الحكومة المغربية تتوصل إلى اتفاق مع النقابات حول تقنين الإضرابات والحريات النقابية

وزير العمل المغربي لـ«الشرق الأوسط»: مرونة النقابات أدت إلى إقرار «مدونة العمل»

TT

يبدو مصطفى المنصوري وزير التشغيل (العمل) والشؤون الاجتماعية في الحكومة المغربية فخوراً كثيراً بالإنجاز الذي حققه عقب التوصل إلى اتفاق مع النقابات حول تنظيم علاقات العمل في القطاعين العام والخاص واقرار «مدونة الشغل» من قبل البرلمان.

ويتوقع أن يعرض على البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل قانون تنظيمي جديد حول الاضرابات. واستطاع المنصوري ان يحقق ما تعذر على اسلافه في هذا المنصب الحكومي. وروى المنصوري في حديث مع «الشرق الأوسط» خبايا مفاوضات الحكومة مع انقابات، وقال ان الحجج السياسية كانت لصالح مواقفه خلال الحوار مع النقابات بصورة ساحقة.

ويعزو نجاحه الى المنطق وأسلوب الحوار الذي اعتمدته الحكومة. واوضح ان المنطق «يقضي تلبية مطالب النقابات في حدود المعقول لقاء موافقتها على عدم عرقلة مصادقة البرلمان على المدونة التي ظلت تراوح مكانها لعدة سنوات.

وهذا نص الحديث:

* بداية أود أن أسألك لماذا رفضت النقابات «مدونة الشغل» (قانون العمل) المعدلة لسنوات ثم عادت لتقبلها, كيف أقنعتموهم هل تغير موقف الحكومة أم تغير موقف النقابات أم تغيرت الظروف؟

ـ الظروف هي التي تغيرت. أظن أن «مدونة الشغل» كانت القانون الوحيد الذي بقى مجمداً لسنوات، صدرت قوانين الشركات والمحاكم التجارية وقوانين الاتصالات إلى غير ذلك. معظم المشاريع صودق عليها إلا «مدونة الشغل». في الفترة التي تمت فيها المصادقة على تلك القوانين كانت الظروف صعبة، النقابات كانت متشددة جداً حول بعض النقاط خاصة مسألة الفصل عن العمل في الظروف العادية أو الفصل التعسفي لانها كانت ترى في مبدأ «الليونة» طريقة غير مباشرة لتسريح العاملين، علما بأن «الليونة» كانت في الدول المتقدمة وسيلة جعلت حجم العمل يرتفع بدل أن يتقلص لأن الليونة تعطي للمقاولات إمكانية التحرك في ما يخص الإنتاج تبعاً للظروف الاقتصادية حيث تكون هناك أزمة عابرة أو حين يزداد الطلب على الإنتاج.

المقاولة عندما تكون لها إمكانية لتتأقلم مع الظروف تصبح لها مردودية أفضل. هذه النقطة كانت جوهرية فيما يخص الإشكالية المطروحة من طرف النقابات.

عندما نتكلم عن الثمانينات والتسعينات كانت هناك ظروف أخرى، حكومة التناوب تشكلت عام 1998 برئاسة عبد الرحمن اليوسفي، وكان هناك غليان داخل النقابات وتتطلع بأمل كبير لحكومة التناوب لتلبي مطالبها المطروحة منذ زمن بالنسبة للحريات النقابية ورفع الحد الأدنى للأجور. تقدمت النقابات بطلبات كثيرة جدا وكانت هناك ضغوط على حكومة التناوب خاصة على عبد الرحمن اليوسفي (رئيس الوزراء).

