مصادر إيرانية تكشف لـ«الشرق الأوسط» وقائع مقتل الصحافية الكندية ـ الإيرانية زهرة كاظمي في سجن إيفين

ضربت على رأسها بأنبوب فولاذي أو هراوة بالقرب من مكتب رئيس السلطة القضائية في طهران

TT

كشفت مصادر ايرانية مطلعة ان مسؤولاً رفيعاً في السلطة القضائية في طهران كان على علم كامل بتعرض المصورة الصحافية الكندية الايرانية الاصل زهرة كاظمي للتعذيب القاسي، وانه، شخصيا، حاول نقل مسؤولية ما تعرضت له الى وزارة الامن عندما ادرك انها اصبحت على مشارف الموت.

واوضحت المصادر التي تحدثت الى «الشرق الاوسط» من طهران امس ان المسؤول القضائي عندما تبين له ان كاظمي يمكن ان تموت في سجن ايفين، نتيجة التعذيب بعد 48 ساعة من اعتقالها، امر احد مساعديه بان يتصل بوزارة الامن لابلاغ محمد شفيعي نائب وزير الامن بان استخبارات السلطة القضائية قد القت القبض على جاسوسة اميركية و«تعالوا لاخذها بغية التحقيق معها». ولما راجع بعض رجال الامن سجن ايفين اكتشفوا ان من وصفها المسؤول الرفيع بأنها جاسوسة اميركية ليست الا الصحافية الكندية المتحدرة من اصول ايرانية زهرة كاظمي، وانها كانت في غيبوبة كاملة. وقد زعم احد موظفي مكتب المسؤول الرفيع لرجال وزارة الامن بأن كاظمي تعرضت لسكتة دماغية اثناء استجوابها.

واضاف المصدر ان رجال الامن اتصلوا بنائب الوزير شفيعي وابلغوه بالوضع فأمر بنقل الصحافية الى المستشفى فوراً حيث اجريت لها عملية جراحية عاجلة، وقد اكتشف الاطباء المعالجون، ان غيبوبة كاظمي، كانت نتيجة لتعرضها الى ضربة مباشرة بواسطة شيء ضخم، قد يكون انبوباً فولاذياً او هراوة، من مسافة قريبة كما وجدوا في جسد الصحافية اثار حرق وضرب واكتشفوا كسراً في عمودها الفقري.

وقال احد الاطباء لـ«الشرق الاوسط» في اتصال هاتفي «ان كاظمي تعرضت لتعذيب وحشي اسفر عن وقوعها في غيبوبة اثر اختلال في الشريان الذي يوصل الدم الى رأسها، حيث تسببت ضربة او ضربات تعرضت لها على رأسها، في وقف تدفق الدم الى مخها لفترة قصيرة».

وكان الرئيس الايراني محمد خاتمي قد امر بتشكيل لجنة تحقيق خاصة بمشاركة وزراء الامن والارشاد والداخلية اضافة الى نائبه للشؤون البرلمانية والحقوقية محمد علي ابطحي ومستشاره لشؤون الامن القومي علي ربيعي للتحري عن اسباب وفاة زهرة كاظمي، رافضاً بذلك مزاعم مرتضوي بان سكتة دماغية تسببت في وفاتها.

وقد اعلن ابطحي صباح امس (الاربعاء) استناداً الى تقرير من وزير الصحة ومسؤول دائرة الطب القانوني، الذي اشرف على الفحص الشامل لجثة كاظمي، بانها توفيت اثر تعرضها لضربة حادة على رأسها، وفضح ابطحي بذلك، جريمة اقدم عليها القضاء الايراني الذي بات عزل رئيسه محمود هاشمي الرئيس السابق للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق والعناصر القريبة منه من امثال سعيد مرتضوي وعباس علي علي زاده والقاضي حداد، مطلباً شعبياً منذ وقت طويل حيث كان شعار «تطهير القضاء من مافيا هاشمي» من ابرز الشعارات التي رددت في المظاهرات الاخيرة دعماً للطلبة.

