المعارضة المسيحية اللبنانية توحد صفوفها لخوض انتخابات بعبدا ـ عالية تمهيدا للمواجهة الكبرى مع السلطة عام 2005

جنبلاط يخوضها إلى جانب أخصام الأمس في مواجهة حلفائه في انتخابات عام 2000

TT

بدأت المعارضة المسيحية في لبنان اعداد العدة لمعركة انتخابية في دائرة بعبدا ـ عالية (في جبل لبنان) لاختيار خلف للنائب الراحل بيار حلو تريدها «بروفة» للمواجهة مع السلطة في الانتخابات النيابية المقبلة عام .2005 وبعد «انتصارها» في المرحلة الاولى باسقاط مشروع التزكية الذي سعى اليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بالتفاهم مع بعض القوى الناخبة في الدائرة كالوزير طلال ارسلان والرئيس السابق للجمهورية امين الجميل، تحشد قوى المعارضة المسيحية قواها الآن وتعمل على تجاوز «خلافاتها الصغيرة» لاثبات وجودها في الانتخابات الفرعية، تمهيداً للمعركة الكبرى عام .2005 وهي تستند في ذلك الى تجربة تراها ناجحة، رغم الشوائب التي لحقت بها، في انتخابات المتن الشمالي الفرعية التي فاز بها مرشح المعارضة غبريال المر قبل ان يبطل المجلس الدستوري نيابته ويجيّرها للمرشح الثالث غسان مخيبر.

وقد بدأت الماكينات الانتخابية للمعارضة على اختلاف فئاتها العمل لخوض المعركة الانتخابية. وأكدت اوساطها ان نحو ألف متطوع تقدموا حتى الآن، متوقعة ان يرتفع الى نحو 2000 خلال الايام القليلة المقبلة.

ولاحظت مصادر في المعارضة المسيحية ان قائد الجيش السابق الجنرال ميشال عون «ربح المرحلة الاولى من المعركة بانهاء الحديث عن التزكية». وكشفت عن سلسلة اتصالات اجريت خلال الساعات الماضية بين عون و«لقاء قرنة شهوان» المسيحي تمحورت حول كيفية خوض المعركة. وتوقعت ان تظهر نتائج هذه الاتصالات الاسبوع الحالي.

وتشدد مصادر المعارضة على ان النزاع الحاصل «ظاهرة تجاذب حول تزكية وواقعة تحالفات تؤسس لانتخابات عام 2005». ورأت ان «فشل المشروع هو فشل لمشروع تحالف قواها في هذه الانتخابات».

وتذكّر هذه الاوساط بأن الوزير جنبلاط خاض المعركة في حينها (2000) بمواجهة السلطة متحالفاً مع المسيحيين، وهو ما ادى الى ظهور تباين قوي مع دمشق. لذا فهي تتساءل الآن عن قدرته على تحقيق التزكية من دون ان يكون البطريرك الماروني نصر الله صفير راضياً او يريد الاستمرار في التزكية. كما تتساءل عن امكانية تجييش اصوات الشيعة (أمل و«حزب الله») لمصلحة مرشحه في المعركة في ظل انعدام الحافز لديهم. وقالت المصادر ان المعركة ستخاض بمرشح من «قرنة شهوان» رجحت ان يكون النقيب السابق للمحامين شكيب قرطباوي، لكنها لمحت الى ان الموضوع ليس محسوماً لقرطباوي بعد. أما جنبلاط، الذي سعى الى التزكية، فهو يجد نفسه الآن في موقع آخر، اذ يمضي - على ما يبدو - في دعم هنري حلو نجل النائب الراحل بيار حلو، وهو، للمفارقة، كان الوحيد الذي خرق لائحة جنبلاط في عام 2000، في مواجهة حلفائه في هذه الانتخابات، أي المعارضين المسيحيين.

