«الرمد الحبيبي» يثير هلع الجزائريين ومخاوفهم من كل من يرتدي نظارة سوداء

وزارة الصحة تنصح الناس بالتقليل من تحركاتهم وتجنب المساجد والأعراس والمقاهي

TT

بعد اهوال الهزات الأرضية المتتالية التي نغّصت على سكان العاصمة الجزائرية صيفهم هذا العام، حل على أهالي نفس المنطقة «ضيف ثقيل» آخر صار يهدد مناطق كثيرة في الجزائر وايضا الموسم المدرسي المقرر خلال الايام المقبلة، تفشت بين سكان الجزائر العاصمة ظاهرة ارتداء النظارات الشمسية، الا ان حامليها لا يرتدونها فقط في الشارع او في النهار، بل حتى داخل المنازل والمكاتب.. واثناء الليل. السبب لا يعود الى تقليعة صيف جديدة حلت في اوساط الجزائريين، بل لأنهم صاروا مضطرين الى حمل النظارات حتى لا ينفر الناس من حولهم لشدة التشوه الذي اصاب عيونهم.

قبل اسابيع كان سكان العاصمة وضواحيها مطمئنين الى البلاغات والتصريحات الصادرة عن وزارة الصحة من أن حالات التهاب أعين بعض المواطنين لا تدعو الى القلق ولا تستدعي أية اجراءات وقائية كبيرة، لكن هذا «الاستخفاف» كلف معاناة ما يقارب ربع سكان العاصمة والمدن المجاورة لها من داء «الرمد الحبيبي» الذي انتشر بشكل مخيف في اوساط السكان ولم يعد يفرق بين المرأة والرجل ولا بين الكهل او الرضيع.

وقد اضطرت السلطات العمومية، بعد انتشار الوباء، الى توفير المراهم والادوية المضادة للمرض مجانا للمصابين من سكان العاصمة. ولا تكاد تخلو مصالح طب العيون في كل مستشفيات وعيادات المناطق الموبوءة من طوابير من الرجال والنساء المصابين بالرمد بحثا عن الدواء والعلاج. وفي الصيدليات الخاصة صارت هذه الادوية غير متوفرة من كثرة الطلب عليها.

ورغم العلاج والدواء المجاني، فان الرمد لم يتوقف عن الانتشار، مما جعل وزارة الصحة تفكر في «وصفة» اخرى تحد بها انتقال العدوى، فأعدت خطابات تبثها عبر الاذاعات المحلية تطمئن فيها الناس الى ان الرمد ليس أمرا خطيرا وتنبه المواطنين الى ضرورة الالتزام ببعض التدابير الوقائية. واكثرمن ذلك طلبت الوزارة من المواطنين التقليل من تحركاتهم، إذ بالاضافة إلى تسريح الادارات لكل موظف يصاب حتى يشفى، صارت وزارة الصحة تدعو الى تجنب ارتياد المساجد والتجمعات ومقاطعة الدعوات الموجهة لحضور اعراس الزفاف التي تكثر في فصل الصيف وايضا الى عدم التردد على المقاهي.

وتقول المصادر الرسمية ان «الرمد الحبيبي» يصيب 300 شخص يومياً، مضيفة انه داء ينتشر عبر الهواء في كل مكان. ولم يعد هذا الداء مقتصرا على العاصمة الجزائرية وضواحيها، بل تعداها الى مدن داخلية وساحلية اخرى في اقصى الشرق وفي الجنوب. ولعل اهم سبب لذلك هو حركة المسافرين بين المدن.

وقال الأطباء ان سبب انتقال هذا الداء يتمثل في انعدام او قلة النظافة وعدم احترام القواعد الصحية الاساسية. وقد زاد من خطورة الامر ارتفاع درجة الحرارة التي تسهل انتقال الامراض بشكل لافت. ولم تقتصر حالة الوسواس من الاصابة بـ«الرمد الحبيبي» على أرباب العائلات، بل صار الأصحاء الذين يريدون ان يعفوا عيونهم من الاحمرار والترهل يخافون من كل شخص يحمل نظارة سوداء، اذ صار المتجول في الجزائر العاصمة الجزائرية والحامل للنظارات الشمسية يواجه بسؤال: «هل أنت مصاب؟». فاذا كان الرد بالايجاب اعتذر السائل عن عدم مصافحة المريض قبل ان يجد نفسه مجبرا على الانصراف في اسرع وقت. وحتى أصحاب بعض سيارات النقل الجماعي صاروا يتفادون نقل المصابين خوفا من اصابتهم أولا وكذلك بسبب طلب زبائنهم الاصحاء منهم عدم التوقف لأي حامل لمرض الرمد.