بلير يعد بالتعاون «التام» مع التحقيق في قضية انتحار كيلي والصحافة تنتقد الـ«بي. بي. سي»

TT

جدد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني امس وعده بالتعاون «التام» مع لجنة التحقيق في قضية انتحار خبير الأسلحة ديفيد كيلي، وذلك بينما ساهمت الانتقادات الواسعة للدور الذي لعبته هيئة الاذاعة البريطانية في القضية في تخفيف الضغوط الداعية الى استقالة الحكومة.

وبرغم تأكيدات اللورد هوتون الذي كلفه بلير بالتحقيق في الدوافع التي قادت كيلي الى قطع شرايين رسغه الأيسر الاسبوع الماضي ان التحقيق سيكون علنيا، الا ان الاضرار السياسية التي تكبدتها الحكومة ما تزال تشير الى ان الأزمة أبعد من ان تكون على وشك الانتهاء.

وصرح بلير في بكين حيث يواصل جولته في دول شرق اسيا «سأفعل ما يريده مني القاضي المكلف بالتحقيق. سأتعاون بشكل تام».

واكد اللورد هوتون ان التحقيق سيكون علنيا في معظمه وانه، وليس الحكومة، سيتخذ قرارا بشأن المدى الذي يذهب اليه التحقيق. وقال في بيان «اوضح ان الامر متروك لي كي اقرر في ضوء ما اراه صوابا وفي اطار مرجعيتي الخاصة الامور التي ستكون موضع التحقيقات». واضاف «ومرجعياتي هي اجراء تحقيق عاجل في الظروف المحيطة بوفاة الدكتور كيلي».

وكشف استطلاع للرأي نشر امس ان وفاة كيلي والجدل الدائر حول المعلومات بشأن «تضخيم» الحكومة البريطانية ملف اسلحة الدمار الشامل العراقية كبد بلير اضرارا سياسية جسيمة. فقد اظهر الاستطلاع ان 39% من الناخبين يعتقدون ان على بلير الاستقالة من منصبه وسط اسوأ ازمة يواجهها في تاريخه السياسي.

وكشف استطلاع اجراه معهد «يوغوف» ونشرت صحيفة «ديلي تلغراف» اليمينية نتائجه ان 39% من الناخبين يعتقدون انه على بلير الاستقالة بينما قال 41% انه يجب ان يبقى في منصبه. وقال الاستطلاع ان 47% من الذين شاركوا في الاستطلاع يرون ان اللوم يقع على الحكومة في وفاة كيلي.

وبينما تعززت الدعوات التي تطالب بلير بالاستقالة باصوات من داخل حزب العمال الحاكم، الا ان الانتقادات التي تعرضت لها الـ«بي. بي. سي» منحت الحكومة متنفسا ساهم في «توزيع دم» كيلي على أكثر من قبيلة.

وقالت البي بي سي في بيان بثته نيابة عن اندرو غيليغان مراسلها لشؤون الدفاع وكاتب التقرير الذي اثار الجدل «اود ان اوضح انني لم انقل تصريحات الدكتور كيلي بشكل خاطئ».

الا ان صحيفة «ديلي ميرور» اليسارية قالت ان دفاع الـ«بي. بي. سي» عن تقرير غيليغان واصرارها على ان كيلي كان مصدرها في التقرير يعني ان الهيئة تتهم كيلي بالكذب. واشارت الصحيفة الى احد احتمالين «اما ان يكون كيلي كذب على النواب بتأكيده انه ليس المصدر الوحيد او ان غيليغان بالغ في المعلومات».

وقال روبرت جاكسون عضو البرلمان عن أوكسفوردشير دائرة كيلي «أعتقد انه يجب الاطاحة برؤوس في الـ«بي. بي. سي» أعتقد انها مسؤولة عن وفاته».

وكان كيلي قال خلال التحقيق البرلماني معه يوم الثلاثاء الماضي انه لا يصدق انه مصدر تقرير غليغان. وأضاف «لا ارى كيف يمكنه صياغة تقرير بهذه القوة من محادثته معي».

كما تواجه الهيئة انتقادات لانها وصفت كيلي بأنه «مصدر استخباري بارز» بينما كان مجرد خبير في الحرب البيولوجية ولا يعمل في المخابرات البريطانية.

وقال المعلق روي جرينسليد «لدينا هنا مصدر ينفى ما نسبه اليه صحفي في «بي. بي. سي» وتوصيف خاطئ للمصدر.. هذا مثال على اردأ اشكال الصحافة».

وقالت صحيفة «الغارديان» (يسار الوسط) ان البي بي سي رفضت قبل ان يرد اسم كيلي في هذه القضية، اقتراحا لانهاء الجدل الدائر بينها وبين الحكومة لانها كانت مصممة على «عدم التراجع في معركتها مع الستر كامبل» مدير الاتصالات في مكتب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير.

ورأت صحيفة «فايننشال تايمز» ان تنازل هيئة الاذاعة البريطانية في اعترافها بان كيلي كان مصدرها الرئيسي سيساعد بلير في احتواء اسوأ ازمة سياسية في حياته المهنية.

ولكن الـ«بي. بي. سي». ردت وقالت في بيان «نعتقد أننا فسرنا ونشرنا بدقة وصحة ما حصلنا عليه من معلومات في مقابلاتنا مع الدكتور كيلي».

ويدافع معلقون عن الـ«بي. بي. سي» بانه حتى اذا كان تقرير غيليغان يثير التساؤل وان كان الحكم لم يصدر بعد فان هذا لا يلوث سمعة الـ«بي. بي. سي» التاريخية.

وأيد زملاء موشقفها في حماية المصدر. قال رود ليلدي رئيس التحرير السابق بالهيئة الذي عين غيليغان «انه أساس راسخ الجذور.. من يستطيع أن يثق في أي صحافي اذا استسلم لضغط من الحكومة وكشف عن مصدره؟».

واكدت الشرطة البريطانية امس ان نزيفا ناجما عن قطع شرايين معصم اليد اليسرى تسبب بوفاة كيلي. وقال الضابط نيكولاس غاردينر المكلف التحقيق في الوفيات العنيفة او الفجائية، «ان الطبيب استخلص ان نزيفا ناتجا عن قطع شرايين المعصم الايسر كان السبب الاول في وفاة كيلي فيما لا بد بعد من القيام بالفحوصات الخاصة بالسموم».

واشار غاردنر الى ان عائلة كيلي اعربت عن رغبتها في الحصول على اذن لدفنه «في اسرع وقت ممكن»، موضحا ان ذلك سيتم فورا اثر صدور نتائج الفحوصات الخاصة بالسموم.