"الشرق الأوسط" تنشر الكتاب الجديد للجماعة الإسلامية في مصر (1) * مفكر الجماعة: بيرل هاربر أسعدت اليابانيين أياماً ولكنها أتعستهم أعواماً كذلك 11 سبتمبر أسعدت بعض عوام المسلمين أياماً واليوم تؤلمنا جميعا

فتوى التترس التي احتج بها تنظيم "القاعدة" لقتل مسلمين أبرياء لها شروط لا تنطبق على التفجيرات * عقد الأمان في صورته الحديثة هو جواز السفر وتأشيرة الدخول وعقد العمل

TT

* لا يجوز للحركات الإسلامية أن تشتري رضا عوام المسلمين بما يسخط الله عليها

* الشرع يحرم قتل المدنيين وفرح العوام بأي أذى يلحق بأميركا لا سند له سوى نظرة التشفي فقط

* اطلعت "الشرق الأوسط" على نسخ من الكتب الجديدة التي أعدتها القيادة التاريخية لتنظيم الجماعة الاسلامية في السجون المصرية، وما زالت قيد الاصدار. وتنشر "الشرق الأوسط" بدءاً من اليوم عرضاً ملخصاً لكتاب "تفجيرات الرياض" أحد ثلاثة كتب أعدتها الجماعة.

وقد ألف كتاب "تفجيرات الرياض" ناجح ابراهيم الذي يعدونه مفكر الجماعة، والمسجون منذ 22 عاماً في سجن العقرب شديد الحراسة بمنطقة سجون طرة جنوب القاهرة. وابراهيم من مواليد اسيوط عام 1955، وأقام في بندر ديروط، وحاصل على بكالوريوس الطب. وعمل طبيباً في مستشفى ديروط، كما انه من قيادات تنظيم الجماعة الاسلامية وعضو في مجلس شورى التنظيم، وشملته قرارات التحفظ خلال شهر سبتمبر (ايلول) عام 1981، واتهم في قضية تنظيم الجهاد وصدر ضده حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وأمضى مدة العقوبة منذ عدة سنوات ولم يخرج من السجن بعد.

وجاء الكتاب في 103 صفحات، ويتحدث عن الاحكام الشرعية (من وجهة نظر الجماعة الاسلامية) التي تخص موضوع التفجيرات، ويتناول أهم هذه الاخطاء في الفصل الأول، وهو هل الجهاد لذاته أم لغيره؟ ويخلص الى أن الجهاد لغيره وليس لذاته. ويقرر ان اراقة الدماء (أي دماء) هي مفسدة، ولكن الاسلام أتاح اراقتها في بعض الحالات لمصلحة أعظم منها وأسمى، ألا هي اعزاز الدين والدفاع عنه وعن أوطان الاسلام والدفاع عن المسلمين، فاذا عدمت المصلحة رجعت المفسدة الى حالتها الأولى.

وفي الفصل الثاني الذي يحمل عنوان "نوايا صالحة وأهداف خاطئة"، فانه يرى ان الاهداف التي حاول منفذو التفجيرات الوصول اليها لم تتحقق بل تحقق عكسها تماماً، فلم ترحل أميركا عن المنطقة ولكن زاد نفوذها، ولم يحدث ضرر لأميركا، ولكن حدث ضرر لبلاد المسلمين وللحرمات الاسلامية.

اما الفصل الثالث فعنوانه "ما كان هؤلاء ليقاتلوا". ويبين فيه المؤلف حرمة قتل النساء والاطفال والشيوخ والعمال والزراع وأشباههم، فيما يعرف حاليا باسم المدنيين، فلم يجوز الشرع قتل المدنيين. واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى امرأة مقتولة فقال: "ما كانت هذه لتقاتل". ومن هذا الحديث اشتق المؤلف عنوان الفصل.

ويناقش ابراهيم في الفصل الرابع قضية "المستأمن في بلادنا ما له وما عليه" قائلا: "ان المستأمن هو الذي طلب الأمان، ويكون من دولة تحارب الاسلام والمسلمين، وحصل على الأمان فلا يجوز قتله أو التعرض له بأي أذى، وان عقد الأمان في صورته الحديثة هو جواز السفر، وتأشيرة الدخول، واستقدام خبير أو عالم.. وعقد العمل... الخ.

