بريطانيا مستعدة لفرض الحظر على نشاطات «حماس» المالية حتى بمعزل عن الاتحاد الأوروبي

متحدث باسم الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: نعتبر «حماس» عقبة رئيسية في طريق السلام

TT

تسعى الحكومة البريطانية الى منع نشاط «حماس» خاصة جمع التبرعات في المملكة المتحدة وستعمل على حظر الجمعيات التي يثبت انها تشكل غطاء لجمع هذه التبرعات وتجميد ارصدتها. ولا تخفي بريطانيا استعدادها لان تتخذ قرارا منفردا في هذا الاتجاه حتى لو فشل شركاؤها في الاتحاد الاوروبي في اتخاذ اجراءات ضد هذا الفصيل الفلسطيني المسؤول عن العمليات التفجيرية ضد الاسرائيليين، في اجتماع وزراء خارجيته المقبل في ايطاليا يوم الجمعة المقبل.

ويأتي الموقف البريطاني هذا استجابة للدعوة التي اطلقها الرئيس الاميركي جورج بوش في الاسبوع الماضي، لتجميد ارصدة 6 من قادة «حماس» وهم الشيخ احمد ياسين مؤسس الحركة وعبد العزيز الرنتيسي الناطق باسمها في غزة وخالد مشعل رئيس مكتبها السياسي ونائبه موسى ابو مرزوق وعضو المكتب عماد العلمي وممثلها في بيروت اسامة حمدان وكذلك 5 جمعيات خيرية يزعم بانها تجمع التبرعات لـ«حماس» وتشكل واجهة لعملها في الدول الاوروبية. وهي لجنة الاحسان والاغاثة الفرنسية وجمعية الاغاثة الفلسطينية السويسرية وصندوق الاغاثة والتنمية الفلسطينية البريطانية «انتربال» وجمعية سنابل للاغاثة والتنمية اللبنانية والجمعية الفلسطينية النمساوية. ونفت حركة «حماس» نفيا قاطعا ان تكون لها اي علاقة بهذه الجمعيات التي نفت بدورها اي علاقة لها بـ«حماس». كما نفى مسؤولو «حماس» الذين وردت اسماؤهم، هذه المزاعم، وتحدوا الولايات المتحدة ان تثبت وجود أي ارصدة لهم سواء في اميركا او في البنوك الاوروبية او اي بنوك في البلدان العربية.

وقال ناطق بلسان وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» ان «وزير الخارجية سيطلب من الاتحاد الاوروبي الحيلولة دون جمع التبرعات لـ«حماس». وان بريطانيا تدرس ما يمكن ان تفعله من اجل تحقيق ذلك على الصعيد الوطني والصعيد الاوروبي».

وردا على سؤال ان كانت بريطانيا ستتصرف بمفردها اذا ما فشلت في اقناع شركائها الاوروبيين في ذلك، قال الناطق «نعم انها ستفعل ذلك من اجل الحد من جمع التبرعات لـ«حماس»». واضاف «نحن نعتبر حركة «حماس» احدى العقبات الرئيسية في طريق تنفيذ خريطة الطريق وعملية السلام. ومن وجهة نظرنا فنحن لسنا على استعداد لأن نسمح لرجال العنف بحرف عجلة السلام عن طريقها. وكما تعلم ان الاتحاد الاوروبي ادرج اسم الجناح العسكري لـ«حماس» على قائمة الارهاب».

وتابع الناطق الذي طلب عدم ذكر اسمه القول «بالنسبة للجمعيات الخيرية الداعمة لـ«حماس» والدعوة الاميركية لتجميد ارصدتها ونحن في بريطانيا نتحدث عن «انتربال»، فان هيئة الجمعيات الخيرية في المملكة المتحدة تحقق في هذه الاتهامات. ونحن ننتظر نتائج تحقيقات الهيئة وقرارها لكي نتصرف على اساسها».

