3 أطراف تستفيد من مقتل آية الله الحكيم

أمير طاهري

TT

من الذي قتل آية الله محمد باقر الحكيم؟

للإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نطرح السؤال المتعارف عليه عند التحقيق في جرائم القتل، ألا وهو: من المستفيد من الجريمة؟

في حالة الحكيم تتبادر إلى الذهن ثلاث جهات محتملة قد تستفيد من الجريمة:

الأولى، وربما الأرجح، هي فلول نظام صدام حسين. فمنذ قربة عقدين، ظل النظام البعثي يعتبر الزعيم الشيعي الراحل عدوه الرئيسي. وقد قتل البعثيون عددا كبيرا من أفراد عائلة الحكيم، وظلوا لسنوات يسعون لرشوة المزيد منهم، ولكن دون جدوى.

بقتلها للحكيم قد تكون فلول البعث أرادت توسيع حدة العنف الجاري في العراق ليشمل معقل مراكز الشيعة التي أمكن لها إلى حد الآن التمتع بحد من الهدوء. وهذا أسلوب لإثارة الفوضى تم اتباعه لزيادة أعباء الاحتلال، في الوقت الذي يتم فيه إقناع العالم الخارجي بأن العراق يمضي في اتجاه عدم السيطرة.

ثاني المستفيدين المحتملين من هذه الجريمة هم مجموعة الشخصيات الغامضة التي احتشدت حول مقتدى الصدر، وهو رجل الدين الشيعي الشاب الذي يسعى جاهدا للعب دور ما في عراق ما بعد الحرب.

فهدف الصدر الحالي هو إزالة جميع الآخرين الذين قد يوفرون للشيعة قيادة ذات مصداقية، بحيث يتسنى له تقديم نفسه للأميركيين على انه المتحدث الفريد.

هذا الشاب نفى أن تكون له أية علاقة بالجريمة. لكن الشكوك المتعلقة بتورط جماعته قد لا يتسنى تجاهلها بسهولة. فمقتل عبد المجيد الخوئي، الذي وقع في النجف أيضا، خلال الربيع الماضي، واغتيال العديد من رجال الدين الشيعة خلال الأشهر الأربعة الماضية، اديا إلى وضع تصور يشير إلى جماعة الصدر.

أما المستفيد الثالث المحتمل من الجريمة، فهم جماعة المحافظين المتشددين في طهران، ممن يصرون على وجوب أن يتحول العراق إلى ساحة مواجهة بين اسلوبهم في «الثورة الإسلامية» والولايات المتحدة.

فبعد تحذيرهم العلني للحكيم بأن لا ينضم الى مجلس الحكم في بغداد والذي تأسس مؤخرا، يمكن لمتشددي طهران طرح مقتله على انه تحذير لآخرين قد يرغبون في التعاون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وبالإضافة إلى السيطرة الفورية على أهم مدن الشيعة، فإن الصراع الحالي على السلطة في النجف قد يكون له أثر طويل المدى على كيفية صياغة مستقبل العراق. وإذا ظلوا منقسمين فإن شيعة العراق ستكون فرصتهم محدودة في الاستفادة من موقعهم السكاني من أجل تبوؤ مكانة رائدة في الحكومة العراقية الجديدة.

كما ان استمرار خلافاتهم الداخلية قد يجعل من تأسيس نظام تعددي ديمقراطي مسألة مستحيلة، الأمر الذي قد يدفع بالعراق للعودة إلى تراث الأنظمة المستبدة الذي بدأ عام 1958.

مقتل الحكيم المأساوي يضاعف من الضغوط التي تتعرض لها مرجعية الشيعة في العراق، وخاصة آية الله العظمى علي محمد السيستاني، والذي يواجه معضلة كبرى. فموقفه الديني، وهو شكل من التصوف، يستند الى الاعتقاد أن على رجال الدين أن لا يتدخلوا في شؤون الحكومة، وانه يجب المحافظة على مسافات تفصل بين الدين والسياسة.

لكن شيعة العراق يحتاجون في الوقت الراهن لشيء من القيادة التي يمكن أن تبرز فقط من داخل زعاماتهم الدينية، فهم لم يحظوا بالوقت المطلوب أو بالفرصة التي تمكنهم من تشكيل وتطوير أحزاب سياسية. والقلة من الجماعات السياسية المنظمة التي توفرت لهم تبدو واقعة تحت تأثير خصومات داخلية.

إبعاد الحكيم من الساحة قد يؤدي على الأرجح إلى زعزعة الوضع العراقي على المدى القصير. لكن على المدى المتوسط أو الطويل من غير المحتمل أن يكون له تأثير كبير. فالمنظمة السياسية التي كان الحكيم يتزعمها، وهي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، يمكنها اختيار زعيم جديد على الفور، قد يكون عضوا آخر من العائلة، كما يمكنها القيام بدورها خلال الفترة الانتقالية الحالية.