وأشار الى ان الذين قتلوا في تفجيرات الرياض والدار البيضاء واندونيسيا هم من المستأمنين الذين عصم الامان دماءهم وأموالهم، حتى وان كانوا من دول تحارب الاسلام والمسلمين، فهذا شيء وهذا شيء.

وتناول المؤلف في الفصل الخامس "التفجيرات والقول الفصل في مسألة التترس"، ويبين ان أخطر شيء حدث في هذه التفجيرات هو "قتل عدد كبير من المسلمين الذين عصم الاسلام دماءهم وأموالهم، فقتلوا بغير حق ودونما ذنب اقترفوه أو جريرة ارتكبوها وجريمتهم هي سكنهم بجوار هؤلاء الأجانب، في حرمة دم المسلم من اليقين لا يزول بالشك، اعمالا للقاعدة الفقهية "اليقين لا يزول بالشك"

* فتوى التترس

* ويتحدث هذا الفصل عن "فتوى التترس" التي احتج بها بعض افراد تنظيم "القاعدة" في حل قتل المسلمين الذين يقتلون في مثل تفجيرات الرياض والدار البيضاء واندونيسيا وغيرها، وهنا الرد على حجتهم هذه في هذه السطور المختصرة، حيث ان التترس له شروط كثيرة منها.

ان يكون هناك جيشان متحاربان أحدهما مسلم والآخر كافر وتكون الحرب قائمة بينهما.

ان يكون الترس مجموعة من المسلمين، أسرهم الكفار وتترسوا بهم ولا يصح غير الأسير، فالساكن بجوار المشركين مثلا لا يأخذ حكم الترس.

أن تتحقق المصلحة وتندفع المفسدة برمي المشركين وفيهم التروس، ويرون ان هذه المصلحة لا بد ان تكون قطعية كلية يقينية، ولا سبيل للأمن من جيش الكفار الا بقتل الترس المسلم.

وأن تكون المصلحة في قتل الترس المسلم ضرورية وكلية وقطعية.

وهذه الشروط كلها غير موجودة في المسلمين الذين قتلوا في كل التفجيرات التي رأيناها، فأين هما الجيشان المتحاربان اللذان يواجه أحدهما الآخر.. هل المسلمون الذين هم أسرى لدى الاجانب أم هم سكان مسلمون عاديون يجاورونهم في السكن؟ وهؤلاء الاجانب مدنيون مستأمنون يعيشون مع أسرهم وهم مستأمنون أصلاً دمهم حرام والمسلمون بجوارهم كذلك.

هل فعلا هؤلاء الأجانب تترسوا بهم أم انهم سكنوا بجوارهم، ثم اين المصلحة في مثل هؤلاء المسلمين، وأي مفسدة ستحدث على الاسلام والمسلمين ان لم يقتلوا.

ويتعرض في الفصل السادس "الآثار السلبية للتفجيرات على بلاد المسلمين".

* تفجيرات الرياض.. الأحكام والآثار

* الحلقة الأولى

* على الدعاة الى الله ان يوجهوا عوام المسلمين الى الأصوب والصحيح شرعاً لا ان يقودهم العوام الى ما تحبه نفوسهم، وما تهواه قلوبهم مهما كان ذلك في غير مصلحة الاسلام.

وقد تصدرت هذه العبارة الصفحة الأولى من مقدمة الكتاب لتعلن عن نظرة الكاتب التي كانت دافعاً وراء اصدار كتابه، وقد افصح عن هذا الدافع بقوله في نفس التقديم للكتاب بقوله:

اننا نكتب هذا الكتيب لكل شاب مسلم يريد معرفة حكم الشرع في هذه التفجيرات ولكل من يريد أن يعمل للاسلام بنية صادقة ولكن ينقصه العلم والفقه خاصة في هذه المسائل فيندفع بحماسته الدينية ليكرر مثل هذه التفجيرات.. نكتبه لكل من يظن ان هذه التفجيرات في صالح الاسلام.

