«الشرق الأوسط» تطرح في مجلس الحكم العراقي مواضيع الحكومة الجديدة والدستور الدائم وعدم الاستقرار

عضو المجلس سمير الصميدعي: الاستفتاء والتعداد السكاني سيتمان تحت إشراف الأمم المتحدة

TT

كثرت التداولات في العراق حول الحكومة المرتقبة، وموعد الاعلان عنها، وأهم الشخصيات المرشحة لهذه الحقيبة الوزارية او تلك، وترويج جهات سياسية لبعض التكنوقراط ـ ربما بهدف التأثير على مناقشات مجلس الحكم، او لأغراض اخرى ـ حتى بعد الاعلان عن تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدستوري.. كما كثرت التصريحات حول الدستور الدائم للبلاد، والجهات التي تقول كل منها انها اعدت مسودة له، بينما يقول رأي آخر ان الولايات المتحدة اعدت ذلك الدستور، مسبقا، وقبل الحرب، وهذا ما ينفيه بعض السياسيين الذين يرون ان واشنطن لم تعد أي شيء لما بعد الحرب، كما اثبتت ذلك الوقائع الملموسة.

هذه النقاط، وغيرها، اثارتها «الشرق الأوسط» داخل اروقة مجلس الحكم الذي يصعب على الصحافيين وسواهم الوصول اليه بسبب الحواجز الامنية. المتحدث باسم المجلس في هذا اللقاء، هوالمهندس ورجل الاعمال سمير شاكر الصميدعي الذي رفض مقدما تسميته ضمن تمثيل طائفي.. لانه ـ حسب قوله ـ ممثل لتيار «ديمقراطي وطني.. لا طائفي».

* ماذا عن الحكومة المؤقتة.. من ستضم..؟ ومتى سيعلن عنها؟

ـ كل الاسماء التي طرحت من قبل جهات سياسية، او من قبل الصحافة، هي مجرد افتراضات، او اقتراحات ما زالت قيد المناقشة.. مسألة تشكيل الحكومة المؤقتة ليست مسألة سهلة، خاصة بعد الاتفاق على ألا تكون هذه الحكومة سياسية، وانما يتم اختيار وزراء من التكنوقراطيين.. وكل عضو من اعضاء مجلس الحكم الـ 25 لديه اشخاص يرغب في ترشيحهم لملء الحقائب الوزارية، وهذا يعني ان امامنا اكثر من مائة ملف لأشخاص مرشحين للوزارات الـ25.. وكل واحد من هذه الملفات يتطلب دراسة معمقة من كل عضو. ومن ثم يتم الاختيار، بعيدا عن الحزبية والطائفية. استطيع القول، ان كل ما طرح هو مجرد تخمينات وتمنيات.. ولكنني اقول في نفس الوقت اننا انجزنا مرحلة متقدمة في هذا المجال، وسيجتمع المجلس قريبا لاختيار الوزراء المناسبين.

* هناك انتقادات لكم بالتباطؤ في العمل، وفي حل المشكلات المهمة.. وانتم ما زلتم في الخطوة الاولى؟

ـ الملفات التي تسلمها مجلس الحكم ضخمة، ومعقدة، ومسؤولياته وصلاحياته كبيرة جدا. في بعض الحالات يجب ان نبدأ من الصفر، وبالنسبة لتشكيل الوزارات. يعرف الجميع ان البنيات الاساسية لكل وزارة قد انهارت. وكانت منهارة بالاساس قبل الحرب، لذلك فان كفاءة الوزير لا تنحصر في ادارة الوزارة، بل اعادة هيكلة وبناء وزارة. وبالتالي فان عملية الاختيار صعبة. واضافة الى وضع الوزارات المتدهور، هناك المشكلة المالية، والعجز الكبير في الموازنة، والذي لم يتم حصره، لذا ستواجه الوزير الجديد وضعية جديدة اذ يتحول معظم الوزارات الى النهج الانتاجي، وليس الاستهلاكي، وبملاك متضخم يتطلب معالجات جذرية.

* اذن انت لا تدعو الى التفاؤل؟

ـ بالعكس.. ولنلاحظ انه عندما تكون البدايات صحيحة تكون النتائج جيدة.

* ولكن الحكومة الجديدة ستبدأ العمل وهي مفلسة؟

ـ هذا امر طبيعي ووقتي، وثقتنا عالية بنهوض الاقتصاد العراقي على المديين المتوسط والبعيد.

* الحكومة المؤقتة.. هل ستساهم في وضع الدستور؟

ـ قبل ان تشكل الحكومة، قدمت وزارة العدل مشروع دستور، وقدمت جهات اخرى مسودات مقاربة. لدينا الان ستة نماذج، او ست مسودات ولكن، لا مجلس الحكم، ولا الهيئة الوزاراية، ولا اية جهة اخرى، ستنظر في هذا الموضوع. الدستور من اختصاص هيئة قضائية ستكلف بهذا الموضوع، يختارها المؤتمر الدستوري، ولا يشارك فيها أي عضو من مجلس الحكم، هذه الهيئة التي ستتكون من 15 عضوا، برئاسة احد القضاة البارزين والنزيهين، هي التي ستنظر في المشاريع المقترحة ، وتستنبط من بينها الدستور الذي سيطرح للاستفتاء.

