رئيس الوزراء الإسرائيلي: الجدار الأمني ليس حدودا سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين

TT

زار ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبوع الماضي البيت الابيض للمرة الثامنة في عهد ادارة الرئيس جورج بوش الذي يسعى للترويج لما يطلق عليه «خريطة الطريق» للسلام في الشرق الاوسط، والتي ادت الى هدنة مؤقتة من جانب الجماعات الفلسطينية المتطرفة. وخلال اللقاء حث الرئيس بوش شارون على تقديم تنازلات لدعم عملية السلام. في هذه المقابلة يتحدث شارون، 75 سنة، عن اهدافه.

* كيف كان اجتماعك مع الرئيس بوش؟

ـ اعتقد ان الاجتماع كان جيدا. بالنسبة لعلاقاتنا مع الادارة يمكنني القول انها علاقة تقارب وتعاون استراتيجي والكثير من الصداقة. غير ان ذلك لا يعني اننا نتفق على كل شيء دائما. نحن ننظر بتقدير عميق الى الخطوات التي اتخذها الرئيس بوش في المنطقة.

* هل تقصد العراق؟

ـ كانت البداية في افغانستان، وشاهدناها في العراق. لقد فهم أهمية اتخاذ خطوات ضد النظم الاستبدادية. واعتقد بوجود بعض المشاكل في الوقت الراهن، ولكن اعتقد ان التاريخ سينظر (للحرب في العراق) باعتبارها واحدة من اهم الخطوات التي تم اتخاذها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

* هل انت راض عما يفعله رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس لتفكيك البنية التحتية للارهاب؟

ـ لا يزال يوجد ارهاب، ولكنه اهدأ وانخفضت (اعمال) التحريض عما كان عليه الحال من قبل. على الفلسطينيين حل المنظمات الارهابية ومعاقبة (الارهابيين) وجمع الاسلحة (غير القانونية)، التي يجب تسليمها الى طرف ثالث. الولايات المتحدة هي القادرة على اخذها من مناطق السلطة الفلسطينية وتدميرها. وبالنسبة لأهم شيء وهو (انجاز) خطوات ضد المنظمات الارهابية، فلم نر اية خطوات. لقد ذكر رئيس الوزراء الفلسطيني في الاسبوع الماضي انه لن يتخذ اجراءات ضد حماس والجهاد الاسلامي، وهو امر مقلق. يجب على الفلسطينيين التصرف في اسرع وقت بقدر الامكان. سيصبح الامر صعبا في المستقبل. الانطباع هو انهم سيحاولون التوصل الى اتفاقيات ولكنهم لن يفعلوا ما يعتقد الرئيس بوش انه يجب عمله: حل المنظمات الارهابية.

* لقد قيل ان الفلسطينيين حولوا قضايا المحادثات الى حديث عن السجناء الفلسطينيين والحواجز الامنية.. ما هو رد فعلك؟

ـ اعتقد ان عليهم تطبيق الاصلاحات وازالة (الرئيس الفلسطيني) ياسر عرفات من موقع التأثير في المجالات الامنية والمالية. وبالنسبة للسجناء، فقد افرجنا عن عدة مئات بالفعل وسنفرج عن المزيد. ولكن لا يمكننا الافراج عن كل السجناء. لا يمكننا الافراج عن اولئك الذين تلطخت ايديهم بالدماء، والذين شاركوا في اعمال ارهابية او الذين يرسلون انتحاريين لارتكاب اعمال ارهابية. لا يمكننا الافراج عن هؤلاء. فالذين تم الافراج عنهم من قبل، عادوا الى ممارسة الارهاب.

وبالنسبة للجدار، فإن المنطقتين الوحيدتين اللتين يوجد فيهما جدار هما لحماية السكان المدنيين الاسرائيليين على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط المناطق الجنوبية بالشمال. وفي تلك المنطقة يطلق الفلسطينيون النار على السيارات المارة. ولكننا ما نزال نجري محادثات بهذا الشأن. افهم حساسية الرئيس بوش، اعرف انه في غاية الحساسية عندما يتعرض المدنيون للاصابات او المعاناة. ولكن هذا الجدار مهم لعدة اسباب. لقد ابلغت الرئيس بوش ان الجدار ليس حدودا سياسية. هو مهم لمنع الارهابيين او الانتحاريين من دخول وسط اسرائيل وارتكاب جرائمهم.

* الم تعترض في الماضي على الجدار؟

ـ لست مغرما بهذا الجدار ولم اكن لاشيده لو لم اشهد هذه الجهود المستمرة من قبل الفلسطينيين لدخول وسط البلاد والقيام بعمليات هناك. والسبب الاخر هو ان استراتيجية عرفات لعدة سنوات هي جعل الارهاب جزءا من العملية السياسية. (انه يقول): إذا تفاوضت ولم تحصل على ما تريده، فإنك تستخدم الارهاب فورا. هذا هو ما فعله عدة مرات في الماضي.

ان معارضة الفلسطينيين للجدار هي انه يسبب بعض الصعوبات للمزارعين الفلسطينيين، وباعتباري مزارعا (يملك مزرعة في النقب)، افهم هذا. ولكننا اتخذنا كل الخطوات الضرورية لفتح الابواب ولم نحاول على الاطلاق أخذ هذه الارض منهم.

* ما الذي اتفقت عليه مع الرئيس بوش حول الجدار؟

ـ سنواصل بناء الجدار ولكن سنحاول ان نجعله سهلا بقدر الامكان بالنسبة للمزارعين. مسؤوليتي الاولى هي امن المواطن الاسرائيلي.

