مصري يريد مقاضاة إسرائيل للتعويض عما أخذه العبريون قبل آلاف السنوات من ذهب مصر

TT

منذ سنوات، وأستاذ مصري في القانون الدولي، اسمه الدكتور نبيل حلمي، ويحتل منذ عامين منصب عميد كلية الحقوق في جامعة الزقازيق بالقاهرة، ناشط بهدوء في إشعال أكبر «محرقة قضائية» في التاريخ، ولم يسبقه اليها أحد خلال أكثر من 33 قرنا من الزمان على الاطلاق: الدكتور حلمي يخطط ببساطة لمجزرة حسابات وتعويضات حاسمة، يجرّ بها أكثر من 12 مليون يهودي أحياء على الأرض الآن الى المحاكم في سويسرا، بوصفهم «ورثة» بالتواتر الجماعي عبر الزمن لأجدادهم العبريين «ممن قاموا بأكبر عملية سطو في التاريخ، حين سرقوا مجوهرات ومصوغات وحلى ذهبية ومن فضة، وأواني للطهي ومشغولات متنوعة، من مضيفيهم المصريين طوال 430 سنة، هي من مجيء النبي يعقوب وعائلته الى مصر حتى خروج النبي موسى وأتباعه، ثم حملوها كأمانات، لكنهم غادروا البلاد ولم يعيدوا منها شيئا» وفق دعواه المستندة الى التوراة.

ويضع الدكتور حلمي الايمان اليهودي على المحك في دعواه، التي يحبكها بالاشتراك مع الدكتور جميل يكن، نائب رئيس الجالية المصرية بسويسرا، لأن اليهود اذا رفضوا حيثياتها وموجباتها فانهم يصبحون مشككين في ما تؤكده التوراة في «سفر الخروج» المتضمن رواية العبور الجماعي للعبرانيين من مصر الى سيناء، حيث يعتقد البعض أن خروج أكثر من 600 ألف منهم تم في السنوات الأخيرة من حكم الفرعون رمسيس الثاني، الرجل الذي اعتلى عرش مصر طوال 67 عاما، بدءا من سنة 1290 قبل الميلاد، أي منذ حوالي 3 آلاف و365 عاما مضت. أما اذا قبلوها «فعليهم باعادة ما سلبه أجدادهم الى ورثة الفراعنة المسلوبين، وهم سكان مصر الحاليون» وفق ما قال بالهاتف من مكتبه بالقاهرة مع «الشرق الأوسط» أمس.

ويقول الدكتور حلمي، المتخرج بالقانون من جامعة عين شمس، انه فكر بالدعوى منذ 5 سنوات تقريبا، أي حين ضج العالم ذلك الوقت بمطالبات يهودية لاستعادة أرصدة كانت لليهود في بنوك سويسرية زمن الحكم النازي لألمانيا قبل وخلال الحرب العالمية الثانية، عندها خطر في ذهنه بأن للعرب أيضا حقاً سلبه اليهود منهم، في عملية جماعية طالت المصريين الفراعنة بالذات «وهم أسلاف المصريين الحاليين، تماما كما العبرانيون هم أسلاف يهود اليوم، لذلك يجب مقاضاتهم لكي يعيدوا ما ورثوه عنهم عبر السنين» كما قال.

وينشط مع الدكتور حلمي في دعواه المرتقبة أكثر من 15 محاميا مصريا من زملائه في القاهرة، اضافة الى الدكتور جميل يكن، الأستاذ بالقانون في جامعة سويسرية، وهو يقول إن الدعوى قد تستغرق سنوات وسنوات، وتكاليفها قد تزيد على أكثر من 250 ألف دولار «أما التكاليف الحالية لتغطية المتابعات فندفعها من جيوبنا، وليس هناك أي جهة حكومية أو خاصة تقف وراءنا»، مؤكدا في الوقت نفسه أن مسعاه لمقاضاة يهود العالم «المتمثلين باسرائيل التي تقول دائما انها وكيلتهم ووارثة حقوقهم» ليس بدافع أي معاداة للسامية «انما هو حق لا يضيع بالتقادم ومرور الزمن، ومثبت في التوراة يؤمن اليهود بالوارد فيها».

