صراع مرير للسيطرة على مركز القرار في النجف

TT

النجف ـ أ.ف.ب: تشهد مدينة النجف العراقية، صراعاً مريراً للسيطرة على مركز القرار الشيعي بين دعاة القطيعة مع الاميركيين يمثلهم عالم شاب معتمدا على ارث ابيه هو مقتدى الصدر، وبين انصار الحوار الذين يحظون بدعم واسع من الحوزة الدينية.

وقد شهد الصراع خلال الاسبوعين الماضيين تحولات خطيرة انحرفت به عن خطه الفكري والفقهي وتمثلت في ثلاثة اعتداءات تناولت رموز السلطة الدينية في هذه المدينة التي تضم ضريح الامام علي بن ابي طالب اول الائمة المعصومين لدى الشيعة ورابع الخلفاء الراشدين على بعد 130 كلم الى الجنوب من بغداد.

وقال احد الذين استهدفت الاعتداءات المحيطين به محمد حسين الحكيم ابن المرجع الشيعي المعروف محمد سعيد الطباطبائي الحكيم الذي عاش طويلا في المنفى في ايران مع كبار المراجع «ان جهات تحب الغوغاء وترغب في الفوضى لان كلمتها غير مسموعة وتفقد كيانها تعرضت لعدة اشخاص من طلبة العلوم الدينية». لكنه اضاف «ان النجفيين موقفهم واضح، انهم يرفضون هذه الحالة».

واكد الحكيم ان هذه الممارسات لا تؤثر في شيء على «الفتوى والرأي الشرعي» مشددا على ان الحوزة الدينية تؤيد «الحوار لانهاء الاحتلال غير المرغوب فيه والذي لم نطلبه» وقال «ما دام هناك حوار يحقق للشعب ما يريده فهذا الحوار هو الافضل».

ولكن مقتدى الصدر ينادي علنا وفي خطب الجمعة امام الاف المؤمنين في الكوفة على بعد بضعة كيلومترات من النجف بقطع اي حوار مع المحتل متحديا السلطات الدينية المهادنة داعيا الى انسحاب الاميركيين فورا من النجف.

ويؤكد الصدر انه عازم مع «جيش المهدي» الذي دعا الى انشائه على الدفاع عن النجف مشددا على «المسؤولية التي تقع على عاتق كل المسلمين في العراق وليس في النجف وحدها لتبقى العتبات المقدسة مصونة».

وقد شهدت النجف يومي الخميس والجمعة الماضيين تظاهرات تستنكر موجة الاعتداءات على المحيطين بالمراجع وتطالب بـ«ولاء كامل من الجميع لمرجعية الحوزة». وتقول مصادر مقربة من الحوزة الدينية ان احد طلاب العلوم الفقهية امجد الازهري ضرب باعقاب البنادق في الشارع من قبل مجهولين الثلاثاء الماضي لانه رفض ان يدل مسلحين على منزل السيد محمد حسين الحكيم.

ويوم الاحد الماضي تعرض الشيخ ضياء المظفر احد المقربين من اية الله الحكيم للضرب ايضا وسط الشارع من قبل مجهولين. واستهدفت الاعتداءات ايضا المقربين من احد اهم المراجع اية الله علي السيستاني وتعرض مدير مكتبه ابراهيم العايز للطعن قبل اسبوعين ونقل الى المستشفى. واوضح السيد الحكيم ان هذه الاعتداءات تترافق غالبا مع تهديدات بالتصفية الجسدية في المرات المقبلة.

واذا لم يكن هناك اي اتهام رسمي لأي جهة بارتكاب الاعتداءات على المقربين من رموز الحوزة، فان الحكيم يرى انها من فعل «بعض الجهات التى تحب الغوغاء وترغب في الفوضى لان كلمتها غير مسموعة» مشددا على ان المعتدين «غرباء» عن النجف حيث «يؤكد الناس التفافهم حول الحوزة واحترامهم للطابع المقدس للمدينة».

ويبدو واضحا ان الاشارة هنا الى مقتدى الصدر الذي تتناقل وسائل الاعلام تصريحاته النارية بكثافة خصوصا في خطب الجمعة. وقال الحكيم «ان صورة الاسلام شوهت من قبل بعض الحركات وزاد تشويهها الاعلام الذي اراد ان يركب الموجة».

وقد نفى مصطفى اليعقوبي، المتحدث باسم مقتدى الصدر اي مسؤولية لتيار الصدر في هذه الاعتداءات. وقال «ان الاعتداء على اي عنوان حوزوي كيفما كان امر مرفوض جملة وتفصيلا وهو اعتداء على الحوزة كلها».

لكن مقتدى الصدر نفسه الذي يستمد نفوذه من سمعة والده محمد صادق الصدر الذي قتله النظام السابق عام 1999 كان حريصا على الدوام في كل خطبه ان يتميز عن الحوزة التي يصفها بأنها «الحوزة الصامتة» الى حوزة فاعلة لا يقتصر دورها على الفتوى في شأن العبادات وانما يطال حياة الناس في كل جوانبها.

ويعترف اليعقوبي نفسه بان شيوخ العشائر «يعتقدون ان الوجود الاميركي يشكل حماية. الا اننا نعتبر ان سلبيات الاحتلال اكبر من ايجابياته ونحن نقول ان هذا التبرير للاحتلال الاميركي غير مقبول».