واشنطن تتهم الجامعة العربية بالكيل بمكيالين لرفضها الاعتراف بمجلس الحكم في العراق

TT

علمت «الشرق الأوسط» ان الادارة الاميركية اجرت عدة اتصالات مع الامين العام لجامعة الدول العربية وزعماء دول عربية وخليجية من بينها الكويت وقطر لحثهم على الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي وانشاء فقره خاصة في ميثاق جامعة الدول العربية للعراق على غرار مع حدث مع فلسطين. وذكرت مصادر الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» ان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى تلقى اتصالا هاتفيا هو الأول من نوعه منذ فترة طويلة من كولن باول وزير الخارجية الأميركي حول الموقف العربي من مجلس الحكم الانتقالي العراقي الذي تم تشكيله مؤخرا من 25 شخصية عراقية بارزة ويعتزم موسى إجراء اتصالات مكثفة مع بعض الأطراف الدولية الفاعلة في الملف العراقي في محاولة لبلورة موقف عربي جماعي وموحد حيال تطورات الوضع الراهن في العراق.

وتوقعت المصادر أن تواصل الإدارة الأميركية حملتها الواسعة النطاق لحث الدول العربية على إبداء اكبر قدر ممكن من المرونة مع مجلس الحكم العراقي على اعتبار أن حصوله على الشرعية من العالم العربي سيسهل من مساعي المجلس الرامية إلى تأكيد وجوده وشرعيته على المستويين الإقليمي والدولي. وكشفت مصادر اميركية وعربية متطابقة في القاهرة لـ«الشرق الاوسط» ان مسؤولين كباراً في الخارجية الاميركية طالبوا الجامعة بالحيادية والابتعاد عن لغة كسب الشارع العربي وهو ما يجعل دولا عربية، وعمرو موسى، في موضع الاتهام لدى واشنطن بالكيل بمكيالين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعراق.

وبررت المصادر الاميركية مزاعمها تلك بأن ميثاق جامعة الدول العربية الذي وضع بالاسكندرية في عام 1945 ينص على عدم انضمام أي دولة تحت الاحتلال للجامعة الا ان الجامعة ذاتها، وطبقا لطلب مقدم من مصر والسعودية، قررت تعديل الميثاق الخاص بالجامعة وعمل ملحق يتلخص في الآتي مع الاخذ في الاعتبار ان ميثاق الجامعة ينص على عدم قبول اية دولة تحت الاحتلال، الا انه وبناء على الطلب المقدم من مصر فان مجلس الجامعة وافق على ادراج بند خاص بفلسطين ويعلن قبولها عضواً كاملاً بالجامعة وذلك لدعم هذا الشعب حتى ينال حريته واستقلاله، وهو ما طالبت اميركا بعمله مع مجلس الحكم الانتقالي بالعراق. الا ان الطلب قوبل بالرفض على الرغم من ان دولا عربية تبنت هذا الاقتراح داخل اروقة الاجتماعات ووعدت واشنطن بالعمل عليه.

واضافت المصادر ان واشنطن تعتبر رفض الجامعة قبول مجلس الحكم الانتقالي في العراق عملا غير صحيح ومخالفاً لميثاق الجامعة في روحه، فحتى عند انشاء الجامعة كانت عدة دول من الدول السبع المؤسسة تحت الاحتلال أو بها قواعد لدول اجنبية مثل بريطانيا التي كانت تحتل معظم الدول العربية حتى منتصف خمسينات القرن الماضي. وتطابقت تصريحات المصادر الاميركية مع مسؤول في الجامعة حيث اكد ان واشنطن طلبت بالفعل الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي على نفس الخلفية السابقة وأرسلت رسائل الى عدة دول عربية تحمل نفس المضمون السابق بالاضافة الى ضرورة الاسراع في تقديم الدعم المالي والامني لمجلس الحكم الانتقالي ويتمثل ذلك في الاسراع بإرسال الاموال العراقية المجمده لدى الجامعة والدول العربية الى مجلس الحكم العراقي أو البنك الفيدرالي بنيويورك لاستخدامها في اعادة اعمار العراق وانشاء صندوق عربي تابع للجامعة يتولى مسؤولية توفير الاموال اللازمة لانشاء بعض المشروعات وتحديث هيكلة الاقتصاد العراقي وخصوصا اصلاح آبار البترول وما دمرته الحرب والتعاون مع واشنطن في مكافحة ما اسمته المصادر الاميركية بالارهاب العراقي المتمثل في عناصر المقاومة العراقية وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للقضاء على المقاومة العراقية، وهو ما رفضته عدة دول عربية.

واكد حسام زكي المتحدث باسم جامعة الدول العربية ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول اجرى اتصالا بالامين العام عمرو موسى يوم الاحد الماضي وتناول الاتصال سبل دعم مجلس الحكم الانتقالي والاوضاع في العراق واطلاع الامين العام على الجهود الاميركية المبذولة لحل النزاع في الشرق الاوسط وخريطة الطريق بالاضافة الى نتائج مباحثات كل من محمود عباس (أبو مازن) وارييل شارون في واشنطن مؤخرا.

ورفضت آن ماري المتحدثة باسم السفارة الاميركية على مدى يومين الرد على اية استفسارات تتعلق بهذا الشأن سواء على الهاتف الخاص بمكتبها أو الجوال الخاص بها واعتذرت سكرتيرة المكتب الصحافي قائلة انها مشغولة ولا يمكن تحويل الخط اليها على الاطلاق رغم ترك عدة رسائل بالاتصال بـ«الشرق الأوسط» نظراً لاهمية الامر. ويأتي هذا التعذر في الاتصال في ظل تصريحات المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية فيلب ريكر انه يجب على الدول العربية الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي مؤكدا على ان واشنطن بعثت برسائل الى عدة دول عربية تطالبها بتأييد مجلس الحكم وارسال قوات عربية للعراق للمساهمة في حفظ الامن بالعراق.