تحقيق السلام في السودان والدفع بخيار الوحدة اتساقاً مع ما تم الاتفاق عليه في بروتوكول ماشاكوس وأوضح يوسف ان السيناتور دانفورث اعرب خلال اللقاء عن ترحيبه بالجهود الملموسة التي يبذلها الأمين العام من أجل انجاح فرص السلام في السودان، وأعرب ايضاً عن اعتقاده بأن دور الجامعة العربية في هذا الشأن هو دور بالغ الاهمية سواء فيما يتعلق بدفع الجهود السياسية لتحقيق السلام من خلال التعاطي مع كافة الاطراف المعنية بهذا الشأن او من خلال الدفع بجهود تنمية جنوب السودان، واشار الى ما أكد عليه السيناتور دانفورث من اهتمام كبير يوليه الرئيس الأميركي جورج بوش بتحقيق السلام في السودان باعتبار ان ذلك يمكن ان يقدم مثالا يحتذى في حل النزاعات في مناطق اخرى من القارة الأفريقية، مشيراً الى ان الحوار والتفاوض هما الخيار الوحيد للتوصل الى تسوية وتحقيق السلام في السودان.