ونقل عن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو القول انه مصمم على منع عمليات جمع التبرعات للجناح السياسي للحركة التي ما تزال قائمة في اوروبا. ويتوقع ان يواجه سترو معارضة خاصة من جانب فرنسا عند اثارة الموضوع، في الاجتماع الوزاري للاتحاد المقرر عقده في ايطاليا يوم الجمعة المقبل يذكر ان الاتحاد الاوروبي رفض في يونيو (حزيران) الماضي محاولة لوضع هذه الحركة بجناحيها في القائمة السوداء وتجميد ارصدتها. فبينما دعمت بريطانيا الموقفين الاميركي والاسرائيلي في فرض حظر شامل على الحركة، قادت فرنسا غالبية الاعضاء في نقاشها حول الدور الذي يمكن ان تلعبه «حماس» في جهود السلام وكانت «حماس» قد استبقت الاجتماع الاوروبي المذكور باعلان الهدنة في عملياتها ضد اسرائيل، والتزمت بها لحوالي 50 يوما بينما واصلت اسرائيل اختراقاتها التي تمثلت باعتداءاتها من مداهمات واعتقالات وتدمير وحصار وجرف للاراضي وهدم للمنازل وسياسة الاغتيالات التي اسفرت عن مقتل عدد من كوادر الحركة العسكريين الامر الذي اضطر «حماس» للرد وبقوة في عملية الحافلة المزدوجة في القدس الغربية في 18 اغسطس (اب) الجاري التي اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 21 اسرائيليا وجرح اكثر من مائة آخرين.

واعلنت «حماس» التزامها بالهدنة مؤكدة على حقها في الرد على اي اختراق اسرائيلي كما قال الرنتيسي لـ«الشرق الأوسط»، لكن اغتيال احد اهم رموزها وقادتها واكثرهم اعتدالا اسماعيل ابو شنب في 19 اغسطس (اب) الجاري، اتى على كل امل في الحفاظ على الهدنة. واعلنت «حماس» وتبعتها «الجهاد الاسلامي» و«كتائب شهداء الاقصى»، نهاية الهدنة وهددت جميعا اسرائيل بعمليات عسكرية مزلزلة.

الى ذلك تتراجع السلطة الفلسطينية تدريجيا عن قرار اتخذته الاسبوع الماضي، ويقضي بتجميد 30 رصيدا تابعا لعدد من الجمعيات الخيرية في الاراضي الفلسطينية لا سيما في قطاع غزة بحجة انها جمعيات تابعة لحركة «حماس». ومن هذه المجمع الاسلامي (حاضنة «حماس») والجمعية الاسلامية وجمعية الشابات المسلمات وجمعية الصلاح وجمعية اصدقاء الطالب الفلسطيني وجمعية الزكاة الخيرية وجمعية الاقصى الخيرية وجمعية النور الخيرية ولجنة الرعاية الاجتماعية. وطلب النائب الفلسطيني العام من البنوك المودعة فيها هذه الارصدة عدم السماح بسحب اي مبالغ منها بدون تصريح منه.

وكان هذا القرار قد اثار الغضب والسخط في الشارع الفلسطيني وخرج الآلاف من الايتام والمعوقين والمستفيدين من هذه الجمعيات في مظاهرات احتجاجية على هذا القرار مطالبين السلطة بالغائه فورا.

وتحت هذه الضغوط الشعبية وخوفا من ردود فعل اشد تراجعت الحكومة الفلسطينية جزئيا عن قرارها وتمثل هذا التراجع في اعلان لوزارة الداخلية نشرته في الصحف المحلية امس انها تريد ضمان استمرار صرف اموال المؤسسات الاسلامية التي جمدت ارصدتها للمستفيدين منها. ودعت الوزارة في اعلانها المؤسسات الاسلامية في قطاع غزة التي تم تجميد ارصدتها، الى مراجعة وزارة الشؤون الاجتماعية اعتبارا من امس «لضمان استمرار عملية الصرف على المستفيدين منها». واضافت ان وزارة الشؤون الاجتماعية «ستتولى بالتعاون مع الوزارات المعنية ضمان استمرار عملية الصرف على المستفيدين من هذه الجمعيات بحيث لا يلحق بهم أي اجحاف».