واشنطن: «القاعدة» قد ترسل مجموعات من 5 أشخاص تستخدم مطارات أميركية كـ«ترانزيت» لتنفيذ عمليات شبيهة بهجمات سبتمبر

بوش بحث مع مدير «سي. آي. إيه» ومستشاريه المخطط الذي كشف عنه معتقلون من شبكة بن لادن

TT

أفادت المذكرة العاجلة التي ارسلت الاسبوع الماضي الى كل شركات الطيران الاميركية ومديري أجهزة الأمن في المطارات ان ارهابيين يعملون في مجموعات من خمسة اشخاص ربما ينفذون مخطط اختطاف طائرات تجارية واستخدامها في هجمات ارهابية في الساحل الشرقي الاميركي او اوروبا او استراليا هذا الصيف، وربما يستخدمون في ذلك «اشياء عادية يحملها المسافرون مثل، آلات التصوير التي يتم تعديلها لاستخدامها كسلحة».

وقد تم اعداد مذكرة «منشور المعلومات» التي صدرت في 26 يوليو (تموز) الحالي بناء على تقارير استخباراتية تم التوصل اليها في الآونة الاخيرة وتقدم تفاصيل اكثر المؤامرات الارهابية التي يحتمل ان تستخدم فيها طائرات ركاب في اميركا منذ استخدام اربع طائرات مخطوفة في هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 ارتطمت بمركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الاميركية وحقل في غرب ولاية بنسلفانيا.

وقالت المذكرة: «ان الخطة ربما تشارك فيها مجموعات من خمسة اشخاص، كل منهم سيحاول السيطرة على طائرة تجارية سواء بعد فترة قصيرة من الاقلاع او قبل الهبوط في مطار معين. هذا النوع من العمليات يعني استبعاد الحاجة الى خاطفين مدربين على قيادة الطائرات».

وقد قدم مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. إيه) جورج تينيت تقريرا حول هذه القضية الى الرئيس جورج بوش اول من امس في اجتماع حضره مستشارو الأمن القومي ووزير الأمن الداخلي توم ريدج. وقال المسؤولون ان المعلومات تم الحصول عليها من واحد او اكثر من كبار المسؤولين في تنظيم «القاعدة» المحتجزين وتم التأكد منها من مصادر استخباراتية اخرى. واشارت المذكرة الى ان الذين يخططون لهذه العملية هم من «المسلمين المتطرفين».

وقال المتحدث باسم وزارة الأمن الداخلي غوردون جوندروي: «نحن مستمرون في تقييم مصداقية هذه المعلومات في الوقت الذي نتخذ فيه اجراءات لسد اية هوة في شبكة امن الطيران».

من جانبه، قال مسؤول في وزارة الامن الداخلي: «اننا ندرس هذا الاحتمال في الوقت الراهن»، مضيفاً ان التهديد بشن هجمات تستخدم فيها شركات طيران «متطابق مع وسائل القاعدة السابقة بالعودة الى اماكن الهجمات السابقة» بعد قضاء بعض الوقت لتقييم نقاط الضعف والقوة في اجراءات الامن الجديدة.

وفي رد فعل للتهديدات الموجهة لشركات الطيران، وجهت الوزارة تلك الشركات يوم الاثنين الماضي للتعاون مع اجراءات فحص اضافية سيبدأ تطبيقها فورا بالنسبة لعدد من المسافرين الى الولايات المتحدة الذين لا يحملون تأشيرات دخول، حسبما افادت مصادر مطلعة على المذكرة. ولم تتضح بعد ماهية هذه الاجراءات الجديدة.

وقال مصدر مطلع على المذكرة انه طُلب من شركات الطيران اجراء عمليات فحص اضافية في مطارات الاقلاع خارج الولايات المتحدة بالنسبة لاجانب محددين مسافرين الى الولايات المتحدة او الى مطارات دولية اخرى. واضاف المصدر: «انها اكثر المذكرات تحديدا التي شاهدتها منذ دخول هذا العالم الجديد» بعد هجمات سبتمبر. وتابع قائلاً: «واضح جداً بالنسبة لي ان الامر خطير جداً جداً».

