عرفات يرفض اقتراحا بتعيين نصر يوسف وزيرا للداخلية وتوحيد الأجهزة الأمنية تحت إمرته

الاتحاد الأوروبي أغرى عرفات بدفع 300 مليون دولار للسلطة مقابل تنازله عن سلطاته الأمنية

TT

افشل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مبادرة تقدمت بها اللجنة المركزية لحركة «فتح» لتعيين اللواء نصر يوسف، القائد السابق للأمن الفلسطيني العام وزيرا للداخلية في حكومة محمود عباس (ابو مازن).

وتنهمك القيادة الفلسطينية في نقاش محموم حول سبل الخروج من ازمة أمنية منذ تدهور الوضع في الاراضي المحتلة إثر اعادة اسرائيل مجددا احتلال مدن في الضفة الغربية ومناطق في قطاع غزة واغتيال القيادي في حركة حماس اسماعيل ابو شنب الخميس الماضي وتهديدها بمواصلة الاغتيالات وعمليات الاجتياح او قطعها الاتصالات مع الحكومة الفلسطينية. ودعا وزير الخارجية الاميركي كولن باول الرئيس عرفات الى نقل صلاحياته الأمنية وسيطرته على الاجهزة الأمنية الرئيسية الى سلطات وزير الداخلية في الحكومة الفلسطينية لكن عرفات يرفض ذلك.

وقال الياس زنانيري الناطق باسم وزارة الداخلية الفلسطينية ان عرفات رفض بشكل قاطع هذا الاقتراح، قائلا انه لا حاجة لتعيين وزير للداخلية وان وزير الدولة لشؤون الامن محمد دحلان يقوم بعمله بشكل مناسب. وكان اعضاء من اللجنة المركزية وعلى رأسهم صخر حبش قد طرحوا على عرفات لدى اجتماعهم به الليلة قبل الماضية الاقتراح في مسعى لتوحيد الاجهزة الأمنية كلها تحت مرجعية واحدة ممثلة في اللواء نصر يوسف. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان الهدف من الاقتراح كان العمل على سحب البساط من تحت قدمي محمد دحلان الذي يلقى معارضة شديدة داخل اللجنة المركزية للحركة وتجريده من جميع الصلاحيات التي كلف بها من قبل ابو مازن لدى تشكيل الحكومة الفلسطينية. واضافت المصادر ان اعضاء اللجنة المركزية الذين اقترحوا المبادرة اعتقدوا انها ستحظى بقبول لدى عرفات لكونها تهدف الى اقصاء دحلان، لكن عرفات رفضها بشدة لانه على حسب المراقبين غير مستعد للتنازل عن صلاحياته كمرجعية وحيدة لجهاز الأمن العام الفلسطيني الذي يضم الأمن الوطني والمخابرات والاستخبارات العسكرية وجهاز أمن الرئاسة والشرطة البحرية.

واشارت المصادر الى انه ينظر الى الاقتراح الذي تقدمت به اللجنة المركزية كشكل من اشكال الصراع داخل حركة فتح. وافادت المصادر ان رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس الذي لم يحضر الاجتماع ابلغ الحضور موافقته على الاقتراح بشرط ان يوافق عرفات على توحيد الاجهزة تحت إمرة اللواء نصر يوسف. وكشفت المصادر النقاب عن الاتحاد الاوروبي قد انضم للجهود لاقناع عرفات من اجل التنازل عن مسؤوليته عن اجهزة الامن. واشارت الى ان الاتحاد الاوروبي حاول تقديم اغراءات لعرفات عبر تقديمه اقتراحا بتقديم مبلغ ثلاثمائة مليون دولار لدفعها كمستحقات تقاعد لمنتسبي الأمن الوطني على اعتبار ان خزانة السلطة لا تسمح بدفع هذه المستحقات، وذلك من اجل ان يقبل عرفات بالاقتراح، لكن ذلك فشل ايضا. وكان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قد اتصل بعرفات الليلة الماضية هاتفيا. واكدت المصادر ان سترو حاول اقناع عرفات بالاستجابة للجهود المصرية الهادفة الى توحيد الاجهزة الأمنية تحت امرة مرجعية واحدة.