وأكد النائب أكرم شهيب القريب من النائب جنبلاط لـ«الشرق الأوسط» الاستمرار في دعم هنري حلو. وقال: «ان اللقاء الديمقراطي (كتلة جنبلاط) يسير بالمبدأ مع المرشح الذي يلتقي معنا بتطلعات ابرزها الوفاق والعيش المشترك وعودة المهجرين والانماء المتوازن ودعم المقاومة وحمايتها. والبرنامج الذي يعده هنري حلو يبدو الاقرب إلينا، خاصة ان المرشح الآخر يرفض (اتفاق) الطائف والوفاق والعيش المشترك كما نفهمه»، موضحاً انه يقصد بذلك المرشح العوني ورافضاً ان يقول ان لـ«قرنة شهوان» مرشحها. واعتبر «ان بعض القرنة وعون يسعيان الى هذه المعركة التي حاولنا تجنبها بمسعانا مع البطريرك».

اما عن الرئيس امين الجميل، الذي خاض احد مرشحيه (النائب انطوان غانم) الانتخابات على لائحة جنبلاط، فهو كان قد أيد تزكية هنري حلو، لكن نجله النائب بيار قال أمس لـ«الشرق الأوسط» ان موقفه بتأييد التزكية «كان مبدئياً وموضوعياً وليس عن تسرع». وقال ان: «ظروف المعركة الانتخابية في بعبدا ـ عالية هي غيرها في المتن»، الا انه اشار الى «اننا غير معنيين بمرشح ما، أما اذا كان لقاء قرنة شهوان قد اتفق على مرشح من ضمن زحمة المرشحين الموجودة، فسنبلور موقفنا»، منبهاً الى ان «قرنة شهوان» لم ترشح احداً في انتخابات المتن.

واعتبر رئيس المركز اللبناني للدراسات القانونية والاقتصادية المحامي ابراهيم كنعان ان «طرح هنري حلو كأنه الوريث الطبيعي لهذا المقعد خطأ كبير». ورأى كنعان الذي يشارك في الاتصالات التي تجري لتوحيد صفوف المعارضة المسيحية ان طريقة الدعوة فيها «تجاهل بقوى سياسية لها وزنها في الشارع المسيحي».

من ناحية ثانية، رغم ان النقيب قرطباوي حدد بعد زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير أمس ثلاثة مبادىء للمعركة الانتخابية في عالية ـ بعبدا هي: رفض التزكية لانها إلغاء للديمقراطية وابعاد الصبغة الطائفية عنها لانها بين ماروني وماروني والخيار بين منهج التسليم بالامر الواقع والنهج الرافض له، الا انه قال انه سيعلن موقفه النهائي الاسبوع المقبل، آملاً في ان يكون للمعارضة مرشح واحد. وتابع: «التزكية غير مقبولة، ثم ان ما من احد في المعارضة يقبل ان تكون المعركة طائفية. وبالنتيجة انا لا اعرف لماذا هي طائفية طالما انه مرشح ماروني ضد مرشح ماروني». ثم اضاف: «في هذه المعركة وهذه الحملة الانتخابية هناك نهجان وليس طوائف يتحكمان بها. هناك اناس قد يكونون راضين عن الوضع في لبنان سياسياً وسيادياً والقرار الحر للبنان وعن الوضع الاقتصادي والاخلاقي لجهة الفساد والهدر. وهؤلاء فليتفضلوا ويصوتوا كما يرونه مناسباً. اما الناس الذين يرفضون الوضع في لبنان فعليهم واجبات وعليهم التصويت لمطلق شخص أكان شكيب قرطباوي ام غيره». ورأى النائب السابق بيار دكاش ان المعركة الفرعية «اثارت انقساماً طائفياً حاداً في منطقة تعتبر نموذجاً للبنان الواحد». وقال لـ«الشرق الأوسط» انه ساهم في الاتصالات لنقل المعركة من الاجواء الطائفية. واعتبر ان هذه الاتصالات ادت الى توضيح من جنبلاط بان هذا الوضع لم يكن ما قصد الوصول اليه من خلال هذا الطرح. ولاحظ في المقابل «ليونة في مواقف المعارضة، فالعماد عون انتقل من لغة التحدي الى لغة الاعتدال». ورفض دكاش ان يكون مرشح تحدٍ وكذلك ان يكون مرشح معركة، لكنه رحب بأن يكون «مرشح تسوية او توافق».