تقرير الكونغرس الأميركي اعتبر الفشل في رصد نيات الحازمي والمحضار من ضمن أكبر أخطاء الاستخبارات

التقرير أثار تساؤلات حول علاقة الانتحاريين مع السعودي البيومي ومع إمام مسجد وعميل عربي يعمل مع المباحث الأميركية

TT

اعتبر التقرير الذي نشره الكونغرس الاميركي حول هجمات سبتمبر اول من امس الفشل في رصد نيات الحازمي والمحضار من ضمن أكبر اخطاء الاستخبارات الاميركية في توقع احداث سبتمبر. وقال التقرير ان التحريات كشفت ان اثنين من خاطفي الطائرة التي استخدمت في الهجوم على مبنى وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) لم يحاولا مطلقا إخفاء هويتيهما في الشهور التي أقاما خلالها بسان دييغو عام 2000 إبان التحضيرات لشن الهجمات.

وقال التقرير ان خالد المحضار ونواف الحازمي تلقيا أموالا ومساعدة في ايجاد سكن وعمل بواسطة عدد من الاشخاص الذين لفتوا انتباه ضباط مكافحة الارهاب التابعين لمكتب المباحث الفيدرالي الاميركي (إف بي آي) في سان دييغو. وتشير معلومات سجلات وتحقيقات سابقة الى ان الحازمي والمحضار سكنا مع مخبر يعمل لحساب مكتب المباحث الفيدرالي كما كانا يلتقيان على نحو منتظم بامام مسجد اجرت السلطات تحقيقا حول احتمال تورطه في نشاط ارهابي.

ورغم ان وكالات الاستخبارات الاميركية صنفت الحازمي والمحضار «عناصر ارهابية»، فإن عملاء الاستخبارات المحليين اغفلوا وضعهما تحت المراقبة رغم علاقاتهما الواضحة بتنظيم «القاعدة». وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) قد رصدت اجتماعا للمحضار والحازمي بماليزيا في يناير (كانون الثاني) 2000 قبل بضعة ايام من وصولهما الى كاليفورنيا. وطبقا لتقرير الكونغرس اول من امس، فإن مسؤولي وكالة الاستخبارات ومسؤولين فيدراليين آخرين في واشنطن فشلوا في إبلاغ مكتب المباحث الفيدرالي المحلي بشأن المحضار والحازمي «مما ترتب عليه إضاعة افضل فرصة أمام السلطات الاميركية للكشف عن مخطط 11 سبتمبر».كما كشف التقرير المكون من 900 صفحة لأول مرة وبصورة مفصلة كيف ان المحققين الفيدراليين اوشكوا على اكتشاف بعض القادة الرئيسيين للهجوم.

وتضمن التقرير تعليقا لمسؤول في «اف بي آي» بسان دييغو اكد فيه ان المكتب كان سيفرض رقابة صارمة ومستمرة على المحضار والحازمي اذا تلقى ضباط المكتب تحذيرا من وكالة الاستخبارات المركزية بشأن علاقة المحضار والحازمي بشبكة «القاعدة» ودخولهما الاراضي الاميركية. وقال مسؤول «اف بي آي» ان الأمر ربما اختلف بصورة جذرية اذا تلقت السلطات إخطارا بشأن الخاطفين لأن الجهات المختصة كانت ستشرع في التحقيق فورا. بيد ان كلا من المحضار والحازمي، طبقا لما ورد في التقرير، شرعا على وجه السرعة في الاتصال باشخاص اخرين دون ان يثيروا انتباه السلطات.

وبعد ايام فقط من وصولهما، التقى المحضار والحازمي في 15 يناير 2000 مواطنا سعوديا هو عمر البيومي (الذي حقق معه عملاء المباحث الاميركية بعد احاث سبتمبر) في مطعم في لوس انجليس. وأشار التقرير الى ان البيومي، 45 عاما، تقدم نحو المحضار والحازمي بعد ان سمعهما يتحدثان باللغة العربية. وفي وقت لاحق دعاهما لزيارة لوس انجليس. واشار التقرير الى «ان اللقاء ربما لا يكون قد حدث مصادفة فقط». وكان هناك لقاء آخر للبيومي في وقت سابق من نفس اليوم في القنصلية السعودية بلوس انجليس.

وقال تقرير الكونغرس ان البيومي «كان يتلقى دعما غير محدود من السعودية. كما تشير سجلات ومحاضر التحقيق الى ان البيومي اصبح متبرعا للخاطفين ووقع على عقد الايجار وسدد مقدم الايجار وايجار الشهر الاول في فبراير (شباط) 2000 في حي بسان دييغو حيث كان يقيم (البيومي) واستضاف حفلا لتعريفهم على قادة الجالية الاسلامية المحلية».

ووردت إشارة الى ان مكتب المباحث الفيدرالي اقفل قبل ستة شهور من ذلك الوقت تحقيقا بشأن البيومي نفسه لأسباب وصفت في التقرير بأنها غير واضحة، إلا ان ضباط مكتب المباحث الفيدرالي الذين قادوا التحقيق ابلغوا اعضاء لجنة التحقيق التابعة للكونغرس انهم لم يجدوا أي دليل على وجود علاقات بجهات ارهابية. وهو ما أكده البيومي نفسه في حديث لهذه الجريدة.

