تقرير 11 سبتمبر ينتقد بوش وكلينتون

TT

اشار تقرير عن هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 الى ان الرئيس الاميركي جورج بوش تلقى تحذيرا بطريقة اكثر تحديدا مما كان معروفا من قبل بخصوص معلومات استخبارية تشير الى ان ارهابيي «القاعدة» يسعون الى شن هجمات في الولايات المتحدة.

وهذه المعلومات ليست موضوع تقرير الكونغرس او نتائجه، ولكنها من بين النقاط المنتشرة في موضوع يتركز بصفة اساسية على نشاطات الكوادر المتوسطة في كل من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالي والمؤسسة العسكرية الاميركية.

والسؤالان المثيران ـ والمتفجران سياسيا حول مؤامرة 11 سبتمبر هما مدى علاقة بوش وكلينتون بعمليات مكافحة الارهاب قبل وقوع الهجمات، والدور الذي لعبه بعض السعوديين في دعم الـ 19 ارهابيا الذين قادوا اربع طائرات وارتطموا بثلاثة منها في مركز التجارة العالمي والبنتاغون.

وتظل الاجابة عن هذين السؤالين غامضة، بدرجات متفاوتة، بالرغم من الجهد الذي لم يسبق له مثيل واستمر لسبعة اشهر للجنة مشتركة من مجلسي النواب والشيوخ لفهم كيف تمكنت مجموعة من الارهابيين من تنفيذ مثل هذا العملية. وقد رفضت وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) السماح بنشر معلومات متعلقة بالسعودية من منطلق الامن الوطني، وذكروا ان الكشف عن مثل هذه المعلومات يمكن يضر بالعلاقات مع حليف رئيسي للولايات المتحدة.

وفي الوقت ذاته قاوم البيت الابيض الجهود لتأكيد مدى معلومات بوش بتهديدات «القاعدة»، وتحديد استراتيجية الجهاز التنفيذي قبل احداث 11 سبتبمر لمواجهة الارهابيين. وقالوا انها مبررة من الناحية القانونية.

وفي الوقت الذي يحتوي فيه التقرير على تفاصيل دقيقة بخصوص سياسة مكافحة الارهاب والعمليات التي تمت في عهد الرئيس الاميركي بيل كلينتون، فإنه يترك مواد كثيرة تعتبر سرية. وكانت اللجنة قد استمعت الى شهادة مستشارين كبار سابقين لكل من كلينتون وبوش ولكنها لما تستمع الى شهادة اي من الرئيسين.

وبالرغم من ذلك فإن التقرير يقدم بعض المعلومات الجديدة بخصوص الرئيسين والسعوديين، ويضع «خريطة طريق» محتملة للهيئة المستقلة المكلفة من قبل الكونغرس باستكمال التحقيق حول الهجمات ضد مركز التجارة العالمي والبنتاغون. كما انه يقدم نقدا حادا لكل من بوش وكلينتون «بأنهما لم يضع الحكومة او قطاع الاستخبارات في حالة الاستعداد قبل 11 سبتمبر بالرغم من الادلة الكثيرة على الاهداف الخطيرة لـ«القاعدة».

فقد اشار التقرير الى الى انه خلال فصلي الربيع والصيف عام 2001، تلقت اجهزة الاستخبارات زيادة في المعلومات المشيرة الى ان بن لادن والقاعدة تنوي تنفيذ هجمات ضد المصالح الاميركية في المستقبل القريب.

وفيما يتعلق ببوش اشارت اللجنة البرلمانية الى انها حولت تحديد «الى اي مدى تلقى الرئيس تحذيرات محددة بتهديدات خلال تلك الفترة»ـ الا انها حصلت على معلومات محدودة.

ومن بين الاشارات المحدودة التي تضمنها التقرير بخصوص معلومات بوش عن نيات القاعدة ضد الولايات المتحدة، ما تم في 6 اغسطس (اب) عام 2001، في التنوير اليومي للرئيس ـ الذي اشار اليه التقرير فقط باعتباره «تقريرا استخباريا مغلقا» ـ الذي احتوى على معلومات «تم الحصول عليها في مايو (ايار) 2001 تشير الى ان مجموعة من انصار اسامة بن لادن يخططون لتنفيذ هجمات في الولايات المتحدة باستخدام متفجرات».

وقال التنوير اليومي للرئيس الى «ان بن لادن اراد تنفيذ هجمات في الولايات المتحدة لسنوات وانه من الواضح ان المجموعة تحتفظ بقاعدة تأييد هنا». واشار الى ان «تقرير مكتب المباحث الفيدرالي بخصوص نماذج النشاطات متماشية مع الاستعدادات لعمليات اختطاف طائرات وغيرها من الهجمات»، طبقا لتقرير اللجنة.

وفي التقرير اليومي للصحافيين في 16 مايو (ايار) 2002 قالت مستشارة الرئيس للامن القومي كوندوليزا رايس ان التنوير اليومي للرئيس كان نظرة تاريخية لوسائل بن لادن تعود الى عام 1997. وانتقدت التنوير باعتباره «تقريرا تحليليا» لخص وسائل بن لادن للعمل. وقالت «لم يكن تحذيرا، لم يشر الى وقت او مكان محدد».