* كم تقدر المسلوب من المصريين عام الخروج ؟

ـ من معلوماتنا، ومن الوارد في التوراة نفسها، أن هناك طوابير طويلة من الحمير كانت محملة بالمسروقات، رافقتها أكثر من 120 ألف أسرة من العبرانيين، ممن سلبوا ما يزيد على 300 طن من مصوغات مشغولة، ذهبية وفضية ونحاسية، بل ومن ثياب وأوان للطهي وغيرها.

* يعني، كل يهودي حمل معه أكثر من كيلوغرامين ذهب؟ هذا غير معقول. ـ هكذا هي التقديرات. ويمكن أن يكون المسلوب كيلوغراماً واحداً، أو مليوناً، المهم هو تثبيت الحق ومن بعدها دراسة التفاصيل لتحديد التعويضات.

* وحجم التعويضات؟

ـ درسناها أيضا، وضمن حساب اعتبرنا فيه أن ما تم سرقته هو طن واحد، وأنه يتضاعف كل 20 سنة، مع فائدة مصرفية مقدارها 5 في المائة. ولأن الطن الذهبي هو في الحقيقة 700 كيلوغرام فقط، باعتبار الباقي هو نحاساً مخلوطاً بالذهب أصلا، فان الطن يصبح بعد ألف سنة مليارا و125 مليونا و898 ألفا و240 طنا. يعني منذ الخروج من مصر قبل 3 آلاف و365 سنة يصبح حساب المسلوب ملايين التريليونات من أطنان الذهب، هذا عدا عن المتاع والفضيات والمشغولات من أوان للطهي وغيرها.

* وهل حسبت أيضا التعويضات عن أواني الطهي والأمتعة؟

ـ هذه صغيرة نسبة للذهب والمصوغات المسلوبة، لذلك سنتركها لما بعد رفع الدعوى.

* قد يقولون إنهم سيعيدون فقط 300 طن من الذهب، أي كما يعيد أي شخص أمانة بعنقه، وهذ الكمية لا تزيد قيمتها بسعر الذهب اليوم على مليارين و500 مليون دولار؟

ـ لا يمكن اجراء الحساب بهذه الطريقة، فالذهب تم استخدامه، وتراكمت عليه فوائد مركبة. على أي حال فان تحديد المسلوب يمكن القيام به بعد رفع الدعوى وتحديد الضرر.

* أنت تعرف أن أحدا لا يمكنه دفع تريليونات الأطنان من الذهب، فما الحل؟

ـ يمكننا تقسيطه اذا أرادوا.

* الى أي مدة؟

ـ لنقل ألف سنة، على أن يكون مع الفوائد طبعا، ووفق القانون الدولي.

* هناك 12 مليون يهودي في العالم الآن، فهل الدعوى ستشملهم كلهم، أم اسرائيل فقط؟

ـ ستشمل الطرفين معا، فهما متورطان باعتبارهما مستفيدين مما حدث، خصوصا أن اسرائيل تقول دائما إنها وريث كل يهودي لا وريث له.

* تقول ذلك فعلا؟

ـ بالتأكيد، ومنذ سنوات طالبت الحكومة السويسرية بمراجعة الحسابات السرية للوصول الى أموال اليهود القتلى زمن النازية وتحويل ما يتم العثور عليه اليها.

ويعتقد الدكتور حلمي أن المجتمع الدولي سيضج بدعواه، وسيكون بالامكان فيما بعد فتح المزيد من الملفات عن مسروقات طالت العرب في تاريخهم القديم، وتحت عنوان «وراك وراك والزمن طويل» الى أن يتم ايضاح ملابسات وذيول كل عملية سلب جماعية لحقت بهم، من أيام الفراعنة حتى اليوم.