أبو ماهر غنيم: من يريد تغييب عرفات والقدومي يسعى لتغييب المنظمة ويدخل في جوهر المخطط الإسرائيلي ـ الأميركي لضربها

مفوض التعبئة والتنظيم في «فتح» لـ«الشرق الأوسط»: تسمية وزارة للشؤون الخارجية للسلطة تحمل في طياتها شبهة

TT

أكد محمد غنيم (أبو ماهر) عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» أن من يسعى إلى تغييب الرئيس ياسر عرفات وكذلك فاروق قدومي وزير خارجية دولة فلسطين فهو يسعى إلى تغييب منظمة التحرير الفلسطينية. وقال أبو ماهر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الذي يسعى إلى تغييب المنظمة يدخل في جوهر المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي لضرب المنظمة، وإقامة سلطة على رمال متحركة.

وأضاف أبو ماهر أن السلطة الوطنية تمثل فقط الفلسطينيين في الضفة القديمة وقطاع غزة، وهي لا يمكن لها أن تحل محل منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وتتمسك بجميع حقوقه وفي مقدمتها عودة اللاجئين.

وأوضح أبو ماهر أن الاختلاف بين الرئيس عرفات وأبو مازن هو قضية تقع في إطار ما يخطط لمستقبل الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن تسمية وزارة للشؤون الخارجية للسلطة تحمل في طياته شبهة، بسبب عدم التفريق ما بين مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة.

* تصاعدت في الآونة الأخيرة الصراعات داخل القيادة الفلسطينية بين عرفات وأبو مازن من جهة وبين فاروق القدومي ونبيل شعث من جهة أخرى.. فهل سيؤدي ذلك إلى قطيعة؟

ـ حتى الآن لا أستطيع القول إن هناك خلافات ممكن أن تؤدي إلى قطيعة بين أعضاء القيادة الفلسطينية. ففي الواقع هناك أحيانا اجتهادات أو وجهات نظر يعبر عنها كل طرف بطريقته الخاصة، وسبب بروز ذلك هو تغييب اجتماعات الأطر أو تباعد فتراتها الزمنية، وتعذر عقد الاجتماعات بسبب الحصار الإسرائيلي وعزل المدن والقرى.

أما بخصوص الموقف الذي برز في الفترة الأخيرة ما بين وزير خارجية دولة فلسطين قدومي وبين وزير الشؤون الخارجية للسلطة الفلسطينية، فإن الالتباس في ذلك بدأ عندما كان عرفات يتولى مباشرة قيادة منظمة التحرير وقيادة السلطة حيث تضيع المساحات الفاصلة بين نهاية مهمات السلطة وبداية مهمات منظمة التحرير، ولم تكن هذه المشكلة بارزة بمثل هذه الحدة عندما كان شعث وزيرا للتخطيط لأن الاسم في حد ذاته كان يستبعد وجود اختلاط في المهمات، ولكن عندما أصبح هناك وزارة للشؤون الخارجية أصبح في الاسم شبهة واختلاطا في الأمور بسبب عدم التفريق ما بين مؤسسات المنظمة ومؤسسات السلطة ومهام كل واحدة منهما. وما أريد التأكيد عليه هنا هو أن منظمة التحرير هي المؤسسة الأم وهي التي تمثل الشعب الفلسطيني، داخل الوطن وفي الشتات، أما السلطة فتمثيلها لا يتجاوز الضفة الغربية وقطاع غزة ومرجعيتها هي المنظمة.

أما بخصوص قضية أبو عمار وأبو مازن فهي قضية مختلفة تماما، وهي تقع في إطار ما يخطط لمستقبل الشعب الفلسطيني وذلك في ضوء رؤية الإدارة الأميركية وهي أن الرئيس عرفات يجب ألا يكون ضمن عملية التسوية الجارية، وبالتالي يجب ألا يتم التعامل معه. وكذلك الحكومة الإسرائيلية التي تعتبر أن الرئيس عرفات ليس شريكا في التسوية. وعلى هذا الأساس بدأت الإدارة الأميركية وإسرائيل في وضع شروط ومطالب بضرورة إدخال إصلاحات جوهرية واندلاع الجدل على قتل عرفات أو إبعاده وما يؤدي إليه من فوضى قد تمتد إلى خارج حدود فلسطين.. وبقي عرفات في وضعه الراهن وفشلوا في تجريده من صلاحياته.