غير ان اجهزة الاستخبارات كان لديها معلومات مرتبطة بوضوح بأحداث 11 سبتمبر، ولا سيما اذا نظرنا اليها من منطلق اهميتها الجماعية.

وباختصار فإن قطاع الاستخبارات فشل في الاستفادة من الاهمية الفردية والجماعية للمعلومات المتوفرة التي كانت تبدو متعلقة بمؤامرة 11 سبتمبر. ونتيجة لذلك فإن الاستخبارات اضاعت الفرص لافشال المؤامرة بمنع دخول او اعتقال الخاطفين المحتملين، او على الاقل محاولة الكشف عن المؤامرة عبر الاستطلاع وغيرها من وسائل التحقيقات داخل الولايات المتحدة.

ورفضت وكالة الاستخبارات المركزية الغاء سرية التنوير اليومي للرئيس، ورفض البيت الابيض الذي يملك سلطة نشر التنوير، الافراج عنه، مشيرا الى «امتيازات رئاسية». وتجدر الاشارة الى ان الامتيازات الرئاسية تمنح الرئيس الحق في حظر نشر كل النصائح والاتصالات التي تلقاها من مستشاريه لكيلا يؤثر على حريتهم في تقديم نصائح صريحة بدون الخوف من نشرها.

وجاء التنوير اليومي للرئيس في 6 اغسطس (اب) وسط سلسلة من التقارير الاستخبارية التي تشير الى ان «القاعدة» تخطط لهجمات، في مكان ما، ضد المصالح الاميركية. وقال قطاع الاستخبارات ان تركيز تلك التقارير كان على هجمات محتملة في الخارج، بالرغم من ان الاجهزة تلقت معلومات متواضعة ولكنها منتظمة نسبيا ابتداء من عام 1998 حتى صيف 2001 تشير الى احتمال شن هجمات داخل الولايات المتحدة.

وقال ستيف هادلي نائب مستشار الامن القومي الذي رفض الادلاء بشهادته امام اللجنة ولكنه قدم ردا مكتوبا على الاسئلة للجنة، ان مجلس الامن القومي عقد اربعة اجتماعات لنواب المجلس بين شهري مايو (ايار) ونهاية شهر يوليو (تموز) 2001 في محاولة لتبني استراتيجية فيما يتعلق بالقاعدة. وقد استكمل العرض في 4 سبتمبر (ايلول) 2001. ولم يطلع بوش على التقرير قبل 11 سبتمبر، طبقا لما ذكره في رسالته المكتوبة للجنة.

ولم تنجح للجنة في مسعاها للعثور على معلومات تتعلق بالميزانية من مكتب الميزانية والادارة لتحديد اين تم قرار ادارة بوش بعدم امداد نشاطات مكافحة الارهاب بمزيد من التمويل.

وقد ذكر مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت في شهادة مغلقة في 18 يونيو (حزيران) 2002 انه ابلغ اعضاء الادارة ان ميزانية مكافحة الارهاب في وكالته ستنقص بمقدار مليار دولار في السنوات الخمس التالية. واضاف في شهادته «لقد قلنا ذلك لكل شخص ما دام هناك من هو على استعداد للاستماع ولم نصل الى نتيجة».

وفيما يتعلق بموضوع السعودية، اشار التقرير الى مذكرة لوكالة الاستخبارات المركزية التي ذكرت وجود اتصالات بين بعض الخاطفين وبعض السعوديين الذين يعيشون في الولايات المتحدة.

ومن ناحية اخرى، ذكر التقرير ان المزيد من التحقيقات في هذه الاتهامات «يمكن ان تكشف عن تفسيرات مشروعة وبريئة لهذه الروابط».

وحملت اللجنة ايضا مكتب المباحث الفيدرالي المسؤولية لعدم متابعة الاتهامات ضد الافراد السعوديين، بجدية، بما في ذلك شبكة من رجال الاعمال والشخصيات الدينية في سان دييغو، الذين امدوا اثنين من الخاطفين باموال غير محدودة، ومترجم وغيره من الدعم.

واضاف التقرير انه بسبب كون السعودية حليفة للولايات المتحدة «فإن الولايات المتحدة لم تتخذ اجراءات متشددة فيما يتعلق بالمهاجرين غير الشرعيين او الارهاب بالنسبة للزوار القادمين من السعودية».

وكان الامير بندر بن سلطان السفير السعودي لدى الولايات المتحدة قد اصدر بالامس بيانا يدحض فيه الانتقادات الموجهة لبلاده. واوضح بيانه «من سوء الحظ ان تلك الاتهامات غير الصحيحة ضد السعودية مستمرة من قبل البعض لاهداف سياسية بالرغم من حقيقة ان المملكة كانت واحدة من اكثر الشركاء نشاطا في الحرب ضد الارهاب».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»;