الأمير سعود الفيصل: لا يجوز للدول العربية أن تبقى الجزء من العالم الذي يتفرج على الوضع في العراق من دون القيام بعمل

بن عيسى: الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية يجب أن تكون درسا وعبرة للجميع

TT

أكد الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودي لـ«الشرق الأوسط» في الرباط ان مباحثاته مع نظيره المغربي محمد بن عيسى، خلال انعقاد اللجنة المشتركة السعودية ـ المغربية تركزت حول التشاور والتنسيق بصدد ثلاث قضايا عربية أساسية تشكل أولوية في أجندة الاجتماعات المقبلة لمجلس الجامعة العربية بالقاهرة، مبرزا وجود تطابق في أهداف ووجهات نظر البلدين إزاء القضايا العربية الأساسية.

وأوضح الأمير سعود الفيصل أن مشاوراته مع بن عيسى شملت موضوع اصلاح الوضع العربي وما ينبغي عمله من أجل بناء خطوات عاجلة قائمة على المصداقية والجدية ومتابعتها بتفكير مؤسسي ملائم، مبرزا وجود تطابق في أهداف البلدين بهذا الصدد، كما هو الشأن بالنسبة للملف العراقي، الذي قال الأمير سعود الفيصل بشأنه «ان المباحثات تطرقت اليه».

وقال الأمير سعود الفيصل ان الدول العربية لا يجوز لها أن تبقى الجزء من العالم الذي يتفرج على أحداث العراق من دون القيام بعمل. ودعا إلى توحيد الموقف العربي إزاء ما يجب عمله لإبقاء الصلات العربية ـ العراقية على ما هو مطلوب منها، معربا عن أمله في أن يتم التطرق لهذا الموضوع في مجلس الجامعة العربية المقبل بالقاهرة، بكل مصداقية وجدية.

وأضاف الأمير سعود الفيصل ان مشاوراته مع بن عيسى تطرقت أيضا للقضية الفلسطينية والمشاكل التي تواجهها، مشيرا إلى ان عدد القضايا العربية التي طرحت خلال مباحثاته مع وزير الخارجية المغربي كانت متعددة ومتنوعة.

ومن جهته وصف بن عيسى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» علاقات البلدين بالممتازة، مشيداً بجودة الروابط الأخوية والمحبة التي تربط عاهلي البلدين، معتبرا هذه العوامل أساسية من أجل اعطاء العلاقات الاقتصادية والتجارية مدى واسعا.

وفي رده على سؤال حول التنسيق بشأن مواجهة الأعمال الإرهابية التي استهدفت البلدين، قال بن عيسى ان التشاور والتنسيق مع السعودية شملا القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، وأن البلدين يعانيان مما يعاني منه العالم من مخاطر الإرهاب.

وحول مشاوراته مع الأمير سعود الفيصل بشأن القضايا العربية ، أبرز بن عيسى وجود تفاهم كامل مع السعودية، موضحا ان محادثاته الرسمية مع الأمير سعود الفيصل وقع التطرق خلالها لمختلف النقاط التي ستدرج في جدول أعمال دورة مجلس الجامعة العربية، وفي مقدمتها اصلاح نظام الجامعة التي قال ان السعودية قدمت بشأنها مبادرة اضافة لمبادرات عربية أخرى وضمنها الدعوة لمراجعة ميثاق الجامعة العربية وتفعيل هياكلها وتحديثها.

وبشأن الملف العراقي، قال بن عيسى إن هذا الموضوع حظي باهتمام في مباحثاته مع الأمير سعود، مشيرا إلى ان قيام مجلس انتقالي للحكم في العراق يسعى ليحتل مكانا في الجامعة العربية سيكون موضوع مشاورات ليلة انعقاد مجلس الوزراء العربي.

وقال بن عيسى ان المغرب يعتبر قيام المجلس العراقي للحكم الانتقالي خطوة أولى على طريق التوصل الى اقامة حكومة تمثيلية تمثل جميع الشعب العراقي وأن يكون ذلك في نطاق الوحدة الترابية للعراق واستقلاله ووحدة الشعب العراقي.