ويشار الى ان اكثر من 361065 شخصا انطبق عليهم هذا التعريف العام الماضي، وهم الاشخاص الذين يسافرون، مثلا، من ريو دي جانيرو الى لندن، عبر التوقف (ترانزيت) في ميامي. وهؤلاء لا يحتاجون الى تأشيرة دخول الى الولايات المتحدة لانهم يستخدمون المطار الاميركي للتوقف فقط.

وتشير المذكرة الى ان «الارهابيين يخططون لاستغلال هذه النقطة المتعلقة بالتأشيرات وتجنب مراقبة السلطات من خلال السفر من بلد اجنبي تكون فيه اجراءات الأمن فيه اقل تشددا، الى مطار في اميركا او اوروبا او استراليا ثم خطف طائرة اخرى». وتضيف المذكرة ان «اوضاع المطارات في الولايات المتحدة واستراليا وعدد من الدول الغربية تجعل المخططين يعتقدون ان اجراءات الأمن الحالية يمكن التغلب عليها او انها لن تكتشف الخاطفين او اسلحتهم».

تجدر الاشارة الى ان المسافرين الدوليين يستخدمون مطارات اميركية مثل «جون كنيدي الدولي» في نيويورك و«نيوارك الدولي» و«ميامي الدولي» و«اوهاير» في شيكاغو و«لوس انجليس الدولي». ويوجد في مطار دالاس الدولي في العاصمة واشنطن منطقة آمنة، لكنه لا يستقبل طائرات متجهة الى دول اخرى. اما مطار بالتيمور واشنطن الدولي ومطار ريغان فيستقبل طائرات دولية متجهة الى اماكن اخرى يتطلب راكبوها تأشيرات دخول.

وتشير التقارير الاستخباراتية التي تم التوصل اليها في الاونة الاخيرة الى ان الخاطفين الانتحاريين ربما يحاولون «تهدئة الركاب ويجعلونهم يعتقدون انهم في عملية احتجاز رهائن وليست انتحارية»، حسبما جاء في نصائح تم تقديمها الى شركات الطيران ووكالات تطبيق القانون يوم السبت الماضي. وتم الحصول على هذه المعلومات الاستخباراتية من محتجزين من «القاعدة» ومن رسائل تم التنصت عليها، حسبما افاد مسؤول في وزارة الامن الداخلي. وقال المسؤول: «ربما يحاولون تغيير اسلوبهم (مقارنة بما حدث في هجمات 11 سبتمبر) حتى لا يشعر الركاب ان الطائرة ستستخدم كسلاح».

وقال ديفيد ستمبلر، رئيس «جمعية المسافرين عبر الجو»، وهي منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق المسافرين، ان المسؤولين ابلغوه ان الخاطفين «على علم بان المسافرين لن يسمحوا بهجمات اخرى شبيهة بهجمات 11 سبتمبر وسيحاولون اظهار العملية كأنها محاولة لاخذ الطائرة الى مكان ما وليس الارتطام بمبنى».

وقالت المذكرة ان «القاعدة» مهتمة بصفة خاصة باختطاف ونسف طائرات تقلع او تهبط في مطارات بالساحل الشرقي للولايات المتحدة، بالاضافة الى بريطانيا وايطاليا واستراليا.

وتهدد المذكرة، الصادرة في قمة نشاط السفر في فصل الصيف، قطاع الطيران الذي يعاني من مشاكل كثيرة. وقال ستمبلر: «تلقينا العديد من الاتصالات من مسافرين يشعرون بالقلق من هذا الامر».

وكانت الحكومة الاميركية قد طورت امن الطيران عبر تقوية ابواب قمرات القيادة وتوسيع مجال فحص الركاب والحقائب. وقال مسؤول آخر في وزارة الامن الداخلي: «اتوقع اولا عمليات على غرار عملية ريتشارد ريد (صاحب الحذاء المتفجر) بدلا من اختطاف طائرة». وكان ريد قد حاول اواخر عام 2001 تفجير طائرة في طريقها من فرنسا الى الولايات المتحدة باستخدام عبوة مخبأة في حذائه، الا ان امره اكتشف داخل الطائرة وتم التغلب عليه من قبل المسافرين.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» و«واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»