مصادر فرنسية: باريس ترفض إجراء مجرد تعديلات طفيفة على القرار 1483 وتريد أن يتخلى بريمر عن دوره لصالح دوميلو

TT

افادت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع ان باريس «غير مستعدة لقبول تعديلات طفيفة» على القرار الدولي 1483 لقبول المساهمة بقواتها في عملية حفظ السلام في العراق.

وقالت هذه المصادر التي تحدثت اليها «الشرق الاوسط» امس ان فرنسا «تريد تغييرا كاملا لمجمل الصيغة التي ولدتها الحرب الاميركية ـ البريطانية على العراق» والتي اعطت «قوات الاحتلال» الاميركية والبريطانية الهيمنة التامة على الشؤون العراقية مع رصد دور متواضع للامم المتحدة في مجالي المساعدات الانسانية وعملية اعادة البناء السياسي للعراق.

واكدت هذه المصادر ان باريس التي تريد قرارا جديدا من مجلس الامن الدولي، تطالب بان يعود الدور الذي يقوم به الاميركي بول بريمر، بصفته حاكما مدنيا للعراق للمبعوث الخاص للامم المتحدة سيرجيو فيرا دو ميلو. وكذلك تريد باريس ان تكون القوات الدولية التي سترسل الى العراق تحت قيادة الامم المتحدة وتتمتع بانتداب محدد ينص بالتفصيل على طبيعة مهماتها وعلى المدة الزمنية المعطاة لها مع تفصيل الشروط التي تسمح لها بان تفتح النار وتستخدم اسلحتها.

وبحسب الاتصالات الاولى، تشكك الاوساط الفرنسية في مدى استعداد الولايات المتحدة لقبول مثل هذه الشروط التي تعني عمليا كف يدها عن العراق.

وترفض فرنسا، كما قالت مصادرها، ان تسارع «لانقاذ» الولايات المتحدة التي تغرق اكثر فأكثر في الرمال العراقية «مجانا» ومن غير توافر الشروط التي تفرضها واحترام «الخطوط الحمراء» التي رسمتها.

واكدت هذه المصادر لـ«الشرق الاوسط» ان باريس «لا تريد حربا جديدة مع واشنطن» في مجلس الامن الدولي، وانها «تعي تماما ان الفشل في العراق هو فشل للجميع».

وبالاضافة الى ان فرنسا تطالب بقيادة تابعة للامم المتحدة لقوات حفظ السلام، فانها تريد، بموازاة ذلك، برنامجا واضحا وجدولا زمنيا للاصلاحات السياسية التي «يجب ان تفضي سريعا الى عودة السيادة الى العراقيين انفسهم» اي الى حصول انتخابات تشريعية وانبثاق حكومة تتمتع بالشرعية وليست معينة، مباشرة او بالوساطة، من قبل واشنطن.

وامس، تشاور وزير الخارجية دومينيك دو فيلبان مع نظيره الروسي ايغور ايفانوف بشأن الملف العراقي، كما اجرى دو فيلبان اتصالات عديدة ثنائية في بروكسل مع عدد من نظرائه في الاتحاد الاوروبي.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان روسيا «مستعدة لقبول عدد من التعديلات» التي يمكن ادخالها على القرار 1483 للمشاركة في عملية حفظ السلام فيما تصر باريس على «تغيير جذري» لمجمل الوضع الناشئ في العراق، بما في ذلك ادارة شفافة للموارد النفطية العراقية ولاليات ابرام العقود التي ترتبط بها.

وذكرت المصادر الفرنسية ان باريس وبرلين على «اتصال مستمر» وانهما «على الموجة نفسها» وهما تنسقان مواقفهما من غير ان يعني ذلك قيام جبهة فرنسية ـ المانية معارضة لواشنطن في مجلس الامن الدولي.

وشددت المصادر نفسها على ان باريس «تريد ان تعرف مدى التنازلات الاميركية»، كما انها تريد ان تستوضح ما اذا كانت تصريحات وزير الخارجية كولن باول المعتدلة «تعكس موقف مجمل الادارة الاميركية».

وبأي حال، فان فرنسا «تعي صعوبة» تحول القوات الاميركية في العراق التي يزيد عددها على 150 الف رجل من «قوة احتلال الى قوة حفظ سلام دولية».

ولهذا الغرض، فان باريس «لا تعارض النظر في النموذج الافغاني» حيث تتعايش ميدانيا، قوات دولية تعمل بموجب قرار من مجلس الامن الدولي وقوات اميركية مستمرة في تعقب فلول الجيش الافغاني ومجموعات من تنظيم القاعدة.

وقالت الاوساط الفرنسية لـ«الشرق الاوسط» انها تنتظر «ان يكشف الاميركيون اوراقهم». وفي أي حال، فان هذه المسألة ستستغرق اسابيع وحتى اشهراً حتى يتم حسمها.