كنا نشعر أن هناك ضغوطات من طرف النقابات من اجل ان تحقق مكتسبات في عهد حكومة التناوب. الإشكالية التي طرحت هو ان الحكومة تجاوبت فعلا مع النقابات ولكن الامكانات التي كانت متاحة آنذاك والتي لم يطرأ عليها تغيير لم تمكن الحكومة ان تعطي أكثر. وهكذا بدأت الاضرابات عام 2001 وتوترت العلاقات بين النقابات والحكومة، إثر ذلك قمنا بعدة حوارات إما قطاعية أو وطنية بإشراف رئيس الوزراء آنذاك، لكن لم تعط النتائج التي توخيناها. اليوم ومع هذه الحكومة التي يترأسها إدريس جطو تغيرت الطريقة والظروف وحتى النقابات تراجعت عن تشددها لأنها توصلت إلى اقتناع بأنه إذا لم يستطع اليوسفي الذي كان نقابياً وأقرب إليه أن يرضيها فلابد إذن من مرونة. وأظن أن ذلك أعاد إلى النقابات بعض الحكمة والمرونة واقتنعت بانه لا يمكنها ان تطلب من الحكومة أكثر مما هو متاح، ثم ان الطريقة التي تم بها الحوار بين الحكومة الحالية والنقابات كانت مختلفة إذ اعتمدت أسلوب «أعطيني نعطيك» أي حتى يكون الحوار شاملاً لا بد أن تكون هناك أمور يجب أن يتخذ فيها قرار حاسم. عندما بدأنا الحوار تحت إشراف رئيس الوزراء اتفقنا على «سلة» أو «حزمة» من الإجراءات مع ضرورة الوصول الى اتفاق حول المشاكل الاجتماعية المطروحة ونتفق على جميع المبادئ الأساسية وكذلك الإجراءات التي يجب ان تتخذ بسرعة، هذه الطريقة حتمت على النقابات المرونة، وخلال الحوار الذي طال بين الحكومة والنقابات وقعت أشياء كثيرة أثرت كذلك على الحوار بين الجانبين.

* مثل ماذا؟

ـ ما جرى في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي) الذي كان له تأثير بالغ على الحوار، إذ تعرضت هذه النقابة إلى انقسام وتأسست «الفدرالية الديمقراطية للشغل» كذلك كانت هناك مسألة الانتخابات(البلدية والغرف المهنية)، أظن، وهذا تحليل شخصي، أن النقابات التقليدية الثلاث كانت تريد ان تخرج بسرعة بنتيجة قبل إجراء الانتخابات، وهناك كذلك الاتحاد الوطني للشغل (اتحاد عمالي ذو توجه إسلامي) أصبح له كلمته في الميدان النقابي، هذه العوامل كلها كانت حاضرة خلال الحوار بين الحكومة والنقابات. ثم هناك مسألة نفسية تتعلق بنظرة النقابات للوزير الذي يتولى مسؤولية وزارة الشغل (العمل).

* في أي اتجاه؟

ـ النقابات كانت ترى دائما في الوزراء الحزبيين الذين يتولون هذه الوزارة بان لهم نقابات موالية لأحزابهم، ولمست شخصياً ارتياحاً وسط النقابات لأن الحزب الذي أمثله في الحكومة (التجمع الوطني للأحرار) ليس له نقابة موالية له أو يتعاطف معها. ثمة مسالة أخرى وهي السرعة التي عملنا بها خلال الحوار. كان هناك حوار ماراثوني كنا نعمل من التاسعة صباحا الى الثامنة ليلا وأظن أنه كان حواراً جاداً.

* هل عقدتم لقاءات خارج إطار الاجتماعات العامة أي اتصالات جانبية أو مفاوضات كواليس؟

ـ كانت هناك لقاءات ومفاوضات طويلة.

* ما هي النقابة التي وجدتم معها صعوبة أي التي كانت متشددة؟

ـ أقول لك بكل صراحة لم أجد شخصياً أي صعوبة مع أية نقابة.

* ألم تكن النقابات تزايد على بعضها بعضاً؟

ـ العكس هو الذي حدث. الطريقة التي أدرنا بها الحوار سهلت لنا الأمور. في اللجنة التي كنت اترأسها وكانت لجنة صعبة تدارست مشاريع القوانين و«مدونة الشغل» والحريات النقابية وحق الإضراب وهي الأمور الصعبة والحساسة جدا، أبلغت النقابات بأننا لن نبدأ المناقشات إذا لم تتفق النقابات الثلاث على تصور محدد، منحناهم وقتاً كافياً ليجتمعوا فيما بينهم لأول مرة يتفقون على تصور معين خاصة بالنسبة «لمدونة الشغل» ويتفقا كذلك على جميع التعديلات التي ينوون إدخالها على «المدونة» منذ البداية قلت لهم لا أرغب في التفاوض مع ثلاث نقابات كل واحدة تضع شروطاً وكل نقابة لديها مبادئ تريد أن تترجمها على أرض الواقع، بل أريد موقفاً موحدا.