وفي المقابل استجاب عرفات لجميع دعوات الإصلاح ففصل ما بين السلطات، ووافق على إحداث منصب رئيس وزراء أسندت له صلاحيات معرفة في النظام الذي أعطى الثقة لهذه الحكومة. إلا أن الإصرار الأميركي استمر في المطالبة بأن يكون كل شيء بيد أبو مازن، وفي هذه الحالة على الإنسان أن يخرج من الجانب المرئي للصورة ويدخل في جوهر المسألة ويتساءل ما هو المطلوب للشعب الفلسطيني، فيجد أن المسألة ليست ما بين عرفات وأبو مازن أو بين أبو اللطف ونبيل شعث وإنما هي في الأساس تتعدى ذلك إلى تغييب منظمة التحرير من امتداد تمثيلها لجميع شرائح الشعب الفلسطيني وبشكل خاص قضية اللاجئين التي هي ليست من اختصاصات السلطة الوطنية.

ولذلك فإن الذين يسعون إلى تغييب عرفات وكذلك أبو اللطف، فإنهم يسعون إلى تغييب منظمة التحرير، وبالتالي السعي إلى الوجود في إطار جوهر المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي الذي يعد بأنه سيعطى سلطة وهذه السلطة قائمة على رمال متحركة ولا يمكن أن تكون بديلا للمنظمة التي يجب أن تبقى.

* هناك الآن أطراف فلسطينية دخلت في لعبة تصفية المنظمة ورموزها والدليل على ذلك الصراع الدائر حاليا فما قولك؟

ـ يجب أن يتم الفصل بين الاختلاف في الرؤية بين الأطراف الفلسطينية نتيجة وجود تداخل في المهمات وبين ما تريده الأطراف المعادية.. وعلينا أن ننتبه إلى ما تريده إسرائيل وتدعمه أميركا، ولا يجوز أن نكون نحن ضحاياه أو أن تكون جلاديه.

وأنا لا أشكك في نيات أبو مازن تجاه أي إنسان فلسطيني لا سيما أن الجميع قد ولدوا من رحم هذه الثورة وشربوا من مدرسة «فتح» ولا يمكن أن يتجه أي واحد منهم إلى الغدر والخيانة والتفريط، ولكن أحيانا قد يجتهد الإنسان.. وقد يخطئ.. وقد يساوي الخطأ حجما أكبر بكثير مما يسعى إلى تحقيقه.

* هل من صلاحيات رئيس وزراء السلطة أن يطلب استبدال شعث بقدومي في اجتماعات وزراء الخارجية؟

ـ الالتباس الناشئ في ما بين وزير خارجية دولة فلسطين ووزير خارجية السلطة هو حالة فريدة تعكس وجود خطأ في فهم الاختصاصات، فالسلطة الحالية هي ليست الدولة الفلسطينية، ولو كانت كذلك لوضعت الحرب أوزارها، وبما أن هذه السلطة هي لفترة انتقالية للوصول إلى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وهي بوضعها الراهن قائمة على رمال متحركة، فإن منظمة التحرير هي الأساس والكيان الذي يجمع الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات، وهي التي تمثل الحق الفلسطيني بكل أبعاده.

* كيف تبرر قبول إسرائيل بتمثيل خارجي للسلطة وهو ما يتعارض مع اتفاقية أوسلو.. ألا يضع ذلك علامات استفهام في علاقة السلطة بإسرائيل؟

ـ أولا إسرائيل ليست معترفة بأن للسلطة تمثيلاً خارجياً على غرار ما تتمتع به كل الدول، فهي لا تعترف بوجود وزارة خارجية أو وزارة دفاع، وهي تعترف فقط بقوات شرطة أو أمن تكون مهمتها الأساسية حفظ أمن إسرائيل ولو كان على حساب الشعب الفلسطيني.