"تفجيرات الرياض.. الأحكام والآثار" هذا هو عنوان كتابنا الذي كتبه مؤلفه الدكتور ناجح ابراهيم عبد الله.

وقد جاء الكتاب في 103 صفحات وتنوعت الفصول بين أحكام فقهية تخاطب العقل نزولا الى الواقع والتنوع في المخاطبة، فهو يخاطب الشاب المسلم الذي يرغب في معرفة بعض الأحكام الشرعية التي أثارتها هذه التفجيرات كما يخاطب العقول التي دبرت ونفذت هذه العمليات خطاباً ناصحاً متودداً تارة، وخطاباً محاوراً تارة أخرى.

وقد بدأ المؤلف تقديمه للكتاب بقوله: كما فوجئ العالم عامة والمسلمون خاصة بأحداث 11 سبتمبر التي هزت العالم كله.. اذا بالمسلمين يستيقظون فجأة على تفجيرات الرياض والدار البيضاء في اسبوع واحد تقريباً، وصدق وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل حينما وصف تفجيرات الرياض بأنها 11سبتمبر مصغرة أخرى ولكن في السعودية، فهي فعلا 11 سبتمبر أخرى ولكنها سعودية، كما ان تفجيرات المغرب هي 11 سبتمبر أخرى ولكنها مغربية.. وكذلك تفجيرات جزيرة بالي الاندونيسية هي نفس الحدث ولكن اندونيسياً.

اذا كانت 11 سبتمبر قد أزال برجي مركز التجارة العالمي، فهي قد أزالت أيضاً برجين آخرين هما طالبان وافغانستان، فزالت الجماعة واحتلت الدولة.

لقد ادخلت 11 سبتمبر الحركات والدولة الاسلامية وكذلك العربية في مواجهة لا يريدونها ولا يرغبونها ولم يستعدوا لها، ليس مع اميركا فحسب.. ولكن مع العالم كله تقريباً.. وكذلك تفجيرات الرياض وضعت الدول والاسلاميين والدعاة في مأزق شديد لا يدرون كيف سيخرجون منه أو يتصرفون فيه.

ويبرز الكاتب نظرته التي سبق ان قدمنا بها ويؤكد عليها بتفصيل في أكثر من موضع من تقديمه ويبدو أنه بهذا التكرار يريد أن يهدم مبدأ وأن يرسخ آخر تشعر في قراءتك انه في غيظ منه ولذلك فهو يترك الحديث عنه ثم يعود اليه.. ففي مواضع متفرقة يقول: ان سعادة بعض عوام المسلمين بما حدث للأميركيين في 11 سبتمبر أو بما حدث لهم في تفجيرات الرياض أو الدار البيضاء لا يعد دليلا شرعياً على صحة هذه الأعمال.. وعلى الحركات الاسلامية التي رفضت شراء رضا الكبراء والعظماء بسخط الله عليها اليوم ألا تشتري رضا عوام المسلمين بما يسخط الله عليها أو بما يضر بمصلحة الاسلام ذاته.

ويقول: ان بعض المسلمين يفرحون كثيراً ويهللون لقتل أميركي واحد في مثل هذه العمليات حتى لو قُتل معه مائة مسلم.. وكأن دماء المسلمين ليس لها ثمن.. أو هي أرخص من الماء ليس عند أعدائنا فحسب ولكن عندنا أيضاً.. وان الذي له ثمن وقيمة ويستحق الاهتمام هو الدم الأميركي.. فلا مانع أن يقتل مائة مسلم من أجل قتل أميركي وسنكون نحن الرابحين.

ان "بيرل هاربر" أسعدت اليابانيين أياماً.. ولكنها أتعستهم بعد ذلك أعواماً حينما ضربت بلادهم بالقنابل الذرية واضطرت الى الاستسلام المهين دون قيد أو شرط. وكذلك 11 سبتمبر أسعدت بعض عوام المسلمين ممن لا خبرة لهم بالدين أو الحياة.. واليوم هي تؤلمنا جميعاً سنوات حينما نرى آثارها في احتلال أفغانستان واحتلال العراق واذلال المسلمين في كل مكان.. وهي اليوم تؤلم المسلمين أكثر حينما يتعمقون في دراسة الحدث شرعياً أو فقهياً فيدركون خطأه.

