إسرائيل ستنسحب من أريحا وقلقيلية أولا ورام الله وطولكرم ثانيا في غضون أسبوعين في حال توقف العمليات وعودة الهدوء

أصوات إسرائيلية تدعو إلى مقاطعة نبيل شعث بسبب تصريحاته حول عودة اللاجئين

TT

رضخت اسرائيل مرة اخرى للضغوط الاميركية، وبعد ان اعلنت عن تجميد الانسحاب من مدينتين فلسطينيتين محتلتين، وافقت على الانسحاب من 4 مدن في غضون الاسبوعين المقبلين. وقررت اعطاء فرصة اخرى لوزير الدولة الفلسطيني للشؤون الامنية محمد دحلان، حتى ينفذ خطته الامنية. ووافقت على اطلاق سراح دفعة جديدة من الاسرى في غضون ايام. وأبدت استعدادا لاحداث تغيير لمرة واحدة في موقفها من الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، باتاحة الفرصة له للسفر لتلقي العزاء بوفاة شقيقته، يسرا القدوة، في خان يونس والعودة الى رام الله.

وتجلى هذا الموقف الجديد في الاجتماع السري المفاجئ الذي عقد بعد ظهر اول من امس في تل ابيب بين دحلان ووزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز.

وكان موفاز ودحلان قد التقيا يوم الخميس الماضي، وقدم كل منهما للآخر قائمة طلبات. وبدا ان الامور تتجه نحو الانفجار. فتدخلت الولايات المتحدة لدى الطرفين تحثهما على التفاهم والاتفاق. وقررا الاجتماع مرة اخرى مطلع الاسبوع المقبل (يوم الاحد)، وحددا الموعد والمكان، الا انهما فاجآ بالاعلان الليلة قبل الماضية بأنهما عقدا هذا الاجتماع وتوصلا الى اتفاق بشأن مجموعة من الخطوات الجديدة المشروطة بالامتناع عن تنفيذ عمليات تفجيرية جديدة خلال الاسبوعين المقبلين. ومن اهم تلك الخطوات:

* الانسحاب: مع ان اسرائيل كانت تصر على جعل مدينة رام الله، مركز الحكم الفلسطيني المؤقت منذ اتفاقات اوسلو، آخر مدينة تنسحب منها، اتفق على ان يتم الانسحاب منها في هذه المرحلة. وستنسحب اسرائيل اولا من اريحا وقلقيلية (نهاية هذا الاسبوع) ثم من رام الله وطولكرم (الاسبوع المقبل)، وتتسلم فيها الحكومة الفلسطينية كل الشؤون الادارية والامنية.

* اطلاق سراح دفعة جديدة من الاسرى الفلسطينيين ذوي النوعية (من القيادات الميدانية والمعتقلين الاداريين والنساء والفتية والمسنين).

* تخفيف الضغط على موضوع المطلوبين الفلسطينيين لاسرائيل، وتوقف القوات الاسرائيلية عن مطاردة كل من يسلم نفسه للسلطة الفلسطينية ويكون تحت اشرافها (وليس معتقلا).

* تخفيف الضغط عن عرفات: وافقت اسرائيل، لمرة واحدة في هذه المرحلة، على ان يقوم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالسفر الى خان يونس بقطاع غزة للمشاركة لتلقي العزاء بوفاة شقيقته. وان يعود بعد ذلك الى رام الله، من دون ان تقتحم مقر الرئاسة وتمس المطلوبين الذين يحتمون لديه.

وكان الفلسطينيون قد رفضوا هذا العرض في البداية وقالوا ان عرفات لن يغادر من اجل مسألة شخصية، «واذا لم يغادر من اجل المشاركة في اي فرح او ترح لمواطن فلسطيني عادي، لن يغادر من اجل مناسبة تعنيه شخصيا، برغم المعزة الخاصة التي يكنها لشقيقته»، كما قال احد مستشاريه. ولكن يبدو ان هناك ضغوطا داخلية على عرفات لكي يقدم على هذه الخطوة، كونها تفتح الباب امام كسر الحصار.