واشار التقرير الى ان مكتب المباحث الفيدرالي بلوس انجليس فتح تحقيقا حول رجل (مدير اعمال) بسان دييغو لم يكشف عن اسمه يشتبه في وجود علاقات له مع شقيق لواحد من عناصر شبكة اسامة بن لادن.

وأورد التقرير ايضا ان الحازمي بدأ العمل لدى مدير الاعمال المشار اليه في الوقت الذي كان التحقيق المذكور مستمرا، كما قال التقرير ان ضابطا بمكتب المباحث الفيدرالي استجوب مدير الاعمال هاتفيا وفي وقت لاحق اقفل التحقيق على اعتبار ان الشخص المعني لا يشكل تهديدا للأمن القومي الاميركي.

وتشير السجلات الى ان صديقا كان يتردد على مسجد لا ميسا هو الذي ارسل الحازمي لشغل الوظيفة المشار اليها. كما ان إماما بمسجد المنطقة وصف في التقرير بأنه «على صلة وثيقة» بالخاطفين كان موضوعا لتحقيق بواسطة «اف بي آي» عند وصول الحازمي والمحضار الى سان دييغو.

وركز التحقيق على علاقات الإمام المذكور بما في ذلك صلته بعمر عبد الرحمن رجل الدين الذي إدانته محكمة اميركية في قضية تفجير «مركز التجارة العالمي» عام 1993، إلا ان ذلك التحقيق اقفل في مارس (اذار) 2000 بعد ان تقرر ان الإمام لم يعد موضوع تحقيق بالنسبة للمكتب. وانتقل نفس الإمام الى ولاية فيرجينيا الاميركية وانضم الى مسجد هناك كان يتردد عليه الحازمي وخاطف آخر هو هاني حنجور. وورد في التقرير ايضا ان السلطات الألمانية التي داهمت شقة واحد من مخططي هجمات 11 سبتمبر عثرت على رقم هاتف لإمام المسجد.

وتلقى الخاطفون في مايو (أيار) 2000 دروسا في الطيران بسان دييغو، طبقا لما ورد في التقرير. وقال طالب سعودي تحدث الى «لوس انجليس تايمز» انه كان يترجم للحازمي عند زيارته مدرسة لتعليم الطيران حيث سأل عن الوقت الذي تستغرقه الدراسة حتى يصبح الطالب مؤهلا لقيادة «طائرات كبيرة».

وتضمن التقرير ايضا ان مخبرا فيدراليا كان جزءا من الصلة بين شركاء الخاطفين والمحققين الفيدراليين. ولم يكشف التقرير عن هوية المخبر المذكور، إلا ان مصدرا في الاجهزة الامنية الاميركية قال يوم اول من امس ان الشخص المذكور هو عبد الستار شيخ وانه اجر غرفة للمحضار والحازمي لعدة شهور اواخر عام 2000.

وساعد شيخ في تأسيس المركز الإسلامي في كليرمونت بالقرب من سان دييغو كما عمل في لجنة لتقييم ممارسات الشرطة والنظر فيها.

تجدر الاشارة الى مواطنا سعوديا آخر استأجر غرفة من شيخ واعتقلته السلطات الاميركية وحبسته على اعتبار انه شاهد إثبات عقب هجمات 11 سبتمبر، قد كشف انه التقى المؤجر من خلال البيومي، فيما اعترف شيخ للصحيفة بأن البيومي صديق له.

وطبقا للتقرير فقد ابلغ المخبر الضابط المشرف عليه في مكتب المباحث الفيدرالي بأن «نواف وخالد من الشباب المسلمين الجيدين» وانهما يقيمان في الولايات المتحدة بصورة قانونية بغرض الزيارة والدراسة.

وابلغ شيخ «اف بي آي» و«لوس انجليس تايمز» بأنه لم يكن يعرف ان الحازمي والمحضار متورطان في الارهاب. اما ضابط «اف بي آي» الذي كان يعمل مباشرة مع المخبر شيخ، فقد قال انه لم تكن للمحضار والحازمي «اهمية تستدعي التحقيق» حتى ذلك الوقت. وقال التقرير ان تساؤلات قد برزت بعد 11 سبتمبر حول المخبر، إلا ان مكتب المباحث الفيدرالي توصل الى ان المخبر «لم يكن صاحب ملاحظة دقيقة وليس له دور في الهجمات»، ومن جانبه رفض شيخ الإجابة على اسئلة محققي لجنة الكونغرس قبل الحصول على حصانة.

وطبقا لشهادة الضابط الذي كان يعمل مباشرة مع شيخ انه اذا اطلع على أي اهتمام من جانب السلطات الامنية في المحضار والحازمي، فإنه كان سيرصدهما بالتأكيد، واضاف مؤكدا انه كان بوسع مكتب المباحث الفيدرالي رصد المحضار والحازمي خلال بضعة ايام فقط اذا تلقوا معلومات كافية حولهم.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»