استمرار الجدل حول نشر صور جثتي نجلي صدام ورامسفيلد يؤكد: القرار صائب واتخذ بعد تفكير عميق

صحيفة عراقية تنشر الصورتين في موقعها على شبكة الإنترنت

TT

دافع وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد عن قراره نشر صور جثتي نجلي صدام حسين لاقناع العراقيين بأن عدي وقصي قتلا فعلا فيما تباينت ردود الفعل الغربية حيال نشر الصور بين مؤيد ومتحفظ. وقال رامسفيلد للصحافيين «كان قرارا صائبا وانا سعيد لاتخاذه»، موضحا ان هذا القرار اتخذ بعد تفكير عميق. ورأى الوزير الاميركي ان عدي وقصي صدام حسين «كانا سيئين جدا ومن المهم ان يعرف العراقيون انهما ذهبا وان يعرفوا انهما قتلا ولن يعودا».

واكد رامسفيلد «اعتقد ان ذلك سينقذ ارواح اميركيين وارواح جنود التحالف وستكون له فائدة كبيرة لحرية العراقيين»، معتبرا ان ذلك سيضعف المقاومة ضد الاميركيين ويقلل من خوف العراقيين من البعثيين. وردا على سؤال عن نشر صور الجثث بينما ترفض وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) نشر صور جنودها القتلى، قال رامسفيلد انها «ليست المرة الاولى التي نبث فيها صور قتلى لكن ذلك ليس اجراء مألوفا في الولايات المتحدة». واوضح المتحدث باسم «البنتاغون» الكولونيل جيمس كاسيلا ان الجيش الاميركي بث في الماضي او وافق على بث صور لجنود اميركيين قتلى ولكن ليس قبل ابلاغ اسرهم. وقال ان «القانون الدولي لا ينص على اي منع» لنشر صور من هذا النوع، مشيرا الى ان الصحافيين الذين رافقوا القوات الاميركية في العراق منعوا من ابراز وجوه اسرى الحرب العراقيين، طبقا لاتفاقيات جنيف.

الى ذلك، قال خبراء اميركيون ان نشر صور الجثتين له ما يبرره ويتمشى مع تقليد قديم يرجع الى ايام الاسكندر الكبير. وقال بول لفينسون الاستاذ بكلية الصحافة بجامعة فوردام «من سمع ليس كمن رأى. حين توفي الاسكندر الكبير في سن صغير (33 عاما) وضعوا جثمانه في العسل وعرضوه في نعش زجاجي وحافظوا عليه لأطول مدة ممكنة حتى يتمكن الناس من القاء نظرة عليه». وطوال سنوات ظلت تنشر صور الشخصيات البارزة بعد موتها كدليل دامغ على انها فارقت الحياة من جيسي جيمس رجل العصابات الشهير للدكتاتور الايطالي بينيتو موسوليني للثوري الكوبي تشي جيفارا لرجل رومانيا القوي نيكولاي تشاوشيسكو. وقال جون بيكر مدير تحرير اديتور اند بابليشر «نشر الصور امر مقبول لان العراقيين يريدون ان يقتنعوا بان هذا حدث فعلا وانهما ماتا».

لكن افتتاحية امس لصحيفة «فرانكفورتر روندشاو» وهي صحيفة ألمانية مستقلة انتقدت نشر صور عدي وقصي. وقالت الصحيفة «نتحدث هنا عن الكرامة الانسانية. بغض النظر عن الجرائم التي اتهم عدي وقصي بارتكابها الا ان عرض الصور يمثل انتهاكا للمبادئ الاساسية للعالم المتحضر». وقالت متحدثة باسم منظمة «هيومان رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الانسان في نيويورك ان الصور لا تشكل انتهاكا لمعاهدة جنيف التي تحظر استغلال اسرى الحرب لاثارة الفضول نظرا لان ابني صدام قتلا بالفعل. وقال بوب ستيل وهو خبير في الاخلاقيات الصحافية بمعهد بوينتر بلفوريدا ان هناك هدفا صحافيا مشروعا وراء نشر الصور، لكنه صرح ايضا بان نشرها يتعارض ايضا مع اعتراضات ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش السابقة على عرض الاسرى الاميركيين في الحرب العراقية في التلفزيونات العربية. وقال «هناك تعارض بل تناقض وربما نفاق حين تؤيد الحكومة بقوة نشر معلومات بعينها ثم تعود بعد ذلك وتحظر بشدة ايضا معلومات اخرى وتمنع نشرها».

اما بيتر باتيا رئيس رابطة رؤساء تحرير الصحف الاميركية فقال ان الصور لها قيمة صحافية وانها تخدم ايضا غرضا سياسيا وهو اظهار ان ادارة بوش احرزت بعض النجاحات في تحقيق اهدافها في العراق. واضاف «ارغب ان تكون الادارة منفتحة وواضحة بالنسبة للمعلومات دوما مثلما كانت في هذه الحالة. لكن هذا ليس حال هذه الادارة عادة». وفي موقعها على الانترنت عرضت صحيفة «يو.اس.ايه توداي» صور جثتي عدي وقصي ومعها تحذير يقول «تحذير من المحرر.. الصور مرفقة برسومات توضيحية». واستاء عدد كبير من المترددين على الانترنت من الصور. وكتب احدهم يقول «ألم تتعلموا من... سحل الجنود الاميركيين القتلى في شوارع مقديشو.. وتكررون نفس الخطأ»، مشيرا الى فيلم بثته وسائل الاعلام في اوائل التسعينات لسحل جثة جندي اميركي في شوارع العاصمة الصومالية خلال تدخل عسكري اميركي في البلاد. الى ذلك، نشر موقع صحيفة «النبأ» العراقية على الانترنت صور الجثتين بينما اكتفت الصحيفة العراقية اليومية الوحيدة التي تصدر الجمعة بايراد معلومات عن مقتل نجلي الرئيس العراقي السابق من دون الصور. ونشرت «النبأ» الشيعية التي لا تصدر طبعة منها على الورق صورتين لعدي وقصي على موقعها الالكتروني. كما نشرت صورة لشاب من بغداد يرفع شارة النصر امام شاشة جهاز تلفزيون ظهرت عليه صور الجثتين على قناة «العربية» الفضائية الاخبارية. وبث التلفزيون العراقي الذي تشرف عليه القوات الاميركية صور جثتي الرجلين.