أهالي قلقيلية الأكثر تضررا من بين الفلسطينيين في الضفة الغربية بسبب الجدار الأمني الإسرائيلي

TT

قلقيلية ـ رويترز: دفنت ست من الدفيئات التابعة لحسن خروف، تحت سياج جديد يخترق ارضه في جزء من حاجز أمني اسرائيلي طويل يخشى فلسطينيون ان يجهض حلمهم في قيام دولة فلسطينية. اوشك العمل ان ينتهي في المائة وخمسين كيلومترا الاولى من الاسوار الالكترونية والخرسانية التي تحمي عشرات المستوطنات في الاراضي المحتلة. وفي الوقت نفسه تفصل نحو 50 ألف فلسطيني من بقية الضفة الغربية.

وتشير دراسة للبنك الدولي الى أن الآثار الاقتصادية والانسانية للسياج واضحة جدا في قلقيلية التي كانت بلدة مزدهرة والتف الآن الحبل حول رقبتها بأسوار من ثلاث جهات ومنفذ واحد في الشرق تقيده نقطة تفتيش اسرائيلية.

وقال خروف وظهره الى السياج الذي يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار «قلقيلية الآن سجن كبير في الهواء الطلق. الاسرائيليون دمروا تجارتي. ورفضت التعويض منهم. انها مسألة مبدأ».

ويقول الاسرائيليون ان الهدف الوحيد من الحاجز وقف تسلل التفجيريين الفلسطينيين والمسلحين من الانتفاضة التي اندلعت منذ 33 شهرا ولا يرسم مقدما الحدود عند التوصل الى تسوية نهائية.

لكن بناء السياج مستمر رغم الهدنة التي اعلنتها منظمات متشددة في 29 يونيو (حزيران) الماضي. ويقول دبلوماسيون ان الطريق الذي كثيرا ما يتعرج الى الشرق من الحدود مع اسرائيل يمكن أن يضم اراضي محتلة ويعرض خطة «خريطة الطريق» الاميركية للخطر.

وكانت كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي الاميركي، قد حثت اسرائيل خلال زيارة لها للمنطقة في يونيو الماضي، على وقف بناء السور بعد أن شرح لها زعماء فلسطينيون انه يفتت اراضي اي دولة فلسطينية مستقبلية الى ما يشبه الكانتونات ويثير حفيظة الفلسطينيين ويطيل سفك الدماء.

وقال دبلوماسي غربي بارز «لا تمانع واشنطن من حيث المبدأ في اقامة هذا الحاجز ولكن بالنظر الى مساره ترتاب في تأكيدات اسرائيل بانه لدواع امنية فقط وليست له اي دوافع سياسية أو حدودية».

ورفض ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي طلب رايس. وقال احد المقربين منه «لقد ابلغها بانه اذا كان عليه أن يختار بين الجنازات والسياج فقد اختار السياج». واضاف «نشعر بأن احتمالات استمرار وقف اطلاق النار ليست قوية وغير مستبعد عودة الفلسطينيين الى العنف مما يبرر الاستمرار في تشييد هذا الحاجز».

وكرر الاسرائيليون قولهم بأن السياج مجرد حاجز أمني وانه يمكن تفكيكه في حالة التوصل الى اتفاق سلام نهائي يرسم الحدود مع الفلسطينيين. ولكن محللين اسرائيليين يقولون ان مسار السياج وما هو مقترح للبقية الباقية منه الذي سيضم مستوطنات استراتيجية، يؤكد رؤية شارون لدولة فلسطينية محدودة تتكون من 42 في المائة من الضفة الغربية.

ويعتقد شارون منذ وقت طويل بأن الاراضي المرتفعة بالغرب الاوسط المطلة على القطاع الساحلي الاسرائيلي الضيق حيث وادي الاردن في الشرق ومساحة تضم مستوطنات تعزل القدس وتقسم الضفة الغربية الى قسمين يجب ان تبقى تحت هيمنة اسرائيل للحفاظ على أمنها.

وقال مصدر امني اسرائيلي ان سبب استياء الولايات المتحدة ان جزءا من السياج المزمع اقامته يمر بوسط الضفة الغربية ويمكن أن يقسم الاراضي الفلسطينية الى قسمين منفصلين. ولذلك تقرر تأجيل القرار في هذا الموضوع.

من جانبه، اكد رئيس بلدية أرييل وهي مستوطنة واسعة اقيمت في السبعينات، ان مسؤولين اسرائيليين اكدوا لشارون عندما كان شارون الوزير المسؤول عن الاستيطان، ان السياج سيضم ارييل. واضاف رون ناخمان «الخريطة الامنية التي عرضها علينا في ذلك الوقت تذكرني بالخريطة الحالية. نظرة شارون الاستراتيجية لم تتغير اطلاقا».

ويشق السياج بارتفاع 3.5 متر والمزود بمجسات الكترونية قوية بساتين فلسطينية بين جنين شمالا وقلقيلية غربا.

ووجد نحو 12 ألف فلسطيني أنفسهم على الجانب الغربي من السياج في مواجهة اسرائيل وتمنعهم حواجز من الذهاب الى هناك. كما عزلت مئات من المزارع على جانبي الحاجز. واقتلعت عشرات الالوف من أشجار الزيتون والحمضيات لافساح المجال للسياج. واقيمت جدران في أماكن يرى استراتيجيون عسكريون انها يمكن ان تكون هدفا لقناصة فلسطينيين مثل قلقيلية وهي بلدة متربة يسكنها 40 ألف نسمة تطل على سهل اسرائيل الساحلي الضيق.

في الماضي كان المتسوقون الاسرائيليون يتدفقون على أسواق قلقيلية الرخيصة بينما كان كثيرون من سكان المدينة يعملون في اسرائيل. ولكن تلك «الايام السعيدة» ولت وحلت محلها الحواجز العسكرية والحصار والغارات.