فالخير كل الخير في موافقة الشرع مهما ظن البعض أن هذا الشرع يحرمه من فرص كثيرة لرد عدوان الآخرين أو يحرمه من فرص كثيرة للنيل ممن آذاه وآذى أمته.

ويقول: ان كثيراً من عوام المسلمين يفرحون لكل أذى يصيب أميركا وحلفاءها، ومن هذا المنطلق يفرحون بمثل هذه التفجيرات من دون أن يدركوا حكمها الشرعي وموقف الاسلام منها.. انها نظرة التشفي فقط.

وفي اشارته للأحكام التي سيتعرض لها الكتاب قال: أما الذين ينفذون هذه التفجيرات اذا سألتهم عن هذه الدماء المسلمة التي تراق في مثل هذه التفجيرات وهم بالقطع لا يقصدون قتلها أساساً.. اذا سألتهم قالوا ببساطة: "يبعثون على نياتهم يوم القيامة".. ان هذا الحديث لا يصلح دليلا لاراقة الدماء المسلمة ولا يزيل حرمة الدم المسلم ولذلك تعرض هذا الكتيب باسهاب لهذه المسألة وفصّل أقوال الفقهاء فيها فيما يسمى في الفقه الاسلامي بقضية التترس.

كما أشار اليها بتساؤلات يتوقع ان تثور في نفوس الشباب خاصة: نكتبه لكل من يسأل عنه: لماذا شرع الجهاد وما غايته؟ وهل يجوز الجهاد لمجرد الجهاد؟ وهل يجوز قتل المدنيين الذين لا ينتصبون لقتال ولا يصلحون له مثل النساء والأطفال والشيوخ والفلاحين والعمال أو "المدنيين" بلغة العصر.. كل هذه الأسئلة وغيرها تدور في عقول كثير من المسلمين.. وهذا الكتيب رغم صغر حجمه الا انه يجيب بوضوح عن هذه الأسئلة.

أما في اشارته الى مجمل الآثار فهو يقول:

ان هذه التفجيرات وضعت الاسلاميين كلهم في حرب مع الغرب ومع حكوماتهم ومع شعوبهم.. حرب لا يريدونها ولا يرغبون فيها.. بل ان أكثر الاسلاميين ينتقدون هذه التفجيرات ورغم ذلك طالتهم وستطولهم هزاتها وزلزلتها.. فكما ان أحداث 11 سبتمبر كانت النذير لاحتلال العراق وافغانستان.. فالله أعلم ماذا ستفعل هذه التفجيرات ببلاد المسلمين ولكنها يقيناً ليست في صالح بلادنا وشعوبنا وديننا.

وقبل ان يدخل المؤلف في موضوعه يقدم عدة مقدمات تحت عنوان "مقدمات لا بد منها"، ويرى انها ضرورية ويبين أهميتها بقوله: والوقوف على هذه المقدمات سيجعل للقارئ أرضية جيدة ينطلق منها بسلاسة ويسر نحو فصول الكتاب.

المقدمة الأولى: رفضنا تفجيرات الرياض وأشباهها لا يعني طعناً في اخلاص منفذيها.

فاذا كان هذا هو تقدير المؤلف لمدبري الأحداث.. فلماذا اذاً وجه هذه الانتقادات؟ يقول المؤلف: ولكن حين نبدي رأينا انما هو نصيحة وارشاداً للمسلمين وبياناً لحكم شرعنا الحنيف حتى تكون الحركة الاسلامية أكثر الناس التزاماً بالاسلام واعتصاماً بالحق وأنقى الكيانات البشرية منهجاً.. لأنها هي التي قامت لتحمل راية الاسلام وتنشر أحكامه.. فاذا لم تُقم الاسلام في نفسها وتضبط به تصرفاتها لن يوفقها الله باقامته على أرضه، ولذلك يجب علينا كحركة اسلامية أن نملك من الشجاعة والقوة النفسية والأدبية ما نعلن به اخطاءنا بنفس الشجاعة والقوة التي نعلن بها خطأ الآخرين.

