المخابرات الإسرائيلية تتوقع انفجار الانتفاضة من جديد بسبب الخلافات داخل «فتح»

TT

ازاء التفاؤل الذي يبديه عدد من قادة الجيش الاسرائيلي من امكانية تمديد فترة الهدنة ووقف اطلاق النار بين اسرائيل والفلسطينيين، اعربت قيادة المخابرات العامة (الشاباك) عن تقديرها بخطر انفجار الانتفاضة المسلحة من جديد. وعزت ذلك ليس للاجراءات الاسرائيلية بل للخلافات القائمة داخل حركة «فتح» حزب السلطة الفلسطينية. وزعمت ان هناك قوى داخل فتح ترفض الاصلاحات الامنية التي يقوم بها وزير الدولة لشؤون الامن، محمد دحلان، وترفض اعلان الولاء. وكالعادة، اشارت باصبع الاتهام في ذلك نحو رجال الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، وتحديدا رئيس المخابرات العميد توفيق الطيراوي والرئيس السابق للأمن الوقائي، العقيد جبريل رجوب، ووزير الداخلية السابق، هاني الحسن.

وكان رئيس اركان الجيش، موشيه يعلون، ووزير الدفاع شاؤول موفاز، ورئيس الوزراء، ارييل شارون، وعدد كبير من مساعديهم، قد تحدثوا بشكل ايجابي عن جهود حكومة محمود عباس (ابو مازن) في تنفيذ الاصلاحات المالية والامنية واشادوا بالتزام «حماس» الكامل والتزام «الجهاد الاسلامي» شبه الكامل، باتفاق الهدنة. وقالوا ان هذا الالتزام يشير الى امكانية تمديد الهدنة مرة اخرى. ولذلك خففوا من مطالبهم تجاه الحكومة ووافقوا على ان يتم تفكيك التنظيمات الفلسطينية المسلحة بالطرق السلمية، بعد ان كانوا طالبوا بتفكيكها بالقوة. واتخذوا عدة اجراءات جدية لتخفيف معاناة الفلسطينيين، مثل ازالة بضع حواجز وزيادة عدد تصاريح العمل في اسرائيل لتسعة آلاف عامل جديد والتفاوض على تسليم مدينتين فلسطينيتين اخريين للحكومة الفلسطينية.

الا ان المخابرات العامة (الشاباك)، خرجت بتقرير يحذر من زيادة التفاؤل، ويرسم صورة سوداء للموقف الفلسطيني.

وحسب تقرير المخابرات، فان هذه الخلافات لن تجد لها حلا في الفترة القريبة، بل ستجد من وما يغذيها من الداخل، بدعوى ان الرئيس عرفات هو الذي يقف وراءها.

ولهذا، تقترح المخابرات الاسرائيلية على الحكومة والجيش الاستعداد لوضع تنفجر فيه هذه الخلافات في وجه اسرائيل باستئناف العمليات الحربية مثل: العمليات التفجيرية، اطلاق رصاص على سيارات المستوطنين، خطف جنود ومستوطنين وغير ذلك. وتعرب عن مخاوفها من مغبة نقل المزيد من المدن للمسؤولية الامنية الفلسطينية. وتحذر بشكل خاص من اعادة الحرية لمدينة اريحا وإعادة فتح الكازينو. وتقول: «فتح الكازينو سيعني فتح باب التمويل من جديد للعناصر المقربة من عرفات، وفتح باب جهنم بالنسبة لليهود. فالمعروف ان اليهود هم اكثر الزبائن نشاطا واستثمارا وصرفا في الكازينو. وليس من المستبعد ان يتم خطف اسرائيليين هناك».

ورأى مصدر مقرب من عرفات هذه التحذيرات وتقرير المخابرات برمته «اشارات خطيرة تدل على النيات الحقيقية للقائمين عليها، بدءا برئيسها آفي ديختر وانتهاء برئيسه شارون». وقال هذا المصدر في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، ان الترجمة العملية لهذا التقرير تقول ان اسرائيل غاضبة جدا من الانسجام والتعاون بين الرئيس ياسر عرفات وبين رئيس حكومته ورفيق دربه ابو مازن، وتفتش عن وسيلة لإعادة دق الاسافين بينهما. فاذا فشلت على الساحة السياسية في ذلك، فانها تنوي التفتيش عن الساحة العسكرية.

واضاف هذا المصدر انه يخشى من ان تكون اسرائيل تفتش عن حجة لتصفية دور الرئيس عرفات قبيل الانتخابات العامة المقبلة، لكونها تعرف انه سيكون المرشح الوحيد المضمون للفوز بدورة رئاسية اخرى. وهي تحاول اجهاض هذه الامكانية من الآن.

واختتم يقول: «لقد بنت اسرائيل قصورا من الاوهام من احداث 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة ومن حرب العراق. فحسبت ان توازن القوى الجديد يمنحها فرصة لتصفية القضية الفلسطينية وتقزيمها، بواسطة تصفية دور القائد الرمز لهذه القضية، الا وهو ياسر عرفات. فعندما فشلت في ذلك واضطرتها التوازنات الدولية الجديدة الى تخفيض سقف تمنياتها، راحت تفتش عن التخريب المباشر بواسطة دق الاسافين واثارة الفتن وتفجير حرب اهلية داخل الوطن الفلسطيني».