الرئيس الليبيري في طريقه إلى المنفى مخلفا حربا دامت 7 سنوات وقضت على 200 ألف شخص

TT

أبيدجان ـ أ.ف.ب: لم يكن الرئيس تشارلز تايلور، سيد مونروفيا الثري وأحد زعماء الحرب الذين يخيفون المنطقة برمتها، اقرب الى المنفى يوما اكثر مما هو عليه الآن بعد ان اعلن، أول من امس، عزمه على مغادرة السلطة خلال عشرة ايام.

فَتحْت ضغط المتمردين الذين يقاتلونه بلا هوادة منذ اربعة اعوام وضغط نظرائه في غرب أفريقيا الذين انهكهم نظامه الذي يزعزع باستمرار استقرار المنطقة ويرسل الى اراضيهم عشرات الآلاف من اللاجئين، تعهد تايلور بترك السلطة في 11 أغسطس (آب).

ولد تايلور في 1948 في ضاحية يسكنها الميسورون في مونروفيا لأب اميركي أسود وأم ليبيرية. وقد درس الاقتصاد في جامعة «بينتلي كوليج» في ولاية ماساشوسيتس الأميركية قبل ان يبدأ العمل في القطاع الحكومي في ليبيريا عام 1979.

وقد عرف حينذاك بميله الشديد الى الاحتفاظ بجزء كبير من الاموال التي كانت تمر عن طريقه وربما لذلك لقب بـ«الشريط اللاصق» الذي يتحفظ على الدوام بشيء مما يلصق به.

وفي عام 1983 اتهمه الرئيس صموئيل دو باختلاس 900 ألف دولار فلجأ الى الولايات المتحدة حيث سجن قبل ان يفر الى ساحل العاج ويقيم علاقات وثيقة مع ليبيا ورئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري.

وعاد تايلور الى البلاد بقوة مسببا في ليلة عيد الميلاد عام 1989 اندلاع واحدة من اخطر الحروب الاهلية التي شهدتها القارة الأفريقية خاضها مقاتلون مدمنون للمخدرات ومتعطشون للدماء.

ولم يكن لدى تايلور سوى هدف واحد هو اطاحة صموئيل دو، (السرجنت) الذي استولى على السلطة قبل عشرة اعوام. بالنتيجة انتقل من البزة العسكرية الى الملابس الانيقة ومن البندقية الى عصا القيادة المصنوعة من الخشب المنحوت.

وبعد عام من هذا التاريخ، توفي دو تحت التعذيب الذي مارسه ضده أحد المساعدين السابقين لتايلور لكن الحرب تواصلت سبعة اعوام بعد ذلك.

ولم يجد الليبيريون سبيلا للخروج من الجحيم الذي أدى الى مقتل حوالي مائتي ألف شخص، سوى انتخاب داكابناه تشارلز غانكاي تايلور رئيسا للجمهورية في يوليو (تموز) 1997، بعد ان تبين انه في نهاية الامر الوحيد بين زعماء الحرب القادر على وضع حد للحرب.

وقام تايلور الذي مول معاركه من تجارة الماس وثروته الشخصية الهائلة، بتصدير الحرب ايضا. ففي عام 1991 دفع الكابورال فوداي سنكوح الذي توفي الاسبوع الماضي وكان عضوا في حزب الجبهة الوطنية القومية الليبيرية، الى تشكيل الجبهة الثورية الموحدة في سيراليون التي دخلت بذلك دوامة من العنف والترهيب استمرت عشرة اعوام.

وادى هذا الى اتهام تايلور بارتكاب جرائم حرب ضد البشرية من قبل محكمة خاصة لسيراليون اصدرت ايضا مذكرة توقيف دولية بحقه.

ومؤخرا امتدت يد تايلور الى غرب ساحل العاج التي تشهد حربا اهلية منذ سبتمبر (أيلول) 2002.

وبدأت الامور تسوء بالنسبة لتايلور في نهاية عام 1999مع ظهور حركة الليبيريين الموحدين من اجل المصالحة الديمقراطية التي تؤكد مصادر انها تلقى تشجيع ودعم الولايات المتحدة عن طريق غينيا المجاورة لليبيريا. كما يواجه منذ مارس (آذار) الماضي متمردي الحركة الديمقراطية الليبيرية التي تضم خصوصا اعضاء من «اتنية» الرئيس السابق صموئيل دو.

وبعد سنوات من الحرب الاهلية، بات تايلور، 56 عاما، الذي يسميه المتمردون «الشيطان الأحمر»، شبه محاصر في العاصمة مونروفيا ولم يعد يسيطر سوى على جزء صغير من اراضي ليبيريا.

لكن تايلور المتمسك بالسلطة وبحماية «وحدة مكافحة الارهاب»، وهي قوات الحرس التي يخشى بأسها ويقودها أحد أبنائه، لم يغير من طريقة حياته الباذخة. ويتجول تايلور بساعته الذهبية المرصعة بالماس واقلامه الفاخرة وسياراته التي تصطف في منزله المحصن شرق العاصمة.. وسط البؤس الذي تعيشه مونروفيا المحرومة من الكهرباء منذ حوالي عشرة اعوام.