حركة إسرائيلية تدعو للعودة إلى عرفات

باراك يبرئ ساحة شارون ويعلن أنه ليس للإسرائيليين شريك في الطرف الآخر

TT

في الوقت الذي ينجرف فيه حزب العمل الاسرائيلي المعارض وراء حملة رئيس الحكومة، آرييل شارون، ضد القيادة الفلسطينية، خرجت حركة سلام راديكالية صغيرة بحملة تدعو فيها للعودة الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وتقول: «عرفات هو الوحيد القادر على توقيع اتفاقية سلام مع اسرائيل».

وتدعى هذه الحركة «كتلة السلام»، ويقودها الصحافي العتيق، أوري افنيري الذي اخترق حصار بيروت سنة 1982 والتقى عرفات وأجرى معه مقابلة مطولة. ومنذ ذلك الوقت وهو يقود حركة سلام راديكالية. ومع انها حركة صغيرة، الا انها تتميز بالجرأة والصراحة. وأصدرت بيانا، امس، تعلن فيه بدء حملتها، جاء فيه: «الناطقون بلسان أجهزة الأمن الاسرائيلية يسربون بلا هوادة الانباء عن الخطة المتبلورة لطرد عرفات. وبما ان احدا لا يتوقع من عرفات ان يستسلم، فان التفسير الحقيقي لهذا الطرد هو الاغتيال. لكن قتل القائد التاريخي للشعب الفلسطيني، وليس مهما في أية ظروف ووفقا لأية ذرائع، هو كارثة. وستكون تلك نقطة اللاعودة، نقطة الانعطاف التاريخي التي يموت فيها كل احتمال للسلام بين اسرائيل والشعب الفلسطيني، والعالم العربي بشكل عام».

وأضاف «ان التحريض الدائر ضد شخص عرفات منذ سنين، من طرف اليمين واليسار على السواء، هو نهج غير منطقي وبلا اساس من الصدق والاستقامة. والادعاء بأن تصفية عرفات ستقوي رئيس الوزراء الفلسطينن محمود عباس (ابو مازن) مفندة تماما، اذ انه من دون عرفات لا بقاء لأبو مازن».

وتابع القول «ان عرفات، الذي انتخب لمنصب الرئيس بأصوات أكثرية الناخبين لدى الشعب الفلسطيني في انتخابات حرة جرت تحت مراقبة دولية، هو الانسان الوحيد القادر الذي يتمتع بالصلاحيات ويملك الشرعية لصنع السلام. عرفات شريك صعب، ولن يكون عميلا (لاسرائيل) ولن يخضع للاملاءات. لكن السلام الذي يوقع عليه هو السلام الذي يتقبله شعبه ولا يوجد عرفات ثان».

وتعتبر اقوال هذه الحركة رأيا جماهيريا واسعا في اسرائيل خصوصا لدى النخبة الاعلامية والثقافية. وترى هذه النخبة ان القيادة السياسية والعسكرية في اسرائيل تعرف تمام المعرفة هذه الحقيقة، لكنها بشكل متعمد تتجاهلها، مما يوحي بأنها ببساطة ليست معنية بالسلام.

لكن المذهل في الأمر هو ان اوساطا من المعارضة السياسية في اسرائيل تحاول كسب الاصوات في الشارع عن طريق الانضمام الى الحكومة في موقفها العسكري المتشدد. ومن ابرز هذه القوى رئيس الوزراء السابق، ايهود باراك، الذي يصارع للعودة الى قيادة حزب العمل. فقد خرج بتصريحات جديدة امس، تمادى فيها بالمحاباة لرئيس الوزراء الحالي، ارييل شارون، وبرأ ساحته من تهمة المسؤولية عن التدهور الامني المتفاقم في المنطقة. وقال في تصريحات للاذاعة العبرية ان «شارون لا يتحمل المسؤولية عن الارهاب» وان «العمليات الارهابية الاخيرة تدل على انه لا يوجد لاسرائيل شريك في مسيرة السلام في الطرف الفلسطيني. ولذلك ـ اقترح ـ لا بد من تسريع العمل على الفصل بين اسرائيل والفلسطينيين بالجدار الامني من جهة والاستمرار في مطاردة قادة الارهاب من جهة ثانية وانتظار نشوء قيادة فلسطينية جديدة تؤمن بالسلام وتسير فيه معنا بشراكة حقيقية».

وكان رئيس حزب العمل شيمعون بيريس قد اعلن انه مختلف مع سياسة الحكومة ويعتقد بان عليها ان تقترح على الفلسطينيين مشروع سلام متكاملاً مبنياً على مكافحة الارهاب من جهة وطرح الامل بامكانية قبول اسرائيل حلا سلميا مبنيا على منحهم الحقوق الوطنية المشروعة واقامة دولة فلسطينية من جهة اخرى. لكنه عندما جرى الحديث عن العمليات التفجيرية داخل الاراضي الاسرائيلية، راح يتكلم مثل شارون تقريبا فيدعو الى «مطاردة الارهابيين اينما كانوا».

بيد ان رئيس حزب العمل السابق، عمرام متسناع، الذي ضجر من قيادة حزبه ومن النشاط السياسي الطليعي قبل ان يتم سنة في منصبه واستقال، قال امس ردا على باراك: «لا يمكن مكافحة الارهاب بخطة امنية تكتيكية، فهذه معركة لها ابعاد اخرى اكثرعمقا وبعدا. انها معركة سلام اولا وقبل كل شيء. ولهذا، علينا ان نطرح خطة استراتيجية للسلام اولا ونعمل من اجل تحقيقها باخلاص وجنبا الى جنب نكافح الارهاب».