* هل سيكون دستورا مؤقتا، ام دائميا؟

ـ بل سيكون الدستور الأساسي والدائم.

* ألا ترى ان في الامر غرابة.. كيف يتم الاستفتاء على دستور دائم، واقراره، في ظل الاحتلال، وبدون وجود احصاء سكاني متكامل؟

ـ بدون وجود دستور، لا يمكن اجراء انتخابات وتشكيل حكومة معترف بها دوليا. وما لم تشكل مثل هذه الحكومة لا يمكن انهاء الاحتلال. هذا ما تضمنته قرارات مجلس الامن. نحن نريد انهاء الاحتلال، وهذه العملية ليست عملية تبادلية تنجز في وقت واحد، بل على مراحل. ونعتبر تشكيل مجلس الحكم، والحكومة المؤقتة أولى هذه المراحل التي سيتم بعدها بالتدريج تسلم الصلاحيات من سلطات التحالف، او الاحتلال. اما القول.. كيف يمكن اجراء استفتاء في ظل الاحتلال فذلك صحيح الى حد بعيد، الا ان الاستفتاء الذي سيتم، سيكون تحت اشراف مباشر من قبل الامم المتحدة وليس قوات التحالف، وفي نفس الوقت سيتم تشكيل المحكمة الدستورية التي لها صلاحيات اعلى من صلاحيات رئيس الدولة.

* والاحصاء السكاني؟

ـ نحن نستفيد من التجارب الدولية في هذا المجال، وقد بدأت الامم المتحدة، ولجانها المتخصصة بالتعاون معنا في هذا الغرض. هناك نوعان من الاحصاء، الاول، وهو السريع والمستعجل، لغرض احصاء اصوات الناخبين، وبمساعدة الامم المتحدة يمكن اجراء هذا الاحصاء في وقت قصير. اما الاحصاء الشامل التفصيلي، فيحتاج الى وقت طويل، وستساعدنا الهيئة الدولية فيه ايضا. المهم الآن هو حصر اصوات الناخبين ليتم التصويت على الدستور، واجراء انتخابات ديمقراطية.

* مسألة الفيدرالية.. كيف اقرها مجلس الحكم قبل وضع واقرار الدستور؟

ـ في الحقيقة.. هذه المسألة ايضا موضع نقاش واجتهاد. انا شخصيا كنت مع الفيدرالية، حتى قبل ان يطرحها الاخوة الاكراد، ولكنني، وهذا رأي خاص، لا اميل الى الفيدرالية الاثنية او العرقية او الطائفية، لانها تفتح الابواب للتفرقة، انا اميل الى الفيدرالية الجغرافية، كأن تكون هناك فيدراليات شمالية ووسطى وجنوبية وغربية وفرات اوسطية، وسواها.. وبهذا نتحاشى التقسيم. وهذه التجربة مطبقة بنجاح في دول عديدة، مثل سويسرا وباكستان. على كل حال الامر متروك للهيئة التشريعية.

* كل هذا الكلام المتفائل، نجد نقيضه على ارض الواقع.. هل ترون ان السبب هو ضعف اداء قوات التحالف؟

ـ لا شك ان أداء قوات التحالف هو دون المستوى المطلوب.. ولذلك اسبابه التي اهمها التفاوت بين وجهات النظر الاميركية، وواقع الحال في العراق. هناك تصور ساذج لدى الكثير من الناس هنا بشأن القدرات الاميركية، وكأنها ـ كدولة كبرى ـ تقول للشيء كن فيكون.. الاميركيون بالاساس غير مهيئين لادارة دولة بشكل مباشر، لان دولتهم قائمة على غير هذا الشكل، ولا خبرة لديهم في بناء دول.. هذه تجربة جديدة عليهم. ثم لا ننسى ان هناك نوعا من البيروقراطية في طريقة عمل الاجهزة الاميركية المختلفة. هناك لا تتدخل الدولة في تسيير الامور العامة، بل الشركات هي التي تتولى ذلك، ومهمة الدولة هي تهيئة المناخ القانوني والسياسي، ولذلك لا تستطيع الدولة الاميركية او البريطانية بناء دولة العراق.. هذه المهمة هي مهمة ابناء العراق وهم الذين يحددون شكل دولتهم.

اما التصور بان هذا التقصير متعمد، فذلك خطأ، اذ ليس من مصلحتهم تدهور الوضع. لذا نحن نأمل في تزايد الدور العراقي في الادارة، لحل المشكلات الآنية، الى حين انتقال الادارة والسيادة للعراقيين، وتعود الامور الى نصابها الطبيعي.