المقدمة الثانية: "الطغيان الاميركي لا يبيح لنا القتل بالجنسية" ويمكن تلخيص ما يريده تحت هذا العنوان بقوله:

ولذلك فما نراه اليوم من الصلف والطغيان الاميركي بانتهاكه حرمات المسلمين ونهب خيراتهم واحتلال أرضهم وسفك دماء أبنائهم سواء في العراق أو افغانستان ومساندة اليهود في قتل أطفال المسلمين وانتهاك حرمة المسجد الأقصى في فلسطين.

كل ذلك لا يجعله الاسلام دليلا علي قتل كل أميركي سواء رجلا أو امرأة أو صبياً.. وسواء مدنياً أو عسكرياً ومسالماً أو محارباً ما دام جنسيته أميركية وربما كان مسلماً وقاتله لا يعلم.. ولأول مرة في تاريخ الاسلام تصدر فتوى بقتل المرء لجنسيته لأن الاسلام لا يعمم العقاب كما قال تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى".

ولذلك فما نراه اذاً مقياس الجنسية في الحكم غير صحيح شرعاً ولا عقلاً.

المقدمة الثالثة: رعاية مصالح الدين والأوطان العليا أولاً.

العالم بعد 11 سبتمبر قد تغير جذرياً من كل النواحي وعلى الحركة الاسلامية أن تدرك ذلك جيداً، ولا بد ان نقرأ هذا الواقع الجديد قراءة سليمة وسديدة وان نتعامل بحكمة وفطنة مع هذا الواقع الجديد.

كما ان على الحركة الاسلامية الآن ان تدرك التحديات العظيمة التي تواجه الأمة الاسلامية وان تقدم مصلحة الأمة والبلاد الاسلامية على مصالحها اذا تعارضت هذه المصالح.. وهي في الحقيقة لن تتعارض.

وعلى الحركة الاسلامية ان تقدم المصالح الضرورية على الحاجية والتحسينية وعليها أن توازن بين الاضرار بعضها ببعض، وعليها أيضاً أن توازن بدقة بين المصالح والمفاسد اذا تعارضتا بحيث نعرف متى نقدم درء المفسدة على جلب المصلحة ومتى تغتفر المفسدة البسيطة من أجل المصلحة العظيمة.

ولكن عادة ما تتوافق المصالح الشرعية للدين مع الأوطان مع الاشخاص وكذلك المفاسد.. لأن الله شرع الاسلام لرعاية كل هذه المصالح مجتمعة ودرء كل هذه المفاسد مجتمعة.

* تفجيرات الدار البيضاء

* أما الملاحظ في عرضه لأحداث المغرب انه أفرد عنواناً عن اصدار قانون مكافحة الارهاب في المغرب.. قال تحت هذا العنوان:

قبل عدة أشهر من تفجيرات الدار البيضاء طرحت بعض القوى السياسية في المغرب قانوناً لمكافحة الارهاب، ولكن معظم القوى السياسية في المغرب رفضت هذا القانون، وكان هذا القانون يشمل مواد كثيرة تجيز للسلطات المغربية سلطات واسعة، وبعد حدوث التفجيرات اصبحت الساحة السياسية والشعبية المغربية مهيأة لقبول هذا القانون. وهذا ما تم فعلا اذ ان تقديمه واقراره في البرلمان المغربي لم يستغرق عدة أيام وقد تم اقرار هذا القانون بالاجماع تقريباً حيث لم يجرؤ أحد على الاعتراض خشية ان يتهم بمساندة الارهاب في هذا الوقت المحموم بالمشاعر العدائية.

وهكذا عقد منفذو الانفجارات الحبل حول رقبة الاسلاميين جميعاً والحركة الاسلامية كلها في المغرب.. والله أعلم متى تنجو من هذه المقصلة.