* هل اتفقوا؟

ـ حدث اتفاق بين النقابات الثلاث لذلك كانت وتيرة العمل أسرع.

* ما هي النقطة الأساسية في «مدونة الشغل» التي كانت مثار خلاف كبير خلال الحوار؟

ـ هناك عدة نقاط، لكن النقطة الرئيسية كانت تتعلق بالحريات النقابية. لدينا نظام استقيناه من فرنسا يقضي أن تكون لمندوبي العاملين في المقاولة أو المؤسسة كلمة حاسمة، هؤلاء المندوبون كانوا يوجدون في بعض المقاولات ولكن ليس لهم الحق ان يوجدوا في مقاولات أخرى. النقابيون ركزوا كثيرا على ضرورة وجود المندوبين النقابيين في جميع المقاولات، حجتهم أن ذلك يدخل في إطار الحريات النقابية وهناك اتفاقية دولية تفرض حماية النقابات ويضمن لها الحق في المناقشة داخل المقاولة الى غير ذلك. وهكذا تفاوضنا حول طريقة تمثيل النقابات أو الممثلين النقابيين في المقاولات فوصلنا الى اتفاق يقضي أن يوجد الممثل النقابي في المقاولات التي فيها أزيد من مائة عامل ولو انه ليس منتخباً لكنه يمثل المركزية التي ينتمي إليها وله الحق في ان يكون داخل لجنة المقاولة وان يتفاوض مع المقاول حول مطالب العاملين. وإذا كان في المقاول أقل من مائة عامل تركنا الأمر مفتوحاً لمعالجته مستقبلاً، ذلك أن القطاع الخاص في المغرب هش وبالتالي فإن المقاولات التي يعمل بها أقل من مائة عامل هي مقاولات صغرى ومتوسطة، وفي اغلب الأحيان يكون رب العمل هو «صاحب المحفظة» كما يقال وليس هناك مدير للموارد البشرية وما شابه فإذا أدخلنا له ممثل نقابي ربما سيخلق ذلك مشاكل داخل المقاولة.

مسألة الحريات النقابية استغرقت وقتاً طويلا، لأن النقابات قالت إن الشرط الوحيد للمفاوضات هو أن نناقش الحريات النقابية، واحضر النقابيون الوثائق التي تدعم مواقفهم بشأن حدوث خروقات في المقاولات المغربية وعدم احترام النقابات. كما تقدموا باقتراحات تقضي بإلغاء الفصل 288 من المسطرة الجنائية التي تنص بسجن العمال الذين يقومون بعرقلة حريات العمل وكذلك طلبوا إلغاء الفصل الخامس من القانون الأساسي للوظيفة العمومية (القطاع العام) الذي يمنع الإضراب داخل هذا القطاع.

كانت هناك مطالب أخرى كلها تصب في إطارالحريات النقابية وكانت هناك مرونة حول هذا الموضوع خاصة ان هناك اتفاقيات دولية وقع عليها المغرب وأصبحت ملزمة.

* نصت مدونة الشغل على تقديم الدولة دعماً مالياً للنقابات كيف سيتم هذا الدعم وعلى أي أساس؟

ـ ناقشنا في الحكومة هذا الطلب لأنه جاء من بعض النقابات في حين أن نقابات أخرى يقولون إنهم من الناحية المبدئية يرفضون دعم الدولة لأنه يؤثر على استقلاليتهم، لكن رغم ذلك اتفقنا أن يكون هناك دعم للنقابات انطلاقا من أن عدم وجود الدعم يدفع للتطرف في طرح المطالب وتكون العلاقة بين النقابات وبين الدولة علاقة توتر وليس علاقة شراكة وحوار، ثم إذا لم يكن هناك دعم تعيش النقابات حالة انغلاق ولا يكون لها انفتاح على الخارج وليست لها إلمام بما يقع في العالم ولا تعرف ماذا يقع في دول أخرى من تقدم في ميدان تشريعات وعلاقات العمل لذلك ارتأينا ضرورة تقديم دعم مالي للنقابات لأنها تتدخل من اجل دعم الأحزاب السياسية والجمعيات والدستور ينص على أن النقابات تقوم كذلك بتأطير المجتمع. والنقابي يجب أن تكون له دراية بما يحدث وإلا ستبقى دائما فكرة أن المال يعني الاستغلال .