وقال صخر حبش «لقد رفض رئيس الوزراء (محمود عباس) اقتراح تعيين اللواء نصر يوسف في منصب وزير الداخلية وهو يصر على توحيد جميع الاجهزة الأمنية». واضاف «اللواء نصر يوسف عضو لجنة مركزية لحركة فتح وعضو مجلس الامن الاعلى وهو الاعلى رتبة بين زملائه العسكريين وهذا كاف الى ان يجعله وزير داخلية قويا يحظى باحترام الجميع». وقال بيان مقتضب لرئاسة الوزراء الفلسطينية ان «قرار (اللجنة المركزية لحركة فتح) تعيين اللواء نصر يوسف في منصب وزير الداخلية قرار خاطئ والمطلوب توحيد جميع الاجهزة الأمنية في الحكومة». وقال مسؤول رفيع في حركة فتح «جاء اقتراح تعيين اللواء يوسف في منصب وزير الداخلية محاولة لتخفيف الضغط على الرئيس عرفات وكذلك لكونه يحظى باحترام معظم ضباط الاجهزة الأمنية الذين ابدوا امتعاضا من تولي محمد دحلان وزير الدولة للشؤون الأمنية هذه المسؤولية كونه اقل رتبة منهم». واضاف «ان الاقتراح يعكس الخلاف القائم داخل القيادة الفلسطينية منذ استحداث منصب رئيس الوزراء تلبية لضغوط خارجية اميركية واسرائيلية». وكان عرفات قد قبل على مضض في اواخر الشتاء الماضي تعيين رئيس وزراء اثر ضغوط مباشرة وغير مباشرة مارستها عليه الادارة الاميركية والمجموعة الدولية ودول عربية. ويتولى وزير الداخلية مسؤولية اجهزة الشرطة المدنية والدفاع المدني والامن الوقائي في حين يسيطر الرئيس على بقية الاجهزة الرئيسية لا سيما قوات الامن الوطني والمخابرات العامة والاستخبارات العسكرية واجهزة اخرى.

من جهته اكد نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات امس ان الاتصالات الفلسطينية والعربية والدولية والاوروبية مستمرة في محاولة لاحتواء الموقف المتدهور في المنطقة. وقال للصحافيين «ان الاتصالات الفلسطينية والعربية والدولية والاوروبية مستمرة في محاولة لاحتواء الموقف المتدهور في المنطقة وسنرى في الـ24 ساعة القادمة نتيجة هذه الاتصالات». واضاف «في الحقيقة ان الحكومة الاسرائيلية منذ الهدنة الاولى حاولت ان تتهرب من الالتزام بها، وفعلا مارست هذا التهرب من خلال ما جرى في القدس والخليل من عمليات لهدم البيوت واغتيال المناضلين»، مضيفا «هناك اتصالات عربية ودولية لكبح جماح الحكومة الاسرائيلية والتصعيد التى تقوم به».

ودعا ابو ردينة الى «الزام واجبار اسرائيل على التوقف عن هذا التصعيد والقبول بخريطة الطريق والبدء في تنفيذها من خلال وجود مراقبين دوليين والحفاظ على ما تبقى من الهدنة اذا ما كان ذلك ممكنا». وطالب اللجنة الرباعية وتحديدا الولايات المتحدة بان تجبر اسرائيل على «وقف تصعيدها وعلى الانصياع لرغبة المجتمع الدولي والبدء في تنفيذ خريطة الطريق والعودة الى الهدنة حتى يمكن الحديث عن اي حركة ايجابية في المستقبل». واوضح ابو ردينة اخيرا ان «هناك اتصالات مع اللجنة الرباعية وليس هناك اتصالات مع الجانب الاسرائيلي الذي يعلن صراحة رفضه للهدنة ووقف اطلاق النار».

وكانت اسرائيل قد رفضت امس الاحد عرضا فلسطينيا، لوقف اطلاق النار واصرت على مطلبها تفكيك الفصائل الفلسطينية المسلحة كشرط مسبق لاستئناف عملية السلام، كما صرح المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية افي بازنر. وعلى اثر الرفض الاسرائيلي قالت حركة حماس انها لا تفكر في هدنة جديدة على الاطلاق. وقال احد قادتها البارزين وهو عبد العزيز الرينتيسي ان «العدو الصهيوني يجب ان يدفع ثمنا باهظا لجرائمه». واكد الرنتيسي «نحن لم نطلع على شيء من هذا القبيل، ونقول لقد استجبنا لنداءات الدول العربية والسلطة الفلسطينية.. واعطينا هدنة فلم يحترمها هذا العدو المجرم واخترقها ورفض الافراج عن المعتقلين ثم اغتال قادة سياسيين من امثال الشهيد اسماعيل ابو شنب فلم يعد هناك مجال للحديث عن امر كهذا». واوضح الرنتيسي «ان موقف حماس مصمم على تحرير فلسطين وانهاء الاحتلال ثم بعد ذلك كل تصعيد صهيوني ضد ابناء الشعب الفلسطيني سيلقى تصعيدا من قبل حركة حماس ضد الصهاينة».