واشنطن تقول إنها تتوجه إلى مباحثات بكين حول الأزمة الكورية الشمالية مع رغبة في التسوية

TT

واشنطن ـ بكين ـ وكالات الانباء: لا يخفي الرئيس الاميركي جورج بوش نفوره من النظام الكوري الشمالي لكن ادارته لمحت أخيرا إلى انها قد تبدي مرونة خلال المباحثات المتعددة الاطراف المرتقب اجراؤها اواخر الشهر الجاري في العاصمة الصينية بكين. فبعدما شنت حملة انتقادات شديدة على الزعيم الشمالي كيم يونغ ايل ونظامه ورفضت الخضوع لما تسميه «الابتزاز النووي»، فإنها باتت تأمل بصدق ـ بحسب مسؤولين وخبراء اميركيين ـ ان تفضي المباحثات المرتقبة الى حل سلمي.

لكن قلة بين هؤلاء يتوقعون احراز تقدم مذهل في بكين حيث سيجري المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الاميركية جيمس كيلي مباحثات مع مندوبين من الصين وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية واليابان وروسيا. ذلك ان الولايات المتحدة ما زالت غير مستعدة للمساومة بشأن مطلبها الاساسي وهو تراجع بيونغ يانغ عن مطامحها النووية بشكل كامل ولا رجعة فيه وقابل للتحقيق. بيد ان ثمة املا في ظهور دبلوماسية خلاقة قادرة على انقاذ ماء الوجه أكان بالنسبة لكوريا الشمالية او للولايات المتحدة.

في هذا السياق قال جون ولفستال، من مجموعة الابحاث «كارنيغي انداومنت فور انترناشيونال بيس»، (صندوق كارينغي للسلام الدولي) «اعتقد ان هناك اهتماما على اعلى مستوى في الحكومة الاميركية في ايجاد تسوية سلمية لهذا النزاع». واضاف ان بوش يبدو مستعدا من الان فصاعدا لتليين موقفه.

وكان مسؤول كبير في الخارجية الاميركية قد صرح بدوره يوم الجمعة الماضي بأن واشنطن لا تعارض بشكل حتمي فكرة ان يقدم اطراف اخرون في المباحثات اقتراحات مشجعة لكوريا الشمالية لكي تجمّد برنامجها النووي العسكري. بقوله «قد تطرح على الكوريين الشماليين اقتراحات ايجابية جدا من شأنها ان تساعد كوريا الشمالية على اختيار عدم الدخول في العصر النووي».

للعلم في مطلع هذا الشهر اكد وزير الخارجية الاميركي كولن باول ان الولايات المتحدة لن تقبل طلب بيونغ يانغ توقيع معاهدة عدم اعتداء، خصوصاً ان بوش بعدما صنف الدولة الشيوعية في خانة «محور الشر» وعبر عن كراهيته للزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ ايل، لم يعد في موقع يخوله التوقيع على تسوية يمكن ان تفسر على انها دليل ضعف.

ولكن من دون قبول كوريا الشمالية بالتزام حازم لجهة الوقف التام لبرنامجها النووي وكذلك القبول بنظام تفتيش، يبدو جليا ان الولايات المتحدة سترفض اي عرض تسوية. واذا اتخذ كيم من جهته القرار الاستراتيجي بانه لا يمكن ضمان بقائه الا بوجود ترسانة نووية فان اي مباحثات ستذهب ادراج الرياح.

روبرت دوغاريك المتخصص في الشؤون الكورية في مؤسسة هدسون اليمينية يرى في هذا الصدد ان «لب المشكلة هو ان كوريا الشمالية لا تريد التخلي عن برنامجها التسلحي وقررت ان امتلاك اسلحة نووية امر حيوي بالنسبة لامنها القومي».

ونظرا الى النفور الكبير الذي يبديه بوش تجاه شبه جزيرة كورية نووية لم يبد دوغاريك تفاؤلا ازاء امكانية التوصل الى تسوية في الازمة التي بدأت في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، معتبرا أن «من الصعب رؤية ملامح ارضية تفاهم» في الافق.

لكن على افتراض رفضت كوريا الشمالية التراجع عن موقفها فلن يكون امام الولايات المتحدة خيارات كثيرة، خصوصا انها منهمكة بجهودها العسكرية في افغانستان وفي العراق. خلص وولفستال الى القول «إذا قررت بيونغ يانغ الاحتفاظ بتسلحها فلا جدوى من هذه المباحثات وسيتعين على الولايات المتحدة ان تقرر ان كان باستطاعتها العيش في عالم مع كوريا شمالية قادرة على اقتناء اسلحة نووية اضافية».

على صعيد آخر، أعلن وانغ يي نائب وزير الخارجية الصيني ان بلاده تعارض فرض عقوبات او الضغط او اللجوء للحرب لحل الازمة الكورية الشمالية النووية. وقال وانغ في مقابلة مع مجموعة منتقاة من وسائل الاعلام الصينية «نختلف مع هذه التصرفات مثل فرض عقوبات او الضغط ونعارض الحرب»... لأن «القضية النووية معقدة للغاية وخطيرة ويستحيل حل كل المشاكل خلال مرة او مرتين من المناقشات. وايضا قد تظهر قضايا اخرى اثناء المفاوضات».

واضاف وانغ وهو كبير مفاوضي الصين «تأمل الصين أن تبدي كل الاطراف جدية في حل المسألة وأن تتخذ موقفا هادئا يتسم بالصبر وأن تحترم بعضها بعضا وأن تجري مشاورات على قدم المساواة وأن تسعى لبلوغ موقف مشترك وأن تخفف من النزاعات من أجل ضمان استمرار التحاور والوصول للسلام». وأردف انه من الضروري ان تتعاون كل الاطراف التي ستحضر المباحثات السداسية التي تبدأ في بكين اليوم مشيرا الى ان اجتماعهم كلهم معا خطوة ايجابية.