استقالة كبير مساعدي بلير المتهم بالإشراف على «تضخيم» معلومات حول العراق

TT

أُعلن أمس عن استقالة آلاستر كامبل، وهو أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والمسؤول الرئيسي عن إعداد ملفين اصدرتهما لندن حول اسلحة الدمار الشامل العراقية قبيل الحرب. وقد أدلى قبل أيام بإفادته أمام هيئة التحقيق بملابسات وفاة خبير الاسلحة ديفيد كيلي، نفى خلالها ان يكون قد أشرف على عملية الكشف عن اسم الراحل كمصدر لتقرير إذاعي مثير للجدل. وقد اتهم كامبل بانه كان وراء «تضخيم» معلومات استخباراتية بهدف تبرير الحرب على العراق. وقال كامبل، الذي كان بين المتهمين البارزين في التسبب بوفاة كيلي، في رسالة الاستقالة التي نشرها امس مكتب بلير إنه قرر التنحي للتفرغ لعائلته. واضاف في الرسالة التي نشرها امس مكتب رئيس الوزراء، انه اتفق مع بلير منذ 7 ابريل (نيسان) الماضي على التنحي من منصبه. يشار الى ان كامبل الذي صار المساعد القوي لبلير عام 1994، بقي ناطقاً رسمياً باسم رئيس الوزراء منذ 1997 وحتى 2001 حين تسلم إدارة الاتصالات والاستراتيجية في مكتب بلير. وعُرف خلال سنوات عمله الى جانب بلير بـ«النائب الفعلي لرئيس الوزراء».

ولئن جاءت استقالة كامبل مفاجئة في توقيتها، فهي لن تدهش المراقبين. فقد ترددت أنباء في الاسابيع الاخيرة بقوة أن مساعد بلير القوي كان يعتزم التنحي عن منصبه هذا الصيف لولا اندلاع «الحرب» الراهنة بين الحكومة وهيئة الاذاعة البريطانية (بي .بي سي). ونُسب اليه الاعراب عن رغبته في ترك مكتب رئيس الوزراء حيث عمل مع شريكته وأم أولاده الثلاثة لسنوات، وذلك بناء على طلب الاخيرة. ففي وقت سابق كانت فيونا قد اعلنت عن استقالتها من منصبها كمشرفة أولى على «تلميع» صورة شيري عقيلة رئيس الوزراء. غير ان تقارير ذكرت أن كامبل قرر ارجاء استقالته الى حين «الانتصار» على الـ«بي بي سي» وتبرئة ساحته من مزاعم استهدفته. لكن مساعد بلير القوي أعاد النظر كما يبدو بهذا القرار، فمن المستبعد ان يصدر القاضي هاتون تقريره قبل شهر ونصف الشهر وليس من ضمانة بانه لن يوجه اللوم الى كامبل. وفيما يصعب التكهن بالاسباب الحقيقية التي دفعته الى الرحيل قبل انتهاء التحقيق، فهو ذكر في رسالة الاستقالة أنه قد دفع ثمناً باهظاً للضغط «الحقيقي والكثيف» الذي عانى منه في السنوات التسع الماضية، موضحاً ان الوقت قد حان «للانتقال والقيام باشياء اخرى». وتابع قائلاً انه تحدث الى بلير عن رغبته في التنحي منذ الصيف الماضي، غير أنه «طلب مني البقاء للاشراف على الاتصالات الحكومية بشأن العراق، وكنت سعيداً لتلبية طلبه». من جهته، أثنى بلير في رسالته الجوابية بشدة على كامبل مؤكداً انه «كان وسيبقى صديقاً جيداً» له. واشاد بمواهبه، معتبراً ان ما يروج عنه في وسائل الاعلام من صور سلبية ليست الا رسوماً مشوهة للشخص الحقيقي.

وكانت الـ«بي بي سي» بثت اواخر مايو (أيار) الماضي تقريراً اتهم كامبل بصورة مبطنة بـ«تضخيم» المعلومات حول العراق. ونسب معد التقرير آندرو غيليغان، الى مصدر مطلع قوله ان مكتب بلير أصر على «حشر» معلومة في ملف أصدرته الحكومة في سبتمبر (ايلول) الماضي تقول ان بوسع بغداد تجهيز بعض اسلحتها للاطلاق في غضون 45 دقيقة. وبعد ايام، عمد الى توجيه اصبع الاتهام صراحة الى كامبل في مقال نشرته صحيفة «ذا ميل اون صنداي»، بانه اتخذ قرار اضافة المعلومة غير عابئ بمعارضة الاجهزة الاستخباراتية لذلك. وتأزم الخلاف بين الجانبين حين كُشف عن أن الدكتور ديفيد كيلي كان مصدر تقرير غيليغان، واعترفت الـ«بي بي سي» بعد وفاة الاخير بانه هو فعلاً من سرب المعلومات المثيرة للجدل. وتردد أن كامبل كان المهندس الرئيسي لعملية الكشف عن هوية كيلي لوسائل الاعلام البريطانية الامر الذي زج الخبير في دائرة الضوء وساهم في دفعه الى الانتحار.