مؤسسة فرنسية حقوقية تتهم الجزائر و«البوليساريو» بقتل وتعذيب الأسرى المغاربة بتندوف

TT

اتهمت مؤسسة فرنسية حقوقية «فرانس ليبرتي» امس الجزائر و«البوليساريو» بارتكاب اعمال غير انسانية ضد الأسرى المغاربة المعتقلين بتندوف والبليدة بالجزائر. واشارت المؤسسة في تقرير لها الى أعمال القتل والتعذيب والتنكيل المرتكبة في حق هؤلاء الأسرى الذين يجبرون أحيانا على «المشاركة في الدعاية لعدوهم» عبر وسائل إعلام مسخرة وذلك في خرق لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الانساني. ووصفت «فرانس ليبرتي» بشكل دقيق في هذا التقرير الذي نشرته بعد بعثة تحقيق دولية قامت بها من 11 الى 25 أبريل (نيسان) الماضي حول ظروف اعتقال 700 أسير، تفاصيل الاغتيالات والاعدامات الجماعية وعمليات التعذيب والتنكيل والتجارب الطبية التي تُجرى على السجناء فضلا عن الإهانات والظروف المعيشية غير الانسانية التي يتعرض لها الأسرى المغاربة.

وندد التقرير الذي يقع في 52 صفحة بشدة ظروف الاعتقال المأساوية لـ1157 سجينا مغربيا في مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف في الجنوب الجزائري وبتحويل المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة إلى سكان المخيمات. وعبرت المؤسسة التي تديرها دانيال ميتران زوجة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران والتي عرفت بدفاعها عن تقرير المصير في الصحراء وبعلاقاتها المتميزة مع مسؤولي «البوليساريو»، عن أسفها لكون «البوليساريو والجزائر يواصلان انكار الحقوق الأساسية للأسرى المغاربة».

وذكر التقرير أن «121 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم تحت تأثير العنف في مخيمات تندوف» اثناء الاستجواب معهم وأن «جميع السجناء تعرضوا عمليا للتعذيب بعد القبض عليهم». وذكرت المؤسسة أسماء عدد من الضحايا الذين «قضوا في ظروف غير مقبولة أحيانا من أجل سرقة سيجارة أو علبة مربى». وأكدت عن تورط الجزائر في النزاع بارتكاب خرق كبير يتمثل في عدم إطلاقه سراح جميع الأسرى المغاربة عسكريين اومدنيين المحتجزين في أغلبهم قبل 20 سنة، مضيفة أن «جميع شهادات البعثة تؤكد أن السلطات الجزائرية متورطة في احتجاز الاسرى المغاربة.

وتؤكد «فرانس ليبرتي» ان حوالي «460 أسيرا مغربيا تم احتجازهم في سجون جزائرية إلى غاية اغسطس (آب) 1994، تاريخ نقلهم إلى تندوف». وقد تم احتجاز البعض منهم لبعض الوقت في بوفاريك وبمخيم الجلفة على بعد 300 كلم جنوب الجزائر. بعد ذلك تم نقلهم إلى قصر البوخاري على بعد 150 كلم جنوب الجزائر العاصمة، حيث لقي 24 أسيرا على الأقل مصرعهم.

من جهة أخرى، طالبت مؤسسة «فرانس ليبرتي» الاتحاد الأوروبي، وعلى أساس اتفاق الشراكة الذي يربطه بالجزائر بأن يطلب من «السلطات الجزائرية بأن تلتزم باحترام مقتضيات حقوق الإنسان في معاملة الأسرى المغاربة المدنيين والعسكريين وإطلاق سراحهم بدون أي تأخير. وكشفت المؤسسة من جهة أخرى وجود مراكز للاعتقال والتعذيب منها سجن «الرشيد»، حيث تتم ممارسة التعذيب بشكل ممنهج. وإلى غاية سنة 1998 «كان يتم دفن سجينين إلى ثلاثة سجناء هناك كل ليلة». وطالبت المؤسسة من البوليساريو والجزائر بالسماح لها بإيفاد بعثة جديدة لتقييم ظروف احتجاز الأسرى المغاربة في الأشهر المقبلة، وخصوصا من أجل زيارة مراكز الاحتجاز. وأضافت المؤسسة أن الأسرى أعربوا خلال هذا التحقيق عن استغرابهم لأنه لم يتم لحد الآن إطلاع الرأي العام الدولي على شهاداتهم السابقة حول ظروف احتجازهم غير الانسانية لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبعض الجمعيات الإسبانية والإيطالية والفرنسية الداعمة للبوليساريو. وأشار التقرير إلى أن عمليات إطلاق سراح الأسرى على دفعات، المنافية للقانون الدولي الإنساني، تؤثر سلبا على معنويات المحتجزين الذين يصابون في بعض الأحيان بحالة من الجنون لأنهم لا يستطيعون تحمل مغادرة أحد رفاقهم كما أن هذه الممارسة تشكل مصدر معاناة فظيعة لعائلات الأسرى. وأكدت المؤسسة أنها تجد نفسها مضطرة «لوقف مساعداتها لمشاريع التنمية لفائدة اللاجئين الصحراويين». وأهابت بالمؤسسات والمنظمات الأخرى الكف عن تقديم أي مساعدة لـ«البوليساريو» وأسرى تندوف ومطالبة الأمم المتحدة بإيفاد بعثة دولية لتقصي الحقائق في تندوف.

ومن جهة اخرى انتقد المغرب بشدة الاستغلال الإعلامي لمأساة الاسرى المغاربة لدى جبهة «البوليساريو»، وإطلاقهم على دفعات مما يؤكد السلوك غير الاخلاقي والمدان الذي يتبناه الخصوم في خرق سافر للقانون الدولي ولمقررات مجلس الأمن.