بوتين: موسكو لا تعارض قوة دولية في العراق بقيادة أميركية شريطة صدور تفويض من مجلس الأمن

TT

لا مادالينا ـ ايطاليا ـ واشنطن ـ الوكالات: اكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس ان موسكو لن تعارض تشكيل قوة دولية تعمل في العراق بقيادة اميركية اذا حصلت هذه القوة على تفويض من مجلس الامن الدولي.

وصرح في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني في سردينيا «لا نرى اي خطأ في وجود قوة دولية في العراق بقيادة اميركية. ولكن ينبغي صدور قرار من الامم المتحدة».

وقال ان موسكو مستعدة لتأييد صدور قرار جديد عن مجلس الامن حول العراق اذا تم منح الامم المتحدة دورا حقيقيا في ادارة البلاد التي مزقتها الحرب. واوضح «نعتقد ان اصدار قرار جديد امر ممكن بل ومستحب. ولكن بشرط ان تلعب الامم المتحدة بفاعلية دورا جديا وحقيقيا في اعادة اعمار العراق وفي تنظيم الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد وبشرط ان تقود العملية الديمقراطية في المجتمع العراقي وتشكيل مؤسسات الدولة».

ويأتي ذلك بينما تظهر ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تفاؤلا بانها تستطيع اجتذاب قوات حفظ سلام للعمل في العراق، على الأقل، من باكستان والهند وتركيا اذا تم تحويل ادارة العمليات الميدانية لتكون تحت علم الأمم المتحدة.

وفي حين يخوض الدبلوماسيون في اروقة مجلس الأمن الدولي مناقشات حول مشروع قرار في هذا الشأن، ما تزال هناك حاجة لتقوم وزارة الخارجية الاميركية بتقديم بعض التنازلات لضمان الاجماع فيما يتعلق بتوسيع الدور الذي يمكن ان تلعبه الأمم المتحدة في العراق. اذ لا روسيا ولا فرنسا، فضلا عن دول اخرى، ترغبان في الذهاب الى العراق لمجرد ان الولايات المتحدة توافق على وضع العمليات العسكرية تحت الرعاية الاسمية للأمم المتحدة.

ويجادل مسؤولون في وزارة الخارجية ان الامم المتحدة لا تستطيع ادارة عمليات عسكرية قتالية، ولذلك فقد يكفي ارسال قوات غير قتالية لاضفاء طابع دولي على الوجود العسكري في العراق. وفي جميع الاحوال، فان الادارة الاميركية لن توافق على وضع العمليات العسكرية تحت قيادة الامم المتحدة.

وبينما تضغط فرنسا من اجل ارسال قوات دولية تتمتع بسلطة حقيقية، فان وزارة الخارجية الاميركية تعتبر ان فرنسا وروسيا وغيرهما من الدول الاوروبية، انما تسعى من خلال هذه القوات الى توسيع حصتها من عقود اعادة الاعمار. مع ذلك، فانه يمكن لقادة العالم الذين يلبون دعوة واشنطن لمد يد العون في عراق ما بعد الحرب ان يجنوا مكافآت تشمل مزايا تجارية ومعونات مالية لبلدانهم ويحظون بمقابلة مع الرئيس الاميركي جورج بوش. وقال مسؤولون ان الرئيس الاميركي وجه دعوة لنظيره الروسي فلاديمير بوتين لاجراء محادثات الشهر المقبل في منتجع كامب ديفيد الرئاسي في اطار حملة دبلوماسية لاقناع حلفاء الولايات المتحدة الرافضين لارسال قوات لحفظ السلام وأموال للمساعدة في جهود اعمار العراق. وربما يحظى المستشار الالماني جيرهارد شرودر الذي اثارت معارضته الصاخبة للحرب على العراق غضب بوش بشكل خاص بلقاء مباشر مع الرئيس الاميركي وان كان لفترة قصيرة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في الشهرالمقبل. وقال مساعدو أعضاء في الكونغرس وخبراء انه بالنسبة لدول مثل تركيا وباكستان فانها قد تحصل على مزايا ملموسة اذا قررت ارسال قوات لحفظ السلام الى العراق وتتمثل هذه المزايا في الحصول على امتيازات تجارية تسعى وراءها منذ فترة طويلة والحصول على تعاقدات لاعمار العراق واعفاءات من سداد اقساط ديونها.

ولم يتضح بعد ان كانت المناشدات العامة والاتفاقات وراء الكواليس ستكون حافزا كافيا للتغلب على تصارع الارادات عبر الاطلسي بشأن العراق.

وتساءل دان فيلدمان أحد مسؤولي مجلس الامن القومي الاميركي في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون «اهملناهم طيلة الاشهر الستة الماضية. فلماذا يتعين عليهم ان يشعروا بان عليهم التزاما بأن يفعلوا شيئا الان».

والمخاطر السياسية التي يواجهها بوش كبيرة، فالاميركيون يعربون عن قلق متزايد من الخسائر المتزايدة في الارواح في العراق. ويقول بعض خبراء استطلاعات الرأي ان حملة اعادة انتخاب بوش في عام 2004 ربما تتوقف على تحسن الاوضاع أو تدهورها في العراق.

كما بدأت سلطات الاحتلال الاميركي تبدي قلقا متزايدا بخصوص المال. فبدون المزيد من المساعدات المالية لن يكون في مقدور واشنطن سداد الفاتورة التي يقدرها البعض «ببضعة عشرات مليارات الدولارات» في العام المقبل:

وأظهرت كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الاميركي للامن القومي لهجة تصالحية في مقابلة نادرة مع تلفزيون الماني اجرتها بينما كانت في طريقها التقديم الشكر للدور الالماني «الملحوظ» في تأمين أفغانستان.

وقالت رايس «احيانا تكون هناك خلافات بيننا. لكن ذلك لا يعني ان الولايات المتحدة لا تقدر حلفاءها، ولا يعني ذلك على الاخص اننا لا نحتاج الى حلفاء. بل اننا في حاجة ماسة اليهم».

ويقول محللون ان ادارة بوش ستحتاج الى توسيع اشراف الامم المتحدة على العراق وربما التنازل عن قدر من السيطرة لاقناع عدد أكبر من الدول بارس القوات لحفظ السلام. ويطالب بعض الدول باموال بينما تطالب دول أخرى بتعاقدات.

وقال الجنرال الاميركي المتقاعد وليام ناش الذي يشغل الان منصب مدير مركزالعمل الوقائي في مجلس العلاقات الخارجية «ستكون هناك محاولة لجني ارباح لكن في الوقت نفسه فان ذلك ليس كهزيمتنا».

ووافقت واشنطن بالفعل على دفع 230 مليون دولار على الاقل لنقل فرقة متعددة الجنسيات تقودها بولندا الى العراق وتغطية التكاليف الاخرى للفرقة.

ويقول مساعدون في الكونغرس انه من المرجح ان تبدي دول اخرى معارضة لابرام اتفاقات مماثلة. ويقول مسؤولون اميركيون ان التعاون من جانب تركيا قد يساعد على اسقاط 8.5 مليار دولار من الديون المستحقة للولايات المتحدة وان كانت انقرة تنفي وجود اي صلة بين الاتفاق على الدين ونشر اي قوات تركية لحفظ السلام في العراق.