وحول الملف الفلسطيني، قال بن عيسى ان مباحثاته مع الأمير سعود تطرقت للمشاكل التي تواجه «خريطة الطريق»، مبرزا ان البلدين يعملان جاهدين من أجل مساعدة الفلسطينيين للتغلب على هذه المرحلة، وكذلك لإقناع الإسرائيليين بوقف العمليات العسكرية ضد الفسلطينيين، والعودة الى مائدة المفاوضات.

وفي كلمته الافتتاحية لأعمال اللجنة السعودية ـ المغربية، أشاد الأمير سعود الفيصل بمستوى ونهج التعاون والتنسيق بين المغرب والسعودية، مبرزا ان ذلك يتحقق بفضل الرعاية الحثيثة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير عبد الله بن عبد العزيز وأخيهما العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وقال الأمير سعود ان التطلعات والآمال المعقودة على التعاون السعودي ـ المغربي كبيرة ومتعددة، معتبرا أن بلوغها وتحقيقها غير بعيد المنال إذا تمكن الجانبان من تغليب المصالح العليا المشتركة على اي اعتبارات أخرى، واذا أبديا التجاوب المطلوب نحو المستجدات والتطورات المتسارعة وما تتطلبه من المرونة والقدرة على التكيف.

وقال الأمير سعود «اذا كان الانفتاح الاقتصادي يمثل ظاهرة بارزة في عالمنا الراهن، فإن ذلك يعني أننا مدعوون لتسريع خطى التكامل الاقتصادي في ما بيننا، لنتمكن من آخذ موقعنا اللائق على خريطة الاقتصاد العالمي وأن يكون تعاوننا مبنيا على المصداقية والصراحة والشفافية.

وشدد الأمير سعود الفيصل على أهمية دور القطاع الخاص في دعم وتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، وأشاد بدور رجال الأعمال في تفعيل أعمال اللجنة المشتركة وايجاد الحلول المناسبة للعوائق التي يمكن ان تعترض مسيرة التعاون الثنائي.

وقال الأمير سعود الفيصل ان السعودية والمغرب أوليا أهمية كبيرة لموضوع النهوض بمنظومة العمل العربي المشترك وتطوير آلياته وتحسين مؤسساته باعتباره أمرا يشكل ضرورة لا مناص منها لإصلاح الأوضاع العربية المتعثرة.

وأضاف «ان مواجهة التحديات الراهنة وفقا للأهداف والمبادئ التي نص عليها ميثاق جامعة الدول العربية، واقتراحات عدد من الدول العربية بهذا الصدد تدل على ان هذا الأمر أصبح يشكل هما عربيا نأمل أن يؤدي عاجلا الى تصور عربي مشترك يرتكز على مبدأ المصداقية في القرار والجدية في التنفيذ»، موضحا قوله «ان توخي هذا النهج سيكسبنا تقدير واحترام شعوبنا قبل السعي لكسب احترام الآخرين».

وقال الأمير سعود الفيصل ان القضية الفلسطينية ما زالت تحتل قائمة الأولويات، وأن المبادرة الرئيسية التي أجمع عليها العرب في مؤتمر القمة العربية ببيروت، كان محورها قضية فلسطين التي تشكل أكثر التحديات خطورة بسبب ما يعترضها من تعقيدات وعقبات تسببت في تعثر كل الجهود المخلصة والمساعي المتصلة للوصول الى حل عادل ودائم لهذه القضية.

ولاحظ الأمير سعود الفيصل أنه «في كل مرة تتحرك فيها الجهود الدولية لوضع حد للنزاع العربي ـ الإسرائيلي ويبدأ العالم بتلمس إمكانية التوصل الى حل لهذه القضية، نواجه نكسة جديدة تعيد الأمور الى الوراء وتتبدد معها كل الآمال والتطلعات».

وأعرب وزير الخارجية السعودي عن اعتقاده انه لن يتم احراز أي تقدم حقيقي نحو حل القضية الفلسطينية وسائر جوانب النزاع العربي ـ الإسرائيلي ما لم تثبت حكومة اسرائيل جديتها ومصداقيتها وتفي بالتزاماتها نحو استحقاقات السلام وشروطه.

وقال الأمير سعود ان الجانب العربي مدعو لمساعدة الجانب الفلسطيني بكل طاقاته وقدراته، داعيا الفسلطينيين الى توحيد صفوفهم وعدم فتح أي ثغرة يمكن أن تستغلها اسرائيل للمساس بالوحدة الفلسطينية.

