مسؤولون وخبراء أميركيون يحذرون: العراق قد يتحول إلى «واحة» للإرهابيين

TT

في أعقاب التفجير الذي تعرض له مبنى الأمم المتحدة ببغداد الاسبوع الماضي، بدأت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تتحدث عن خطر جديد يواجه قوات التحالف في العراق، وهو تدفق مقاتلين أصوليين أجانب عبر الحدود العراقية المفتوحة. وكان المسؤولون الأميركيون مشغولين، حتى وقت قريب، بالخطر الذي تمثله بقايا نظام صدام حسين، التي ظلت تشن حرب عصابات متدنية المستوى ضد القوات الغربية في العراق، وتؤدي الى قتل جندي أو اثنين في اليوم الواحد. ولكن عملية تفجير الشاحنة التي استهدفت مقر الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي حملت الكثير من سمات العمليات الكبيرة الطموحة التي تتخذ من التكتيكات التي يتبناها «تنظيم» القاعدة التابع لأسامة بن لادن، نموذجا لها.

ويقول خبراء الإرهاب داخل الحكومة الاميركية وخارجها انه ليس معروفا حتى الآن من هو المسؤول عن ذلك التفجير الذي أدى إلى قتل ممثل الأمم المتحدة في العراق، سيرجيو فييرا دي ميلو، و24 شخصا على الاقل من الموظفين الآخرين. وكانت عدة منظمات أصولية في الخارج أعلنت عن مسؤوليتها عن الحادث، ولكنه يمكن أن يكون كذلك من تدبير الموالين لصدام الذين رأوا في الأمم المتحدة هدفا سهلا.

ويقول الخبراء انه حتى إذا لم تكن المجموعات الإرهابية الأجنبية مسؤولة عن الحادث مسؤولية مباشرة، فإن هناك الكثير من الشواهد التي تشير إلى أن العراق أصبح نقطة جذب للمقاتلين الأصوليين من كل أنحاء الشرق الأوسط. وتتكاتف الحدود الطويلة والضعيفة الرقابة، وغياب الأسس الأولية للأمن بعد سقوط نظام صدام، والوجود الضخم للقوات الأميركية، لتجعل من العراق هدفا مغريا للمتطرفين الأصوليين.

وقال الرئيس بوش في خطاب ألقاه يوم الجمعة الماضي ان «مقاتلين من منظمات من طراز القاعدة» يتحركون نحو العراق لمنع ظهور ديمقراطية مستقرة. وقد عكست آراؤه تلك وجهات نظر مسؤولين حكوميين وعسكريين كبار، من ضمنهم الجنرال جون ابي زيد، قائد القيادة الوسطى، الذي قال ان الإرهاب هو الخطر الأمني الأول في العراق.

ويقول مايكل أوهانلون، الخبير العسكري بمعهد بروكنز «اصبح العراق واحة إرهابية. وقد أسدينا خدمة كبيرة للإرهابيين بأن وضعنا 200 ألف غربي في متناول أيديهم».

ويقول مصطفى العاني، الخبير الشرق أوسطي بالمعهد الملكي للخدمات الموحدة، في لندن، أن مواقع الإنترنت الأصولية أخذت تصور العراق كنقطة مركزية للجهاد ضد الولايات المتحدة. وتذكر الحملة للتجنيد في العراق، من بعض الوجوه، بالحملة التي شنت قبل عقدين لتجنيد المجاهدين الأصوليين لمحاربة السوفيات في أفغانستان. وقال العاني «إذا لم يتحسن الوضع بسرعة في العراق، فإنه يمكن أن يتحول إلى واحة للجهاد. وتتوفر هناك كل عوامل الفوضى: دولة بلا قانون تتنامى داخلها روح العداء لأميركا، بلاد بلا قوات مسلحة، وطن منقسم بين السنة والشيعة».

ويقول خبراء الإرهاب ان الشواهد على قيام تحالف عملياتي بين أتباع صدام حسين و«القاعدة»، ما تزال شحيحة وضعيفة. فمن الناحية الآيدويولوجية لا توجد نقاط اتفاق كثيرة بين الطرفين. وقد أدان بن لادن مرات عديدة صدام حسين باعتباره طاغية كافرا. ومع ذلك فإن لهما حاليا عدوا مشتركا هو الولايات المتحدة وتستخدم المجموعتان وسائل متشابهة في حربهما ضد هذا العدو.

وقال ابي زيد للصحافيين «لا اقول انهما أصبحا حليفين أكيدين، ولكنني أعتقد أن هناك بعض الدلائل على وجود تعاون في مجالات محددة». وقد اتهم المسؤولون الأميركيون سورية بأنها تسمح للعناصر الإرهابية بالعبور الى داخل العراق ولكن سورية نفت ذلك بشدة. ويلقي بعض خبراء الإرهاب، اللوم على ادارة بوش لكونها لم توفر الاسس الأمنية الضرورية في العراق بعد سقوط حكومة صدام حسين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»