أعضاء لجنة العلاقات العامة في مجلس الشيوخ يشنون هجوما عنيفا على وولفويتز بسبب المبررات والتكاليف المادية والبشرية لحرب العراق

TT

استجوبت لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس الشيوخ الاميركي نائب وزير الدفاع الاميركي بول وولفويتز اول من امس حول المبررات التي قدمتها ادارة الرئيس جورج بوش للحرب في العراق والتكلفة المتزايدة لكسبها. واشتكى اعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري من ان الادارة تضعف موقفها بفشلها في قول الحقيقة.

وفي واحدة من المواجهات التي كادت تصل الى حد المس بسمعة مجلس الشيوخ كمنبر للنقاش الحضاري، سأل السناتور جوزيف بيدن من ولاية ديلوار، ابرز ديمقراطي في اللجنة، وولفويتز «متى ستبدأون بالتصرف بأمانة معنا؟». وقال بيدن الذي صوت في العام الماضي لصالح الموافقة على غزو العراق، انه يعتقد ان وظيفة اعادة اعمار العراق كانت «ممكنة» ولكنها تتطلب «عشرات المليارات من الدولارات» واكثر من «مائة ألف جندي» لفترة غير محدودة. وقال وهو ينظر الى وولفويتز والقائم بأعمال رئيس اركان الجيش الجنرال جون كين وجوشوا بولتن مدير مكتب الادارة والميزانية «اذا لم تكن تفكر في هذا الاطار، فلا يجب على اي منكم شغل الوظيفة التي يشغلها».

ولم يقدم وولفويتز ولا بولتن تقديرا علنيا للتكلفة المرجحة لعمليات اعادة اعمار العراق اكثر من مبلغ الـ7.3 مليار دولار المخصصة للسنة المالية الحالية، التي تنتهي في 30 سبتمبر (ايلول). وقال وولفويتز ان الادارة ستطلب في النهاية من الكونغرس المزيد من الاموال، ولكنه قال ان المبلغ سيعتمد على ما اذا كانت بعض الدول مثل تركيا وباكستان ستقدم قوات للحلول محل بعض القوات الاميركية التي يصل عددها الى 150 الف جندي الان في العراق. وقال وولفويتز ان التكلفة ستعتمد على مدى سرعة تدرب العراقيين على الحلول محل القوات الاميركية التي تتولى حراسة المنشآت الهامة. وقال كين ان عدد الاميركيين في العراق سيظل «على نفس المستوى» على الاقل حتى مارس (آذار) المقبل. وتجدر الاشارة الى ان الادارة تنفق 4 مليارات دولار شهريا على القوات الاميركية في العراق.

وقد اصبح وولفويتز، وهو من مهندسي قرار الادارة غزو العراق، محل غضب اللجنة بسبب الشكاوى الكثيرة من سوء التخطيط لمرحلة ما بعد صدام حسين وتردد الادارة في الاعتراف بأن التكلفة ستكون اكبر مما يتصور الرأي العام الاميركي.

وقال السناتور لامار اليكساندر الجمهوري من ولاية تينسي انه «تم التخطيط للحرب افضل من السلام»، بينما اشاد السناتور جورج فوينوفيتش وهو جمهوري من ولاية اوهايو بجوانب الاداء الاميركي في العراق، لكنه حث الادارة على ان «تكون اكثر وضوحا» بخصوص التكلفة. وذكرت السناتورة باربرا بوكسر الديمقراطية من ولاية كاليفورنيا ان التكلفة المرجحة ستصل الى 45 مليار دولار في السنة المقبلة، وهو ضعف ما تنفقه الحكومة الفيدرالية على التعليم العالي او معاهد الصحة العامة. وقالت ان ناخبيها يشعرون بالقلق بخصوص زيادة الضحايا الاميركيين، مضيفة «لدينا العديد من المشاكل في هذه الولاية».

وكان وولفويتز الذي زار العراق اوائل الشهر الحالي قد اعترف الاسبوع الحالي بانه فوجئ بمستوى المقاومة العراقية والاوضاع المتدهورة للبنية الاساسية للعراق. لكنه قال للجنة ان دعم النصر الاميركي امر ضروري لانها «المعركة المركزية في الحرب العالمية ضد الارهاب». وقد اثار التصريح غضب عدد من اعضاء اللجنة، الذين قالوا ان الادارة فشلت في اثبات العلاقة بين نظام صدام والجماعات الارهابية المعادية للولايات المتحدة. وقال السناتور لينكون شافي من رود ايلاند «لم نر الدليل على اي علاقة بين صدام حسين والقاعدة». ولاحظ شافي ان وولفويتز لم يشر الى اسلحة الدمار الشامل في تصريحه بالرغم من ان الخوف من احتمال منح صدام هذه الاسلحة الى جماعات ارهابية كان المنطق الرئيسي للادارة لدخول هذه الحرب. واضاف شافي «امامنا الآن مبررات مختلفة (للحرب)». واشار الى ان وولفويتز ركز بدلا من ذلك على فظائع صدام حسين في مجال حقوق الانسان. وسأل شافي انه اذا كان ذلك هو السبب الرئيسي لاسقاط النظام، فلماذا لا تبذل الادارة الاميركية ما يكفي لاسقاط الرئيس الليبيري تشارلز تايلور المتورط في قتل او تعذيب نصف مليون شخص؟ واشار السناتور روس فينغولد الديمقراطي من ولاية ويسكونسن الى النشاطات الارهابية في افغانستان وافريقيا والشرق الاوسط خارج العراق، وسأل وولفويتز «هل انت متأكد اننا نركز على الهدف الحقيقي»؟