وقد روى مسؤول بوزارة الارشاد قصة زهرة كاظمي وما حصل لها في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» قائلاً ان كاظمي لم تكن شخصية غير معروفة لديهم «فهي زارت ايران عدة مرات كصحافية كندية وذهبت الى افغانستان والعراق مروراً بايران. وحينما جاءت الى ايران في يونيو (حزيران) الماضي تم اصدار رخصة صحافية خاصة لها بعد ان استشارت وزارة الارشاد القسم الصحافي بوزارة الامن». واضاف المسؤول قائلاً: «وبعد مظاهرات الشهر الماضي التي غطتها كاظمي علمنا ذات يوم بانها تجري مقابلات مع اسر معتقلي الاحداث الاخيرة ممن نظموا مظاهرة صامتة امام سجن ايفين». وهي كانت على علم بحظر التقاط الصور في هذا السجن، ولهذا لم تقترب من اسوار السجن بل اكتفت بالتقاط بعض الصور لأسر المعتقلين اضافة الى اجراء مقابلات مع بعضها. وتابع المصدر بوزارة الارشاد القول بان خبر اعتقال كاظمي من قبل عناصر استخبارات السلطة القضائية قد وصل الى وزارة الارشاد بعد ساعات من حصوله، وقام وزير الارشاد احمد مسجد جامعي بابلاغ الرئيس خاتمي بما جرى لكاظمي، وقد أمر خاتمي مساعده ابطحي بمتابعة الامر غير ان مرتضوي نفى عند مراجعته بأن يكون لديه اي علم بمصير الصحافية، رغم ان كاظمي كانت في ذلك الحين تتعرض لتعذيب قاس في قسم من سجن ايفين يدعى «قرنطينة». وبعد تسليم جثتها وهي في غيبوبة كاملة الى وزارة الامن حاول المسؤول القضائي الرفيع غسل يديه من المسؤولية وذلك بارغام «خوش وقت» مدير عام الاعلام الخارجي بوزارة الارشاد على اصدار بيان يزعم بان زهرة كاظمي اصيبت بسكتة دماغية حينما كانت تخضع للاستجواب بوزارة الامن.

واضاف المسؤول الايراني انه بعد ساعات من اعلان وفاة كاظمي امر رئيس عدلية طهراني بدفن جثتها في مقبرة جنة الزهراء للتعتيم. وذلك بعد تهديد والدة زهرة كاظمي بانها ستواجه السجن في حالة رفضها دفن جثة ابنتها في ايران. علما ان نجل زهرة كاظمي، استفان هاشمي، المقيم في كندا طالب بنقل جثمان والدته الى كندا حيث كانت تقيم منذ حوالي ربع قرن.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان السفير الكندي في طهران هدد اول من امس في مقابلة مع صحافيين اذيعت على الهواء بشكل مباشر من قبل بعض الاذاعات العالمية من مقره بطهران، بسحب دعم بلاده لايران وايقاف التعاون الاقتصادي بين البلدين ما لم يحل الغموض التي يحيط بوفاة زهرة كاظمي.

وعلمت «الشرق الاوسط» بان وزير الامن الايراني علي يونسي امر بنبش قبر زهرة كاظمي ونقل جثمانها الى مركز الطب الشرعي حينما علم بان نقل الجثمان الى مقبرة جنة الزهراء.

وعلى حد قول شاهد عيان بمقبرة جنة الزهراء فان رجال الامن وصلوا الى المقبرة، قبل دقائق من دفن الجثة من قبل رجال استخبارات السلطة القضائية، حيث وقعت ملاسنة بين الطرفين حول من له الحق قانونياً في تقرير مصير الجثة. وفي نهاية الامر، قام الأمن بنقل الجثة الى سيارة اسعاف كانت تقف بالقرب من القبر المهيأ لجثمان كاظمي، وتوجهت السيارة بسرعة الى مركز الطب الشرعي حيث جرى تشريح الجثة.