الفصل الأول: الجهاد لذاته أم لغيره؟

وملخص هذا الفصل الذي يحمل عنوان "الجهاد لذاته.. أم لغيره؟" يمكن ادراكه في عبارات المؤلف: ان الجهاد الذي شرعه الله لم يكن يوماً مراداً لذاته أو مقصوداً في نفسه.. فلم تأت الشريعة لمجرد ازهاق الأرواح ولكنه كان وسيلة لبلوغ الغايات الاسلامية النبيلة والدفاع بحق عن الدين والأرض والعرض ولذلك فان فقهاء المسلمين من سلفنا الصالح يعتبرون اراقة الدماء سواء دماء المسلمين أو دماء غيرهم من الملل الأخرى انما هي مفسدة في حد ذاتها ولكن الشرع الحنيف أباح ذلك في بعض الأوقات لمصلحة أعظم منها ألا وهي اعزاز الدين والذود عن بلاد المسلمين. فان لم يتحقق هذا الغرض ولم نصل الى هذه الغاية ولم تتحقق هذه المصلحة الشرعية يعود الحكم الى حالته الأولى من تحريم اراقة الدماء. قال ابن دقيق العيد: "الأصل عدم اتلاف النفوس، وانما أبيح منه ما يقتضي دفع المفسدة".

ويقول المؤلف: "فاذا غلب على الظن أن الجهاد لن يتحقق من جرائه المصالح التي شرع لأجلها فقد انتفت مشروعيته وصار غير مطلوب شرعاً أي أن الملكفين غير مخاطبين به من قبل الشرع".

ولكن ما الفرق بين أن يكون الجهاد مطلوباً لذاته وبين أن يكون وسيلة لغيره؟.. وما الذي يترتب على هذا التفريق؟

يقول المؤلف: ان كون الجهاد يندرج في عداد الوسائل وليست الغايات يرتب أموراً هامة منها:

الجهاد وسيلة مرادة لغاية محددة متى انتفت امكانية بلوغها من خلاله امتنع اللجوء اليه.

أنه لو وجدت وسائل أخرى غيرها تحقق مقصود الدين والشريعة وتجلب المصلحة الشرعية وتدفع المفسدة التي تحدث من الجهاد فالواجب ترك الجهاد واللجوء الى هذه الوسائل والأخذ بها دون غيرها. عندما ذهب خالد بن الوليد لقتال طليحة الأسدي. أشار عليه عدي بن حاتم ألا يسارع بقتالهم حتى يذهب ليدعو طيء بن تؤوب الى الاسلام خوفاً عليهم من أن يهلكوا مع طليحة فأجابه خالد لطلبه وتأخر حتى دعاهم فعادوا بل وتأخر حتى دعا جديلة حليفتهم فعادوا.

ان الاسلام لم يجعل من سياسة الصدام العسكري السياسة الوحيدة اللازم اتباعها من دون غيرها بل أباح للمسلمين انتهاج سياسات كثيرة تندرج من التعاون مع غير المسلمين أو التحالف أو المسالمة أو المصالحة بالاضافة الى الجهاد.

ان للجهاد في سبيل الله شروطاً ينبغي توافرها قبل القيام به وله موانع يجب ألا تكون موجودة حتى يمكن انفاذه.. وله ضوابط شرعية ينبغي على كل من يتصدى له أن ينضبط بها كما ينبغي فيه قياس المصالح والمفاسد الشرعية المترتبة عليه، فاذا غلبت المفاسد على المصالح أو غابت بعض شروط انفاذه أو وجدت بعض موانعه وجب التوقف عنه والامتناع عنه.. وهذا الامتناع ساعتها يكون أحب الى الله وأقرب الى الدين وأثقل في ميزان المجاهدين يوم القيامة من انفاذه.

لماذا هذه الانتقادات؟

يختتم المؤلف هذا الفصل بقوله: أننا لا نجد غضاضة في أنفسنا في توجيه أمتنا واخواننا في كل مكان الى خطأ شرعي نراه يحدث في هذه التفجيرات.. ان تصدينا للأخطاء أفضل من أن نسكت عليها حتى تدخل الأمة كلها في نفق مظلم لا تستطيع الخروج منه.

* غداً.. الحلقة الثانية