الا ان مستشار الرئيس الاعلامي نبيل ابو ردينة، قال امس ان الفلسطينيين لا يثقون بالوعود الاسرائيلية، ويطلبون ضمانات اللجنة الرباعية الدولية (الأمم المتحدة والولايات المتحدة واوروبا وروسيا) كي لا تعترض اسرائيل طريقه في العودة الى رام الله.

ورغم هذا الموقف، فان من الملاحظ ان بداية تغير تظهر في الموقف الاسرائيلي من موضوع عرفات، اكده ايضا رئيس الوزراء، ارييل شارون، الذي قال اول من امس: «.. نحن لا نعارض في ان يكون لعرفات دور رمزي في قيادة الشعب الفلسطيني، وما نعترض عليه هو ان يسيطر على الامن والمال ويواصل دعم الارهاب».

وفي اول تعقيب على اتفاق دحلان وموفاز، قال مسؤول في المخابرات الاسرائيلية، انه اتفاق سيئ لن يحقق اية نتيجة لوقف الارهاب، بل سيعزز قوة الارهابيين، الا ان قائد الاستخبارات العسكرية، اهرون زئيف فركش، قال من جهته ان اسرائيل معنية بالاساس بالهدوء والانتقال الى السلام. فاذا عاد الفلسطينيون الى طريق الهدنة فنحن لا نمانع. لكن فركش عاد ليحرض على عرفات. فقال: «في جلسة عقدت في مكتب عرفات، حضرها عدد من قادة تنظيم «فتح» المسلحين، خرج احدهم ويدعى زكريا الزبيدي (مسؤول كتائب شهداء الاقصى ـ الجناح العسكري لفتح في جنين) من الجلسة ليأمر جنوده باستئناف العمليات». وسأله صحافي من التلفزيون الاسرائيلي: «وهل هذا دليل على ان عرفات شخصيا يشجع على الارهاب؟». فأجاب: «لا يوجد لدي دليل قاطع بذلك. ولكن، يكفي ان يفهم احد الحاضرين من جلسته مع عرفات انه سيكون راضيا، فهذا يعني ان النتيجة ستكون عمليات ضد اسرائيل. ولا تنس ان هذا التنظيم (فتح) هو بقيادة عرفات، وهو التنظيم الوحيد الذي لم يلتزم بالهدنة ولا ليوم واحد». واضاف: «اننا نعرف ان عرفات معني بتجدد الانتفاضة، ولكن على نطاق اوسع».

بيد ان فركش عاد ليؤكد ان اسرائيل لا تطالب الفلسطينيين باعلان حرب اهلية حتى يكافحوا الارهاب. وقال: «اذا تمكنوا من تفكيك التنظيمات المسلحة من دون حرب اهلية، فلا مانع لدينا، هذا شأنهم. نحن بالنسبة لنا وقعنا معهم على اتفاق لوقف النار، ونريد منهم الالتزام به لا اكثر. وقد عرض علينا دحلان، في حينه، خطة امنية مدتها 30 يوما ونحن وافقنا عليها. ولم يبق سوى ان ينفذها، وما نراه انه رغم مرور حوالي الشهرين لم يقدم على خطوة واحدة فيها الى الامام».

من جهة ثانية، تشهد اسرائيل حملة واسعة ضد الحكومة الفلسطينية، امس، بسبب تصريحات وزير خارجية السلطة نبيل شعث، في بيروت بأن حق العودة للاجئين الفلسطينيين مقدس ليس فقط لاراضي الدولة الفلسطينية بل لاسرائيل. فطالب بعض وزراء اليمين بإلغاء الاتفاق المذكور للانسحاب من المدن الاربع، وطالب آخرون بمقاطعة شعث.

وحتى في اليسار الاسرائيلي رفضوا هذا التصريح، وطالبوا الحكومة الفلسطينية بالتنكر له. وقال النائب راو كوهن من حزب ميرتس المعارض: «لن يجد شعث اسرائيليا واحدا شريكا له في عملية السلام على اساس عودة اللاجئين».

وقال يوسي بيلين، الذي كان قد توصل في كامب ديفيد الى صيغة ما لحل قضية اللاجئين بالذات مع شعث (ابان مؤتمر كامب ديفيد سنة 2000) ـ ان «تصريح شعث مخالف للمبادئ التي اتفقنا عليها».