سكان الصحراء الغربية ملوا الحديث عن مشكل عمره أكثر من ربع قرن والموظفون الدوليون يتحاشون الخوض في المواضيع الحساسة

TT

تبدو الحياة طبيعية وهادئة في مدن الصحراء الغربية، تسير الأمور اليومية للساكنة هنا بشكل عاد. فبعد مرور أزيد من شهر على صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء في 23 مايو (ايار) 2003 وصدور القرار 1495 بتاريخ 31 يوليو (تموز) الأخير الذي مدد بمقتضاه مجلس الأمن ولاية المينورسو إلى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الاول) في انتظار التوصل لحل لهذا المشكل الذي عمره أزيد من ربع قرن.

وبالنسبة لمحمد المنحدر من قبيلة أزركيين ثاني أكبر القبائل الصحراوية فإن الأمر بالنسبة له قد حسم منذ زمن، ولايهمه تدخل أي طرف آخر خارجي في هذا النزاع الذي يؤمن بكونه نزاعا مفتعلا. يؤكد محمد الذي تجاوز عقد العشرينات من عمره والمقيم بمدينة بوجدور (180 كيلومترا جنوب مدينة العيون)، والذي يؤكد قائلا «تحاول كل من الجزائر عبر البوليساريو الحصول على ما ليس لها. نحن هنا في أرضنا وداخل وطننا المغرب ونحن متشبثون بمغربيتنا أبى من آبى و كره من كره» ويضيف قائلا لـ«الشرق الأوسط»، بعد سؤاله حول رد فعله بعد النقاش الذي دار بمجلس الأمن حول القضية، بأن الأمر لا يهمه ولا يكثرث بأي جهة أخرى أجنبية و لا بموقفها من قضية حسم هو أمره فيها منذ زمن منذ خروج الاستعمار الإسباني من المنطقة عام .1975 في مدن الصحراء يفضل الأغلبية من السكان تحاشي الخوض في أمور السياسة كما يسمونها، وهذا ما حدث ونحن نتبادل أطراف الحديث مع سائق سيارة اجرة في العيون مباشرة بعد طرح سؤال حول رأيه في التطورات الأخيرة التي شهدها ملف الصحراء في أروقة بناية الأمم المتحدة بنيويورك حيث أجاب «كنا نتحدث عن المدينة ومميزاتها السياحية وتسألني فجأة عن رأيي في مثل هذه الأمور من انت بالضبط؟" وواصل كلامه بعد تأكده من هوية محاوره «انظر يا أخي لن يشككني أحد في وطنيتي ومغربيتي. نعم أنا أنحدر من القبائل الصحراوية لكنها قبائل صحراوية مغربية وبالتالي فموقفي واضح ولا أحب ان يحاول أحد ما أن يتكلم باسم الصحراويين ويثير مشاكلهم. نعم نعاني من مشاكل عديدة لكنها تبقى طبيعية وعادية كمشاكل باقي المغاربة ولا أعتقد بأن هناك من سيقول بأن هناك مجتمعا من دون مشاكل». أما هدى الطالبة الجامعية ومهتمة بمجال حقوق الإنسان فترى هي الأخرى انه لا يمكن التشكيك في مغربية الصحراء لكن بالنسبة للمشاكل يجب ان تطرح بجرأة و بدون خوف ويجب مناقشة البعض الذي يساند أطروحة الطرف الآخر إن كانوا على استعداد لفتح باب الحوار، في اشارة الى مناصري جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الاقليم عن المغرب. يثير انتباه المتجول وسط مدينة العيون، اكبر مدن الصحراء بساكنتها التي تتعدى 80 ألف نسمة، بناية لممثلية الأمم المتحدة المعروفة اختصارا باسم «المينورسو»، في المدخل الرئيسي يستقبلك موظف أردني، بعد أن تكون قد مررت بشبه حاجز أمني مغربي لزوم الاحتياطات لحماية المقر من الفضوليين، الذي يحيلك بدوره على موظف من جنسية إيطالية المكلف بالعلاقات مع الصحافة. داخل المكاتب هناك حرص على وضع صورة كوفي انان الأمين العام للامم المتحدة. يتحاشى الموظفون الدوليون الخوض في المواضيع الحساسة التي لها ارتباط بالملف خصوصا فيما يتعلق بإبداء وجهات نظر قد يتم تأويلها من هذا الطرف أو ذاك، بمن فيهم علاء حسين المؤمن، السويسري الجنسية من أصل عراقي، و يشغل منصب مدير مكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء، الذي خص «الشرق الأوسط» بالحوار التالي:

