قوات حفظ السلام الدولية تنتشر في العراق الشهر الحالي لكن عددها سيكون نصف ما كان يأمله المسؤولون الأميركيون

TT

ستبدأ قوات حفظ السلام الاجنبية في الوصول الى العراق في منتصف الشهر الحالي، الا ان الضغوط الاميركية التي استمرت لعدة شهور لم تفلح الا في تجميع نصف القوات التي كان يتوقعها البنتاغون. وفي الوقت الحالي لا توجد قوات اجنبية كافية للسماح باستبدال وسحب القوات الاميركية الذي كان مقررا اوائل العام القادم. وكان البنتاغون قد اعلن انه يتوقع ان يحل 30 الف جندي اجنبي محل القوات الاميركية المقاتلة المرهقة. الا انه تبين بعد اجراء العديد من المقابلات الصحافية مع المسؤولين العسكريين والسياسيين الاجانب، ان 29 دولة قد التزمت، حتى الان بتقديم 15500 الف جندي.

وثلت هؤلاء إما غير مؤهلين للقتال وإما منعوا عمدا من العمليات القتالية من قبل حكوماتهم، طبقا لما ذكره مسؤولون اجانب. وهو ما يمكن ان يحد من فائدتهم في ظروف حرب العصابات العنيفة التي تواجهها قوات التحالف في العراق. وقال بول بريمر الحاكم المدني للعراق في رده على سؤال ما اذا كانت القوات الاجنبية المتجهة للعراق «ذات اهمية عسكرية» «البعض ينطبق عليه ذلك... البعض اكثر من الاخر». واوضح مايكل اوهانلون، الخبير بمعهد بروكنغز المتخصص في استراتيجية الدفاع الاميركية، ان «القضية هي نوعية القوات، هل هم على استعداد للقتال في المثلث السني؟ (منطقة شمال بغداد يهاجم منها انصار صدام حسين القوات الاميركية بعنف) يجب ان تكون لديك قوات اميركية او تابعة لحلف شمال الاطلسي (ناتو) من اعلى مستوى. اما في الشمال والجنوب، فيمكن استخدام قوات اخرى».

تجدر الاشارة الى انه يوجد الان في العراق 146 الف جندي اميركي و11 الف جندي بريطاني، بالاضافة الى مجموعات من دول اخرى. ولم تكن القوات البريطانية جزءا من خطة الاحلال محل القوات الاميركية. وذكر مسؤولون في البنتاغون ان عدد القوات المطلوبة في العراق في الوقت الراهن يصل الى 160 الف عسكري على الاقل. وطبقا لخطة استبدال القوات التي اعلنها البنتاغون اخيرا، فسيتم استبدال قوة مشاة البحرية الاستكشافية الاولى في سبتمبر (ايلول) او اكتوبر (تشرين الاول) بقوة متعددة الجنسيات بقيادة بولندا. ويبدو ان العملية تسير وفق الخطة.

ومن الامور الاكثر قلقا بالنسبة للمخططين العسكريين هو مستقبل الوحدات المتعددة الجنسيات، بما في ذلك تلك التي ستحل محل الفرقة 101 المحمولة جوا الاميركية في فبراير (شباط) او مارس (آذار). فلم تتقدم حتى الان اية دولة لقيادة تلك القوات، كما لم تحدد اية قوات لتحل محل الفرقة 101 الموجودة الان في شمال العراق. تجدر الاشار الى ان نائب رئيس اركان الجيش الاميركي الجنرال جون كين قد ذكر للصحافيين ان المفاوضات جارية الان مع 11 دولة للحصول على قوات للحلول محل الفرقة .101 واوضح انه اذا لم تنجح المفاوضات بحلول الخريف، فإن القيادة العسكرية الاميركية ستفكر في استخدام قوات اميركية من الجيش او من قوات الاحتياطي.

الجدير بالذكر انه بدون المزيد من القوات الاجنبية فإن البدائل المطروحة امام الكونغرس محدودة. غير انه من غير المرجح اجبار القوات الاميركية الحالية على البقاء لفترات غير محددة بسبب الرغبة المتزايدة بين اسر الجنود والجنود انفسهم على العودة للوطن. ومن بين البدائل الاخرى المطروحة ارسال المزيد من قوات الحرس الوطني او وحدات الاحتياط، وبالتالي خفض القوات في العراق. وطبقا لما ذكره الخبراء فقد اوضح اندرو كربينفيتش المحلل في مركز التقييم الاستراتيجي والميزانية في واشنطن «ان وزارة الدفاع تضع خطة للتعامل مع العراق مقبولة ولكنها مهددة بالفشل. ان مد مدة الخدمة الى سنة ودعوة المزيد من وحدات الحرس الوطني سيقضيان على الهوة، ولكن من غير المرجح ان يستمر لفترة طويل، بالرغم من المساهمة المحدودة من جانب الحلفاء».

ولا يزال المسؤولون في البنتاغون يشعرون بالتفاؤل من امكانية الحصول على عدد كاف من القوات من الهند وباكستان والبرتغال وروسيا وفرنسا والمانيا، لكن العديد من هذه الدول، او جميعها تقريبا، اشارت الى انه من غير المرجح المشاركة الا اذا تبنت الامم المتحدة قرارا محددا بإنشاء قوة حفظ سلام، وهو الامر الذي اشارت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الى انها لن تطلبه. كما ان آمال مساهمة دولة عربية كبرى قد تراجعت، عندما اعلن وزراء خارجية الدول العربية في اجتماعهم بالقاهرة اول من امس ان دولهم لن ترسل قوات حفظ سلام الى العراق كما انه من غير المرجح ان يحصل البنتاغون على مساعدة مباشرة من «الناتو»، الذي سيتولى مسؤولية حفظ السلام في افغانستان في 11 اغسطس (آب). كما توجد عمليات جارية الان للناتو في كوسوفو والبوسنة.

* خدمة «يو اس ايه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»