الرئيس الصومالي يعتزم الانتقال للإقامة في القاهرة ويضع 5 شروط لعودته إلى مفاوضات نيروبي

TT

أبلغت مصادر صومالية رفيعة المستوى «الشرق الأوسط» امس ان الرئيس الانتقالي الصومالي عبد القاسم صلاد حسن، الذي انتهت رسميا فترة رئاسته التي دامت 3 سنوات يوم 13 الشهر الجاري، يعتزم الاقامة في القاهرة بعد تسليمه السلطة للحكومة الصومالية الجديدة المقرر تشكيلها في مطلع الشهر القادم، في ختام اجتماعات مؤتمر المصالحة الوطنية الذي تستضيفه حاليا العاصمة الكينية نيروبي.

وكشفت النقاب عن اعتزام صلاد انهاء حياته السياسية والانتقال الى القاهرة والتقاعد رسميا بعد ان تأكد من ان فرصته في الفوز بفترة ولاية ثانية باتت شبه معدومة، بسبب تعدد المرشحين (50 مرشحا) بالاضافة الى افتقاده التأييد السياسي من ابرز أركان الحكومة الصومالية الانتقالية الراهنة.

وتأزمت علاقات صلاد مع رئيس وزرائه حسن أبشر فارح ورئيس البرلمان المؤقت عبد الله ديرو اسحاق لرفضهما تعليماته للوفد الرسمي في مؤتمر نيروبي، مما حدا بالبرلمان الموالي له الى التصويت على قرار بطردهما بدعوى الاخلال بمهامهما الدستورية.

واقام صلاد في القاهرة كلاجئ سياسي بعد سقوط نظام حكم الرئيس السابق محمد سياد برى عام 1991. ويذكر انه أكد قبل أسبوعين بقاءه في منصبه للحيلولة دون حدوث فراغ في السلطة الى حين تشكيل حكومة صومالية جديدة.

وكان صلاد قد شن هجوما اعلاميا مفاجئا ضد قبائل الهبر جدر والأبجال، أكبر القبائل والعشائر الصومالية واكثرها نفوذا في الحياة السياسية في بلاده، وحملها المسؤولية عن استمرار حالة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار التي تعيشها العاصمة مقديشو منذ اثني عشر عاما.

وقال في تصريحات تلقت «الشرق الأوسط» نصها: «ان قبائل الهبر جدر والأبجال مسؤولة بشكل ملموس عن هذه الاوضاع المأسوية، كما ان عددا من رجال الأعمال والتجار الصوماليين يتحملون المسؤولية ايضا». ودعا الى نزع اسلحة القبائل، وتركيز الجهود على كيفية اخراج البلاد من نفق الصراعات السياسية والعسكرية الذي دخلته في اعقاب سقوط نظام حكم سياد بري عام 1991.

على صعيد آخر علمت «الشرق الأوسط» ان صلاد وجه رسالة الى نظيره الكيني مواي كيباكي تتضمن خمسة شروط لعودته مجددا الى طاولة المفاوضات في مؤتمر المصالحة الوطنية الصومالية بنيروبي. وقالت مصادر صومالية مقربة من صلاد لـ«الشرق الأوسط» ان الرسالة التي تم تسليمها الى محمد عبدي عافي السفير الكيني لدى الصومال تتضمن ضرورة ان يتم انتخاب أي برلمان صومالي بواسطة قادة العشائر والقبائل الصومالية، وبالتشاور مع الزعماء السياسيين لاعطاء شرعية للعملية الديمقراطية في الصومال، بالاضافة إلي منح الصوماليين الهيمنة الكاملة على مجريات مؤتمر المصالحة في نيروبي، وان يقتصر دور المجتمع الدولي ودول الجوار الجغرافي على تقديم التسهيلات فقط لانجاح المؤتمر.

ودعا الرئيس الصومالي الى ضرورة اشراك سلطات جمهورية أرض الصومال الانفصالية في المؤتمر، واقناعها بالتخلي عن معارضتها التي تتخذها منذ اعلان انفصالها من طرف واحد عام 1991، وعدم الانخراط في الجهود الرامية الى تحقيق الوفاق الوطني وانهاء الحرب الأهلية في البلاد.

وأوضحت: «ان الرئيس صلاد استهجن ان يتحول مؤتمر نيروبي الى مكان يديره الاجانب، ويراقبه الصوماليون فقط، واقترح في رسالته تشكيل لجنة مشتركة من منظمة دول «الايقاد» وخبراء قانونيين لاعداد مسودة مشروع الدستور الصومالي الجديد».

وقال صلاد انه اذا تم مراعاة هذه الشروط فانه مستعد الى العودة لمائدة المفاوضات التي غادرها محتجا نهاية الشهر الماضي على ما اعتبره محاولة لتقسيم الصومال الى دويلات صغيرة، وتغيير هويته العربية والاسلامية.

ويقول المراقبون ان هذه الشروط تعني أن هناك استحالة في امكانية ان يشارك صلاد في مفاوضات نيروبي التي استأنفت أعمالها نهاية الاسبوع الماضي، بعد توقف دام 5 ايام في محاولة يائسة لاقناع الأطراف الصومالية التي قاطعته بالعودة من جديد الى نيروبي وكان الرئيس الكيني قد وجه رسالة خطية عاجلة الى نظيره الصومالي يحثه فيها على العودة في اسرع وقت الى المؤتمر، تفاديا لاحتمالات انهياره على نحو ينذر بتداعي آخر محاولة اقليمية جادة لتحقيق السلام والاستقرار المفقودين في البلاد.

واجرى ستيفن كالونزو موسيوكا وزير الخارجية الكيني محادثات مع نظيره المصري أحمد ماهر حول مجمل الوضاع الراهنة في الصومال، كما دعا الحكومة الانتقالية الصومالية الى التراجع عن مقاطعة مؤتمر نيروبي.

وعلى اثر تصاعد وتيرة انسحاب بعض القادة الصوماليين من المؤتمر قررت الجهات الراعية له الاستجابة لضغوط منظمات المجتمع المدني الصومالي بتعليق اعماله لعدة ايام، لاتاحة الفرصة للمزيد من التشاور بشأن مشروع الدستور الصومالي المقترح.

وكان موسى سودي يالاهو الذي يعد أحد ابرز قادة الحرب الصوماليين والذي تسيطر ميليشياته المسلحة على قطاع عريض من مقديشو والعقيد باري عدن هيرالى قائد تنظيم تحالف قوات جوبا المتمركز في مدينة كيسمايو، أحد اهم الموانئ الصومالية، قد قررا مقاطعة المؤتمر لكن لأسباب ليس من بينها التعاطف مع المبررات التي ساقها صلاد في معرض تفسيره لقراره الخاص في هذا الشأن.