الحريري من فرنسا: اجتماع «باريس ـ 3» وارد لكن على لبنان تنفيذ التزاماته أولا

TT

العلاقات الثنائية والوضع في جنوب لبنان والاراضي الفلسطينية والعراق شكلت المحاور الرئيسية التي دار حولها الاجتماع المطول والمغلق بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري، امس في قصر الاليزيه، حيث كان الضيف الأول الذي يستقبله شيراك بعد ان عاد من اجازته الصيفية.

ولقاء امس حمل نصف مفاجأة تمثلت في تأكيد الحريري للصحافة عقب انتهاء اجتماعه مع شيراك وجود فكرة الدعوة لمؤتمر باريس ـ 3، على غرار مؤتمر باريس ـ 2 الذي عقد العام الماضي في قصر الاليزيه بدعوة ورعاية الرئيس شيراك والذي اسفر عن توفير قروض ومساعدات للبنان بقيمة اجمالية تبلغ 4.7 مليار دولار، اكد الحريري ان 80 في المائة منها دفع للحكومة اللبنانية وان الباقي يستلزم «بعض الاجراءات» من طرف الجانب اللبناني.

غير ان الحريري لم يرد الذهاب بعيدا حول هذا الموضوع فاكتفى بالقول إن «الفكرة قائمة وانما لا تواريخ محددة» لباريس ـ 3، بالاضافة الى ذلك، ربط انعقاد مثل هذا الاجتماع بـ«الخطوات التي سيقوم بها لبنان لتطبيق (التزاماته) في باريس ـ 2 بالكامل».

وتعكس اشارة الحريري الى الالتزامات التي لم تنفذ والتي يعتبر تنفيذها الشرط الأول لانعقاد باريس ـ 3انتقادا مبطنا لأداء الدولة التي لم تف بوعودها المقطوعة في باريس ـ 2. ومع ذلك، فالرئيس الحريري لم يفقد الامل تماما. وذهب الى التأكيد ان حكومته تسعى للوفاء بالتزاماتها مضيفا: «اعتقد ان الاشهر القادمة يمكن ان تظهر جدية في القيام بهذه الامور».

ويبدو ان الحريري حصل على تطمينات من الرئيس شيراك حول رعايته الدائمة للبنان والتزامه باستمرار مساعدته في مواجهة الانتقادات الموجهة اليه، بما في ذلك صندوق النقد الدولي في تقريره الاخير عن لبنان. فقد قال الحريري ان «الامر الاساسي هو ان فرنسا تقف الى جانب لبنان وتقدر الظروف التي يمر بها في الوقت الراهن».

وكان صندوق النقد الدولي، في تقريره الصادر بتاريخ 30 يوليو (تموز) الماضي وتحت عنوان: «تقديم للوضع في لبنان بعد ثمانية اشهر على باريس ـ 2» قد ابدى مخاوف ازاء الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان وخصوصا موضوع المديونية.

وبعيدا عن مسلسل اجتماعات باريس الخاصة بلبنان، شكل لقاء شيراك والحريري امس حلقة أولى في مجموعة لقاءات ينوي شيراك القيام بها في الايام والاسابيع المقبلة حول العراق والشرق الأوسط تمهيدا لاجتماعات الأمم المتحدة الشهر المقبل. وفي هذا الاطار، سيزور الرئيس المصري مبارك بداية الاسبوع المقبل، كذلك سيزور وزير الخارجية الأردني مروان المعشر العاصمة الفرنسية في الأول من الشهر القادم.

وكشف الحريري ان فرنسا «تطرح مجموعة من الافكار» مع الأميركيين والعرب «بحثا عن الحلول للمشاكل التي تزداد سوءا في المنطقة». الا ان الحريري لم يخض في مزيد من التفاصيل. وقالت مصادر القصر الرئاسي ان شيراك يرغب في التشاور وفي اجراء «مجموعة من الاتصالات الدولية» بغرض تقويم الوضع في العراق والاراضي الفلسطينية المحتلة في الايام المقبلة. وينتظر ان يشرح الرئيس الفرنسي باسهاب مواقف بلاده من كل هذه القضايا في خطاب يلقيه عصر الجمعة المقبل امام السفراء الفرنسيين عبر العالم.

وقال الرئىس الحريري ان الجميع «مقتنع الآن بأنه من غير تعاون دولي فان المشكلة (العراقية) ستكون اصعب حلا». وبرأيه، فان هذا التعاون ليس فقط بين دول التحالف «لكن يجب ان يشمل دولا اخرى مثل فرنسا وألمانيا وروسيا ودولا اخرى مسلمة وعربية».

ووصف الحريري ما حصل بين اسرائيل وحزب الله مؤخرا بأنه «خطوة مفيدة»، لكنه تحاشى القول ما ذا كانت الدولة اللبنانية طرفا في الاتصالات التي قادتها ألمانيا، كذلك تحاشى الاجابة عن سؤال يتناول العوائق التي تمنع الدولة اللبنانية من تحييد حزب الله وتولي مسؤولة الأمن في الجنوب، وفقا لما تطلبه الولايات المتحدة الأميركية وكذلك فرنسا واطراف دولية اخرى. واكتفى الحريري بتأكيد ان لبنان وسورية «يتطلعان الى اتفاق شامل» مع اسرائيل وان «الامور مرتبطة ببعضها في المنطقة»، مما يفترض الدفع باتجاه البحث عن حل شامل لكل مشاكل المنطقة.

كذلك تفادى الحريري الخوض في موضوع التغيير الحكومي الذي يكثر الحديث عنه في بيروت بقوله انه «موضوع نبحثه في لبنان».