لجنة تحقيق إسرائيلية تصدر توصيات تدين سياسة التمييز ضد العرب وتهدد مستقبل باراك السياسي

TT

تترقب الاوساط السياسية والاعلامية في اسرائيل صدور توصيات احدى لجان التحقيق الرسمية، التي اقيمت قبل 3 سنوات للبحث في اسباب مقتل 13 مواطنا فلسطينيا من مناطق 1948، وذلك بعد ان تسرب انها سوف تدين رئيس الوزراء السابق، ايهود باراك، مما قد يهدد مستقبله السياسي، وسوف تدين سياسات الحكومة الاسرائيلية عبر 55 سنة، كونها انتهجت التمييز العنصري ضد العرب.

كما يترقب قادة فلسطينيي 48 هذه التوصيات، خصوصا بعد ان بدا واضحا ان اللجنة تتهم بعضهم بتحريض المواطنين وتهييجهم ضد الدولة، وساهموا بذلك في اثارة الصدامات التي أدت الى مقتل الشباب المذكورين.

يذكر ان موضوع التحقيق في اللجنة يعود الى نهاية سبتمبر (ايلول) ومطلع اكتوبر (تشرين الاول) عام 2000. ففي حينه تظاهر المصلون المسلمون في المسجد الاقصى المبارك ضد الزيارة الاستفزازية التي قام بها ارييل شارون، رئيس الحكومة الاسرائيلية الذي كان في حينه رئيسا للمعارضة. وخلال المظاهرة قذف المصلون الشباب بالحجارة رجال الشرطة الموجودين بكثافة، فأصيب قائد لواء القدس في الشرطة، اللواء اريه عيث، بحجر وأغمي عليه، فتولى القيادة عنه نائبه المعروف بلقب «الجنجي المجنون»، واطلق الرصاص على المتظاهرين، فقتل سبعة منهم.

واثر ذلك قررت قيادة «فلسطينيي 48» اعلان الاضراب العام حدادا على هذه الجريمة التي سمتها «مذبحة الاقصى». وخلال المظاهرات التي جرت حينذاك، وقعت صدامات مع الشرطة في كل مكان. وتم تمديد الاضراب ليومين آخرين اثر مقتل بعض المتظاهرين برصاص الشرطة. وبلغ عدد القتلى 13 فلسطينيا.

وطالب المواطنون العرب باقامة لجنة تحقيق نزيهة ورسمية، خارجة عن تأثير الحكومة. ولما كانت الدولة العبرية تستعد للانتخابات المقبلة، قررت حكومة باراك آنذاك نزع فتيل التوتر مع المواطنين العرب (يشكلون 17.5 في المائة من سكان الدولة و15 في المائة من الناخبين)، فرضخت للطلب. واقامت لجنة تحقيق قضائية برئاسة القاضي في المحكمة العليا، تيدور اور، وعضوية العالم شمعون شمير (اول سفير اسرائيلي لدى مصر والاردن)، والقاضي هاشم خطيب (وهو نفسه من فلسطينيي 48).

وعملت اللجنة خلال سنة ونصف السنة على تجميع الافادات. وفي المرحلة الاولى وجهت تحذيرات الى مجموعة شخصيات تقول لهم فيها ان وضعهم القضائي صعب، في اعقاب هذا التحقيق، وان نتائجه النهائية قد تسفر عن اتهامات مباشرة وشخصية لكل منهم، لذلك تقترح عليهم ان يعينوا محامي دفاع، يتولون امرهم.

ووجهت هذه التحذيرات الى كل من باراك، الذي كان سمح لشارون ان يقوم بالزيارة الاستفزازية للحرم القدسي الشريف، ولم يقم بعقد جلسة حكومة واحدة ليبحث فيها اوضاع العرب في اسرائيل ومعاناتهم ولماذا يشعرون بهذا الاغتراب عن الدولة التي يحملون جنسيتها، وشلومو بن عامي، وزير الشرطة التي يتحمل المسؤولية الادارية عن كل قصورات الشرطة، والجنرال يهودا فيلك المفتش العام للشرطة، واللواء اليك رون، الذي كان يتولى قيادة اللواء الشمالي للشرطة وتحت مسؤوليته قتل جميع الفلسطينيين المذكورين، وخمسة ضباط آخرين، وكذلك اعضاء الكنيست عزمي بشارة، وعبد المالك دهامشة ورئيس الحركة الاسلامية الشيخ رائد وثلاثتهم متهمون باثارة مشاعر الجمهور العربي ليخرج غاضبا الى الشوارع ويصطدم مع الشرطة.

وتعتبر هذه التحذيرات جماهيريا بمثابة لوائح الاتهام، وبامكان سلطة القضاء الاسرائيلية ان تحاكمهم على اساسها.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان لجنة التحقيق، بالاضافة الى اداناتها المذكورة اعلاه، بحثت بشكل جذري في اوضاع العرب في اسرائيل، واشارت الى سياسة التمييز العنصري ضدهم، مقدمة الامثلة والنماذج العينية والجداول التي تؤكد وجود هذا التمييز. وانه هو السبب الاساسي وراء شعور العرب في اسرائيل بالاغتراب عن دولتهم. ودعت في توصياتها الى ازالة كل انواع التمييز ضدهم والتعامل معهم بالمساواة الكاملة وضرورة وضع خطة حكومية في هذا الاتجاه.

ودار نقاش بين اعضاء اللجنة حول طابع اسرائيل، وهل القول انها دولة يهودية يعتبر من أسباب الشعور بالاغتراب، وقد اختلف أعضاؤها حول الموضوع، اذ طالب احدهم بتغيير هذا التوجه وايجاد صيغة تكون مقبولة لدى العرب يشعرون فيها بأنها دولتهم، مثل «دولة اليهود وجميع المواطنين». ولا يعرف كيف حسم هذا الخلاف.

لكن الامر المؤكد ان توصيات اللجنة تأخرت بسبب النقاش في الموضوع.