* شهد ملف الصحراء تطورات متسارعة في الشهور الأخيرة أخرها المقترح الذي آتى به جيمس بيكر المنسق الأممي المكلف بالملف، ما هو تعليقكم على الخطة الجديدة التي آتى بها جيمس بيكر؟

ـ في الحقيقة لا أريد أن أعلق على قرار جيمس بيكر لأنه ما يزال متداولا على طاولة المناقشات في الأمم المتحدة، ثم باعتبارنا موظفين دوليين نعمل تحت إمرة الامم المتحدة لا يحق لنا بتاتا إبداء اي رأي قد يخل أو يمس بالحياد الذي يجب ان نتصف به كموظفين دوليين، فنحن ملزمون فقط بتطبيق توصيات مجلس الأمن عن طريق الأمين العام للمنظمة.

* طيب لننتقل إلى الحديث عن الوضعية الراهنة لهذا الملف على أرض الواقع، ما هو تقييمكم للموقف الآن؟

ـ الموقف بالنسبة لنا نحن في المينورسو لا يخرج على نطاق القرار الأممي رقم 1495 وهو بمثابة خريطة الطريق الذي يجب على الطرفين الالتزام بها.

طرفا النزاع التزاما بمقررات مجلس الأمن بالنسبة لإطلاق النار، ويبقي ذلك من بين أهم النتائج التي سهرت المينورسو على مراقبتها من خلال تلقي وإرسال التقارير اليومية التي يحررها المراقبون العسكريون الدوليون، ونعمل أيضا على الاستمرار في مراقبة الوضع على أرض الواقع، وهو نفس الدور الذي حرصت المينورسو على القيام به منذ بداية مهامها قبل 12 عشر سنة مضت، والمحددة بمقتضى القرارات الأممية الصادرة في سنوات 1988 و 1991 و2000 وغيرها وهي قرارات شرع في تطبيقها بموافقة الطرفين.

* من بين المهام التي انيطت بالمينورسو لتنفيذها هي تحديد هوية المؤهلين للمشاركة في استفتاء تقرير المصير، لكن حتى هذه العملية توقفت، هلا أخبرتمونا بالحصيلة والعراقيل التي جابهت عملكم، وكيف كانت علاقتكم بطرفي النزاع وبالسكان في تلك الفترة؟

ـ علاقتنا بطرفي النزاع كانت جيدة ونفس الأمر ينطبق على السكان وبمستويات مختلفة، لدينا منسق منتدب في كل جانب و كان الاحتكاك كبيرا خلال فترة تحديد الهوية بطبيعة الحال مع السكان.

* وماذا عن حصيلة عملكم في تلك الفترة؟

ـ عملية تحديد الهوية ابتدأت سنة 1994 وفي سنة 1999 تم نشر أول قائمة مؤقتة وفي نفس السنة بدأت عملية تلقي الاعتراضات على المسجلين في اللوائح و في سنة 2000 نشرت اللائحة الثانية المؤقتة للمصوتين لتتوقف بعد ذلك إثر الشروع في محاولة تطبيق الاتفاق الإطار. و كانت حصيلة عمليات تحديد الهوية تلقي 240 ألف طلب لتحديد الهوية و اعتمد منها 64258 فردا و ضعت أسماؤهم باللوائح المؤقتة بينما تلقينا في المينورسو 131 ألف اعتراض.

* كم عدد أفراد بعثة المينورسو بالمنطقة وما هي المهام المنوطة بهم؟

ـ يبلغ عدد أعضاء المينورسو بالمنطقة 536 عنصرا من ضمنهم 20 فردا يوجدون بالجزائر و هم مقسمون على الشكل التالي 228 مراقب عسكري دولي و25 شرطي دولي و168 موظف مدني دولي و115 موظف محلي أو تم التعاقد معه محليا والموظفون الدوليون خاضعون للتغيير الدوري حسب حاجات الأمم المتحدة، وطوال فترة عمل المينورسو توفي في حوادث سير أو مرض 6 مراقبين عسكريين دوليين وشرطي دولي واحد و6 موظفين دوليين.

* وكيف هي ظروف عيشكم؟

ـ موظفو الأمم المتحدة يعيشون في الصحراء الغربية في ظروف مقبولة لدى الأمم المتحدة وعلى هذا الأساس يسمح للموظفين بالعيش.

وأود الإشادة بأن الطرفين يقدمون المساعدة الكافية للموظفين كي يؤدون مهامهم على أكمل وجه.

=