وضغط عدد من اعضاء اللجنة ايضا على المسؤولين في الادارة للذهاب الى الامم المتحدة للحصول على قرار ينص على مشاركة العديد من الدول بالقوات والمساعدات الاقتصادية في العراق.. وقال ريتشارد لوغار الجمهوري من ولاية انديانا ورئيس لجنة العلاقات الخارجية «اننا نعرف ان جهود التحالف في العراق يجب ان تتعرض لمزيد من التدويل لكي تنجح وتكون مقبولة من ناحية التكاليف». وذكر وولفويتز الى ان الادارة ستكون راغبة في العودة للامم المتحدة «لكنها لن تؤيد قرارا يحرم سلطة الاحتلال التي تقودها اميركا (في العراق) من جزء كبير من السلطة». واشار لوغار الى انه بسبب «مزيج من العراقيل البيروقراطية والحذر السياسي والتوقعات غير الواقعية الموجودة منذ ما قبل الحرب، فلا يبدو اننا على ثقة بخصوص مسارنا في العراق». واضاف انه بعد ثلاثة اشهر من اعلان الرئيس الاميركي بوش انتهاء العمليات الحربية الاساسية في العراق «فإننا نفتقد الى خطة شاملة لكيفية الحصول على موارد كافية للعمليات في العراق وكيف نستخدمها للحد الاقصى». وقد وقع نقاش حاد مرتين بين بيدن ووولفويتز بخصوص تكلفة الحرب في العراق. فقد قال له بيدن وصوته يكاد يصل الى حد الصراخ «اعتقد انك ستفقد الشعب الاميركي اذا لم تتقدم الان وتبلغهم بما تعرفه، ان (جهود اعادة البناء) ستكلف عشرات المليارات من اموال دافعي الضرائب الاميركيين وعشرات الالوف من افراد القوات الاميركية». وفي اشارة الى عادة وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد الى وصف بعض الامور بأنها «مجهولة» حذر بيدن وولفويتز بقوله «رجاء لا تضيع وقتنا او وقتك بالقول ان المستقبل مجهول. حدد رقما. اختر فكرة». وفي لهجة اقل حدة قال لوغار ان على الادارة ان تقدم «على الاقل فكرة ما عما هو المطلوب المرجح من دافعي الضرائب الاميركيين».

الا ان وولفويتز ومدير الميزانية في البيت الابيض بولتن كررا موقف الادارة القائل بأنه من المستحيل تقدير التكلفة لان الموقف في العراق يتغير بسرعة. وقال بولتن انه يتوقع ان تكلفة الاحتفاظ بقوات «خلال الشهرين المقبلين» في العراق ستبقى 4 مليارات دولار في الشهر. غير انه قال انه لن يقيم التكلفة بعد ذلك.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» و«يو إس إيه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» وتكهن بأن الادارة ستطلب المزيد من التمويل للعراق خلال طلب الميزانية الاضافية في اواخر العام الحالي. وانتقد وولفويتز مجلس الشيوخ لرفضه تقديم 200 مليون دولار التي طلبها البنتاغون في اوائل العام الحالي لتدريب قوات الأمن العراقية. وقال ان ذلك ادى الى مقتل قوات اميركية. وقال انه كان من الممكن ان يتولى العراقيون لمستشفى في بعقوبه شمال بغداد، حيث القى شخص قنبلة يدوية على مجموعة من الجنود السبت الماضي، مما ادى الى مقتل ثلاثة جنود. واضاف وولفويتز «ان الكونغرس رفض طلب تخصيص هذا المبلغ لتدريب العراقيين على مثل تلك الوظائف الامنية لانه اعتقد انه من غير الضروري». وقال وولفويتز «آمل ان يكون الآن واضحا لماذا هذا الامر ضروري. ان من الافضل ان يقاتل ويقتل العراقيون من اجل بلادهم بدلا من قيام الاميركيين بذلك».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» و«يو إس إيه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»