وحول تطورات الأوضاع في العراق، قال وزير الخارجية السعودي ان موقف بلاده يستند الى التأكيد على أهمية الحفاظ على استقلال العراق ووحدته الوطنية وسيادته على أراضيه وموارده.

وأكد الأمير سعود الفيصل أنه بغض النظر عن تطورات ومستجدات الوضع على الساحة العراقية، فإن حكومة المملكة العربية السعودية عازمة على الاستمرار في دعمها ومساندتها للشعب العراقي الشقيق وبذل كل ما من شأنه أن يحقق لهذا البلد استقراره ونماءه وازدهاره في ظل حكومة عراقية شرعية نابعة من ارادته الحرة المستقلة.

وجدد الأمير سعود الفيصل موقف بلاده من انشاء مجلس انتقالي للحكم في العراق، واستعدادها للتعاون معه، مرده الى الآمل بأن يكون هذا المجلس خطوة نحو تشكيل الحكومة العراقية الشرعية والتمهيد لاستعادة العراق حريته وسيادته لكي يستأنف دوره الأصيل في الساحة العربية.

ومن جهته أشار بن عيسى الى الظروف الدولية العربية الدقيقة التي تلتئم في ظلها آعمال اللجنة المشتركة السعودية ـ المغربية ، موضحا ان «التطورات التي تشهدها المنطقة العربية تجعلنا أكثر اصرارا على التمسك بالشرعية الدولية ونهج الاختيار السلمي لتسوية الأزمات».

وحول تطورات الملف العراقي، جدد وزير خارجية المغرب أمله في أن يتمكن الشعب العراقي من تحقيق تطلعاته في استعادة الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها. واضاف ان المغرب يأمل في أن يكون تأسيس مجلس للحكم الانتقالي في العراق أولى الخطوات في هذا الاتجاه.

وقال بنعيسى «اننا على يقين من ان القيادة السعودية بما تتمتع به من حكمة وتبصر سيكون لها من دون شك اسهام ايجابي وفعال في ان تستعيد المنطقة حيويتها واستقرارها.

واعتبر وزير خارجية المغرب ان ما يشهده العالم من تطورات وأحداث منذ 11 سبتمبر(أيلول) 2001 يجعله يدين مجددا كل أعمال العنف والتطرف والارهاب بجميع صوره وأشكاله ، مؤكدا ضرورة تضافر الجهود الدولية لمواجهة هذه الآفات الخطيرة والقضاء على مسبباتها.

وأشاد بن عيسى بـ«المشاركة القيمة» للمملكة العربية السعودية في جهود التنمية بالمغرب، عبر المساهمة المنتظمة للمؤسسات المالية السعودية في جل المشاريع ذات الصلة بالمجالات الاجتماعية والبنيات الأساسية، داعيا خبراء البلدين إلى الانكباب على دراسة الطرق المناسبة لبلورة توجيهات قائدي البلدين الرامية إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما يجعلها تشكل قاطرة بالنسبة لمشروع إقامة السوق العربية المشتركة الكبرى.

وفي ختام اجتماع اللجنة المشتركة سجل بن عيسى «بكامل الارتياح أن هذه الدورة حققت أهدافها واستطاعت أن تحدث نقلة نوعية في أعمال اللجنة المغربية ـ السعودية المشتركة».

وقال بن عيسى «إن النجاح الذي تحقق في هذه الدورة لم يكن بمحض الصدفة، بل بفضل الجهود والموافقة والرعاية الخاصة التي تحظى بها علاقات الأخوة والتضامن بين المملكتين الشقيقتين، وذلك بفضل توجيهات عاهلينا جلالة الملك محمد السادس وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود».

ونوه بن عيسى بمساهمات ومبادرات الأمير سعود الفيصل القيمة وجهوده الموصولة من أجل إعطاء العلاقات المغربية ـ السعودية كل ما تستحقه من رعاية وعناية متميزة.

وأشاد بن عيسى بالروح العالية، والاستعداد الواضح الذي أظهره القطاع الخاص من البلدين الشقيقين بعد تحديد معالم مستقبل العلاقات السعودية ـ المغربية في المجالين الاقتصادي والتجاري، للنهوض بهذه العلاقة وتنميتها.