عيدي أمين من مساعد طباخ إلى لقب «أعظم رئيس دولة في العالم»

TT

كامبالا ـ أ.ف.ب: الديكتاتور الأوغندي السابق عيدي امين دادا الذي فارق الحياة امس السبت في السعودية عن 78 عاما والذي تميزت سنوات حكمه الثماني بوحشية قل نظيرها، يعتبر مسؤولا عن الافلاس الاقتصادي لبلاده وعن مقتل مئات آلاف الاشخاص. وكان قد اعلن نفسه «اعظم رئيس دولة في العالم»،. عرف بهوسه واطواره الغريبة التي غذت الصحافة الدولية.

أمين دادا الملقب ايضا بـ«بيغ دادي» او الأب الاكبر، ذاعت شهرته كشخص خطر لا يمكن توقع افعاله ولعله غرف من الذل الذي عاشه في طفولته ليلازمه طبع ينزع الى الانتقام والعنف ومرض العظمة.

ولد في عام 1925 على ضفاف النيل وسط قبيلة كاكواس المسلمة التي تعتبر اقلية. خدم في الجيش البريطاني وشارك في قمع اضطرابات قبائل الماو ـ الماو التي ادمت كينيا في العام 1952.

وبعد ان كان مساعد طباخ في الكتيبة البريطانية لرماة أفريقيا «كينغز افريكان رايفلز» اصبح أمين دادا ضابطا ابان استقلال اوغندا في العام 1961 ثم سرعان ما علا شأنه ليتولى منصب قائد الجيش في 1966.

في العام 1971 قام بطل الملاكمة الأوغندي السابق من فئة الوزن الثقيل (1951 ـ 1960) بانقلاب اطاح بنظام ميلتون اوبوتي بعد ان ساهم شخصيا في حمله على تولي مقاليد الحكم في البلاد. شهدت سنوات حكمه عمليات قتل جماعية وابادة قبائل معارضة له وانشاء فرق اعدام مما جعل نظامه واحدا من اعنف الانظمة في تاريخ القارة السوداء.

عرف عنه انه كان مفتونا بهتلر فكتب في العام 1972 في برقية الى الأمين العام للأمم المتحدة «اذا كان هتلر ارسل ستة ملايين يهودي الى غرف الغاز» فهذا لأنه كان يعلم ان «اليهود ضد مصالح شعوب العالم».

وفي العام 1973 اكد امين دادا الذي وصفه أحد رؤسائه العسكريين البريطانيين بأنه «لين العريكة لكنه ضعيف الدماغ»، قناعته بأن هتلر كان محقا في تصرفه. الا انه عدل في آخر المطاف عن اقامة نصب تخليدا للزعيم النازي. وخص القوة الاستعمارية البريطانية السابقة بتصريحات عديدة تنم عن التهكم فاقترح خصوصا «ارسال موز» لهم بالطائرة «اذا كانوا يفتقرون الى الغذاء». ومن بين مبادراته «الدبلوماسية» اللافتة دعوة وجهها الى الرئيس الأميركي الاسبق ريتشارد نيكسون في 1976 للمجيء الى اوغندا «ليرتاح من فضائح ووترغيت». وفي 1979 اقترح «نزع كل الاسلحة التقليدية وابدال قنابل ذرية بها لتوزيعها بين الأمم» من اجل ضمان السلام الدولي.

كما عرض على الرئيس التنزاني جوليوس نيريري الد اعدائه في المنطقة، تسوية خلافاتهما في حلبة الملاكمة، علما بانه كان بطلا وطنيا للملاكمة.

حتى انه فكر في 1981 في تنظيم نزال يواجه فيها بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي «شرط اجراء النزال في طرابلس بليبيا وان يكون شقيقه بالدم القذافي الحكم فيها وآية الله الخميني المقدم وياسر عرفات... المدرب»، على حد قوله.

لكن في أبريل (نيسان) 1979 طرده من الحكم متمردون أوغنديون في المنفى قام بتسليحهم الرئيس التنزاني جوليوس نيريري. واضطر الى مغادرة البلاد والهرب الى ليبيا التي ما لبث ان طرد منها في اواخر العام 1979.

اما في ما يتعلق بالفظائع التي طبعت حكمه، فقد اسهبت شهادات وشائعات عديدة في الحديث عنها. ومما ذكر ان بين مائة ألف و300 ألف قتيل سقطوا ضحية تلك الفظاعات وفقا لتقديرات مختلفة. وحمل النيل جثثا كثيرة كما عثر على جثة احدى زوجاته مقطعة اربا في سيارة. وتحدث خدم عملوا سابقا لديه عن رؤوس بشرية موضوعة في الثلاجات.

واتهم مرات عديدة بأنه من اكلة لحوم البشر. وقد اقر بأنه تناول مرة اللحم البشري مرغما عندما كان يخدم في الجيش البريطاني وعندما كان أسيرا لدى قبائل الماو الماو.

ولم يتوان عن الاستعانة بالروحانيات ليطعم سياسته العدائية للاجانب بالدين. فعندما طرد في 1972 عشرات الاف الهنود والباكستانيين من اوغندا قال انه قام بخطوته برؤية من الله وسمعه يقول «اذا اردت انقاذ اوغندا فمن الضروري طرد كل الاجانب من البلاد».

الى ذلك فرض عيدي امين دادا ان يحمله اربعة بريطانيين بيض على هودج واقال وزيرة الخارجية في حكومته الاميرة اليزابيث باغايا دي تورو التي اتهمها بأنها مارست الحب مع أوروبي في مراحيض مطار اورلي.

وفي اوج حكمه اصبح لقبه البروتوكولي «صاحب السيادة فاتح الامبراطورية البريطانية، الحاج الماريشال الدكتور عيدي امين دادا، الرئيس مدى الحياة لجمهورية اوغندا، القائد الاعلى للقوات المسلحة الاوغندية، رئيس مجلس الشرطة والسجون». وكان فخورا ايضا بمظهره وقال عن نفسه في 1979 «وجهي هو اجمل وجه في العالم. أمي وكل نسائي يقلن ذلك».

وبعد اطاحته في 1979 قال «لم اخسر بلادي بل قمت باعارتها. وبما اني صاحب الحق فاني سأستردها يوما». ولعل اكثر تصريحاته طرافة تعود الى فبراير (شباط) 1981 عندما قال «منذ رحيلي لم تعد حقوق الانسان محترمة في اوغندا».

وتمكن في آخر المطاف من اللجوء الى جدة بالمملكة العربية السعودية حيث حظي بالتضامن الاسلامي وانهى حياته بهدوء محاطا بنصف أولاده الخمسين. واللافت انه لم ترفع أي شكوى ضده مطلقا.