* هل سيشرع في تطبيق مسألة الدعم؟

ـ اتفقنا أن يكون هناك دعم, المبدأ مقبول رغم أن هناك نقابة لم تقبل (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) لكن أغلبية النقابات قبلت مبدأ الدعم، وسنقوم قريباً بوضع نصوص تطبيقية لمسألة الدعم .

* متى؟

ـ خلال الشهور المقبلة وربما في أكتوبر (تشرين الأول) ستبدأ عملية إصدار النصوص التطبيقية المنصوص عليها في «مدونة الشغل».

* رغم أن الدستور ينص على حق الإضراب لكن النصوص القانونية التي تنظم هذا الأمر على أهميته تأخرت سنوات ولم تصدر حتى الآن؟

ـ كان هناك مشروع قانون اقترحته الوزارة لكن النقابات رفضته رفضا باتا. عندما توليت هذه الوزارة تدارسنا المشروع وأدخلنا عليه بعض التعديلات وأرسلناه الى المكتب الدولي للعمل (مقره جنيف) الذي لديه علاقات مباشرة مع النقابات ولديهم ثقة فيه، وطلبنا من المكتب ملاحظاته، وتلقينا ملاحظات شكلية وليست جوهرية وعرضنا الصيغة النهائية على النقابات . خلال الحوار الاجتماعي تطرقنا للموضوع فاقترحت النقابات إدماج القانون كأحد أبواب «مدونة الشغل» وكانت وجهة نظر الحكومة أن يكون القانون المنظم للإضراب منفصل ولما تشاورنا مع «الأمانة العامة للحكومة» و«المجلس الدستوري» كان رأيهم أن القانون التنظيمي أسمى من القانون العادي لذلك لا يمكن إقحامه في قانون عادي والعكس هو الممكن، لذلك ليس بامكان المشرع أن يدخل قانون الإضراب ضمن «مدونة الشغل» فتم الاتفاق مع النقابات أن يصدر قانون الإضراب كقانون مستقل.

* متى؟

ـ النقابات تدعو إلى إصدار قانون الإضراب في القطاع الخاص على أن يتم التداول حول القانون الذي ينظم الاضرابات في القطاع العام فيما بعد تبعاً لخصوصيات هذا القطاع. وإذا تم الاتفاق سنعرض قانون الإضراب خلال دورة أكتوبر البرلمانية للمصادقة عليه.

* إقرار «مدونة الشغل» يهم المستثمرين خاصة الاستثمار العربي الذي يشتكي من ارتفاع حجم الضرائب وبطء الإجراءات القضائية والعراقيل الإدارية ومسألة احتلال المصانع من طرف العمال عندما تحدث نزاعات والدور شبه المنعدم «لمفتشي العمل» في حل النزاعات بين أرباب المعامل أو المشاريع والعمال، ما هي وجهة نظركم في كيفية حل هذه المعضلات؟

ـ أود من خلالكم أن ابعث رسالة إلى المستثمرين العرب. هذه القضايا التي طرحتها هي قضايا فعلا موجودة متداخلة بعضها بعضا، و«مدونة الشغل» عالجت 90 في المائة من هذه الأمور. فهي تقدم رؤية واضحة للمستثمرين ومن خلالها يعرف ما هي حقوقه وما هي واجباته. بالنسبة لميدان القضاء والإشارة هنا إلى القضاء الاجتماعي أو الاقتصادي، المدونة اشتملت على نصوص واضحة حول الفصل التعسفي من العمل ومسألة «الليونة» في العلاقة بين رب العمل والعمال ومسألة تخفيض ساعات العمل عندما تمر المقاولة بأزمة عابرة. في السابق كانت هناك تلاعبات عندما يفصل عامل ويذهب إلى القضاء.