والذي نشأ في موضوع التمثيل الخارجي للسلطة يعود إلى أن الدول المانحة التي تقدم المساعدات لفلسطين لها مندوبون لمتابعة القضايا المتعلقة بالتبرعات والمساعدات، وهؤلاء المندوبون لهم صفة تمثيلية من الناحية القانونية.

* هناك من يربط الصراع بين أبو اللطف وشعث على أرضية عدم دخول قدومي إلى أراضي السلطة، ما هو تعليقكم على ذلك؟

ـ لقد بقيت الدائرة السياسية في الخارج بقرار من القيادة لعدم وجود بند في اتفاقية أوسلو يسمح للسلطة بالتمثيل الخارجي، ولو كان هذا الكلام يمس بمكانة الأخ أبو اللطف لقيل له إما أن تدخل إلى الوطن أو أن يكون هناك أمر آخر، والقيادة الموجودة في الداخل وعلى رأسها عرفات تدرك إدراكا كاملا معنى أن تكون وزارة الخارجية في المرحلة الانتقالية في الخارج، وهي تقوم بهذا الدور بالتنسيق مع القيادة في داخل الوطن.

* هل تعتقد أن حركة «فتح» ستبقى متفرجة على ما يجري، أم أنها ستأخذ المسألة بحزم حتى لا تفتح الباب أمام فصائل أخرى للاستفادة مما يجري؟

ـ في المقام الأول حركة «فتح» ليست متفرجة بل هي في صلب الأحداث، وعلى جميع المستويات والمجالات، وهي تتحمل العبء الأكبر في مسار العمل الفلسطيني من خلال الأكثرية التي تملكها في المجلس التشريعي وفي المؤسسات الأخرى وهو ما يضعها في واجهة الأحداث. أما في ما يتعلق بالفصائل الأخرى على غرار «حماس» و«الجهاد» فإن أي تنظيم عندما يقوم يحمل بين تطلعاته أن يكون التنظيم الأساسي ويسعى إلى أن تسود أفكاره المجتمع، وهذا أمر طبيعي في إطار العمل السياسي، وفي إطار التعددية التي نؤمن بها في داخل الساحة الفلسطينية، ولكن من غير الطبيعي أن يتم اللجوء إلى ممارسات خاطئة.

والخلافات التي تنشأ في داخل الوطن بين الفصائل تعود إلى تعذر عقد اجتماعات ولقاءات مستمرة لكل القوى الفاعلة من أجل المشاركة في القرار الذي تقوم المنظمة والسلطة الوطنية بعد ذلك بتنفيذه، والدليل على ذلك ما تم التوصل إليه من هدنة جاءت على أرضية أن المصلحة الفلسطينية تقتضي ذلك، وكان التجاوب والالتزام مثيرا للإعجاب من أجل الوصول إلى حالة تمكن الجميع من الخروج من هذا الوضع القائم للوصول لحل سياسي سلميا.

ولكن هذه الهدنة كبلت الفلسطينيين على امتداد الأرض الفلسطينية، وأطلقت يد الإسرائيليين للقتل والاجتياح; لأنها كانت هدنة من طرف واحد، وهنا يكمن الخطأ الذي وقعت فيه السلطة بعقدها هدنة لم تقبل إسرائيل أن تكون طرفا فيها.

* أمام حكومة أبو مازن بضعة أسابيع للمثول أمام المجلس التشريعي لتجديد الثقة فيها أو حجبها.. ماذا تتوقعون؟

ـ المجلس التشريعي هو سيد نفسه ولا يمكن أن تقرر قبل أن يتم الاستماع إلى تقرير الحكومة حتى يكون القرار موضوعيا.. ولكن ليس أمامنا إلا أن نعطي الفرصة تلو الأخرى من أجل أن نثبت للعالم كله مصداقية الشعب الفلسطيني وقيادته، وعلى رأسها عرفات في ما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق سياسي سلمي.................................