* ما هو تقييمك لأبو مازن؟

ـ اعتقد ان ابو مازن يفهم منذ امد بعيد ان المرء لا يمكنه فرض الحلول السياسية على اسرائيل بالارهاب. ويفهم ايضا ان معظم معاناة الفلسطينيين ناتجة عن استراتيجية عرفات. وهو يريد التوصل الى اتفاق عن طريق المفاوضات. اعتقد انه مخلص في هذا المجال. ولكن عليه اتخاذ الخطوات المطلوبة ضد المنظمات الارهابية. ففي المستقبل سيصبح الامر اكثر صعوبة.

* هل الامر صعب بالنسبة لابو مازن لانه لا يسيطر على المنظمات الامنية؟

ـ يوجد سببان; الاول، هو ان عرفات يضعف موقفه. والثاني، هو ان الاصلاحات لم تطبق. لن يقبل احد ان تعني الاصلاحات ان عرفات يسيطر على معظم القوات المسلحة وجزء من الاستخبارات. يجب عليهم التصرف في اسرع وقت ممكن. سيصبح الامر صعبا في المستقبل. ان حماس وباقي المنظمات ضعيفة الان. لقد عانت (هذه المنظمات) من خسائر. لقد القينا القبض على العديد من قياداتها. نحن لا ننظر الى وقف اطلاق النار (من جانب الجماعات المتطرفة) كحل للمشكلة. ان التوصل الى وقف اطلاق نار امر هام، ولكنه يمنح المنظمات الارهابية وقتا لصناعة مئات من «صواريخ قسام» ذات مدى اطول، وتسليح نفسها، وتهريب اسلحة واعادة تنظيم بنيتها. وهو امر لا يمكن قبوله كحل للمشكلة لاننا سنصبح اسرى في يد المنظمات الارهابية التي يمكنها انتهاك الاتفاقيات كل يوم. ان الاتفاق (الجاري في المناطق الفلسطينية) هو بين السلطة الفلسطينية والمنظمات الارهابية ـ وليس معنا.

* لماذا تحتاج الى جدار في الشرق بعدما ازالت الولايات المتحدة العراق كتهديد؟

ـ ان الارهابيين الذين تمكنا من وقفهم في المداخل الشمالية يستخدمون هذه المنطقة للاختراق.

* هل كنت تعتبر صدام حسين خطرا على اسرائيل؟

ـ كان العراق خطرا. لقد قتل هذا النظام الدموي عشرات الالوف من مواطنيه بأكثر الطرق وحشية. والخطر الاكبر هو حقيقة انه كان يملك، طبقا لفهمنا، اسلحة دمار شامل، كما يملك المعرفة لانتاج اسلحة نووية.

* اذن انت تتفق مع الرئيس بوش على ان العراق يملك اسلحة دمار شامل بالرغم من عدم العثور على اي منها؟

ـ نعتقد ان الحرب كانت بمثابة انذار الى كل الانظمة الدموية التي تؤيد المنظمات الارهابية.

* هل تعتقد بوجود اسلحة دمار شامل (في العراق)؟

ـ استخدموها في الماضي. لا يوجد سر في ذلك. وبالنسبة للاسلحة النووية، نعرف بوجود المعرفة النووية لديهم.

* وماذا عن المستوطنات ونقاط الاستيطان. من المفروض ان اسرائيل ستجمد المستوطنات خلال المرحلة الاولى من خرطة الطريق وتزيل نقاط الاستيطان.

ـ نزيل النقاط غير القانونية. لقد ازلنا 22 نقطة استيطان واعلم أنه سيتم ازالة 12 نقطة اخرى في المستقبل القريب.

* يقول المسؤولون الاميركيون انه في كل مرة تزيلون واحدة، تظهر نقطة اخرى. هل هذا صحيح؟

ـ لقد ازلناها فيما بعد. ان اسرائيل دولة يسودها القانون، وسيتم ازالة كل نقاط الاستيطان غير القانونية. ليس الامر سهلا. في بعض الاحيان نحتاج الى الف جندي.

* تحدثت عن انهاء اسرائيل «للاحتلال»؟ لماذا؟ هل يشير ذلك الى بعض التغيير في تفكيرك؟

ـ لا، لا يوجد تغيير ولم يكن ذلك ما قصدته. لقد قلت انني لا عتقد ان حكم الشعب الفلسطيني هو امر صحيح بالنسبة لنا. ان نتيجة عملية السلام يجب ان تكون الامن الشامل. وعندما يتعلق الامر بالامن، فإن اسرائيل لن تقبل المساومة. عليك ان تتذكر انني اتحدث كيهودي. بالنسبة لي، ان اكون يهوديا هو اهم شيء. ان لليهود دولة صغيرة ذات الكثير من المواهب. هذا هو المكان الوحيد في العالم الذي يحق فيه لليهود الدفاع عن انفسهم. ومسؤوليتي التاريخية حيال الشعب اليهودي هي الحفاظ عليه. وهو ما سأفعله.

* ما هو المطلوب لتحقيق السلام؟

ـ اولا، يحتاج الامر الى اعتراف العرب بأنه من حق الشعب اليهودي ان تكون له دولة يهودية في وطن الشعب اليهودي. وهو (أمر) لم نحققه بعد. وربما يمثل (هذا الاعتراف) نهاية الصراع. ولكنه يحتاج الى قيادة اسرائيلية قوية وجادة يمكنها تقديم تسويات مؤلمة على مناطق هي مهد الشعب اليهودي. وهو ما سأحاول القيام به.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»