* هل بسبب السلطة التقديرية للقاضي؟

ـ القاضي كان يفعل ما يريد, فإذا كانت المقاولة فصلت عشرة أشخاص وحكم القاضي بمبلغ كبير لكل شخص كان ذلك يؤدي إلى إفلاس المقاولة لكن الأمور أصبحت الآن مضبوطة طبقاً للقانون. في حالة الفصل العادي ينص القانون على التعويض الذي يجب أن يمنح للعاملين دون حاجة الى أن يذهبوا للقضاء، وفي حالة الفصل تعسفياً أي بدون مبرر قانوني هناك تعويضات واضحة، كذلك الأمر عند تخفيض ساعات العمل عندما تمر المقاولة بأزمة لها علاقة بالتطورات الظرفية أو تقلبات السوق ، للمقاول الحق في تخفيض ساعات العمل خلال السنة وخلال مدة الأزمة. ومفتش الشغل وطبقاً للقانون يمكنه أن يتدخل عند حدوث نزاعات داخل المقاولات أو يحال الأمر على لجنة تحكيم تمثل جميع الأطراف.

* لماذا لم تفكروا في إنشاء محاكم العمل أو المحاكم الاجتماعية؟

ـ فكرنا في المحاكم الاجتماعية واتفقنا مع وزارة العدل على إنشاء محكمة اجتماعية في الدار البيضاء يكون لها فروع في المحاكم الأخرى.

* غرف داخل المحاكم؟

ـ نعم غرف داخل محاكم المدن الأخرى.

* وماذا عن مسألة احتلال المصانع والمنشآت من طرف العمال عندما يحدث نزاع؟

ـ قانون الإضراب واضح لأنه يمنع احتلال المصانع منعا كليا، إذا كان هناك إضراب لا يمكن لأحد احتلال موقع العمل، ولكن لا يمكن لرب العمل كذلك أن يأتي بعمال آخرين لتعويض المضربين. أكثر من ذلك إذا كان رب العمل لديه التزامات على سبيل المثال سلع يجب ان يصدرها للخارج أو إلى زبون يمكن له أن يأتي بمساعد قضائي ويدخل الى مقر العمل ويخرج سلعته حتى لا يتعرض للخسارة، هذا أمر مضبوط الآن في قانون الإضراب. هذه المشاكل التي كانت تطرح من قبل عولجت في «مدونة الشغل». لذلك أقول للمستثمرين العرب إن قانون العمل في المغرب أضحى واضحاً وضوح النهار وحددت فيه جميع الحقوق والواجبات.

* لكن ذلك يتطلب إصلاح القضاء؟

ـ الآن أصبحت أمام القاضي نصوص واضحة.

* بعض المستثمرين يقولون إن ثمة مشكلة أخرى لم يلحظها المشرع وهي مسألة عدم الكفاءة، مثلاً في مشروع استثماري تكتشف مقاولة انها تعاقدت مع مهندس لكن كفاءته لا تماثل ما هو موجود في سيرته المهنية على الورق وبالتالي تجد المقاولة صعوبات أحيانا في فسخ العقد؟ ـ هذه الإشكالية مطروحة ليس على المستوى المغربي بل على المستوى العالمي، بالنسبة للتكوين والكفاءة هذه أمور ذاتية نحن في القطاع العام لدينا مشاكل تتعلق بالكفاءة، أحياناً تجد شخصاً يحمل دكتوراه دولة وتطلب منه أن يكتب رسالة فلا يعرف كتابتها.

* هل لأن القطاع الخاص يستقطب الكفاءات؟

ـ هذا موضوع آخر. المهندسون الأكفاء عندما يذهبون الى القطاع الخاص يخضعون لاختبارات متشددة والإشكالية المطروحة هي إشكالية التكوين، نحن نشعر بأن هناك انخفاضاً في المستوى التعليمي في بلادنا خاصة في ميدان التكوين التقني وهذه من مسؤولية الدولة التي يتحتم عليها القيام بها، هذه مشكلة مطروحة في مصر على سبيل المثال وفي دول أوروبا الشرقية التي تعج «بالدكاترة» هناك أناس يذهبون الى الدول الشرقية ويشترون شهادات بما في ذلك شهادة طبيب، الإشكالية مطروحة على المستوى العالمي وليس على صعيد المغرب. وأنا انصح المستثمرين عندما يأتون إلى بلادنا ألا يوقعوا عقود عمل خاصة بالنسبة للأطر العليا بل يجب أن يتم انتقاء هؤلاء عن طريق مراكز خاصة، ولدينا مراكز لها صيت عالمي في هذا المجال.