إسبانيا تعتقل تيسير علوني مراسل «الجزيرة» السابق في العراق وأفغانستان بشبهة العلاقة مع «القاعدة»

TT

اعتقل تيسير علوني، مراسل قناة «الجزيرة» سابقا في افغانستان ثم في العراق، بمدينة غرناطة، في اسبانيا امس بشبهة التعامل مع تنظيم «القاعدة» وبشبكة أصولية اعتقلت اسبانيا معظم أعضائها قبل مدة، ويتزعمها الأصولي السوري الأصل، عماد الدين بركات، الشهير بأبو الدحداح، وفق ما قاله مسؤول في «الجزيرة» بالهاتف مع «الشرق الأوسط» أمس.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن عددا من رجال الأمن الاسبان «طرقوا باب شقة العلوني في غرناطة، وكانت فيها زوجته وأولاده أيضا، وطلبوا منه مرافقتهم بعد أن أظهروا أمامه أمرا قضائيا باعتقاله»، كما قال.

وتابع، المصدر إنهم نقلوه الى جهة غير معلومة «ثم اتضح أنه أصبح في العاصمة، مدريد». والمعروف عن علوني، الحاصل على الجنسية الاسبانية، أنه كان عضوا في تنظيم الاخوان المسلمين المحظور في سورية، حيث أبصر النور بمحافظة دير الزور قبل 56 سنة، وتركها في 1983 لاجئا الى اسبانيا، التي تزوج فيها من اسبانية، اعتنقت الاسلام وسمت نفسها فاطمة ورزق منها 4 أبناء.

وكان علوني قد عاش سنتين بدءا من العام 1999 في كابل مع زوجته، ثم أحضر أولاده لقضاء عطلتهم المدرسية من بعدها بعام، حيث أقاموا معهما هناك. ولكنه أعادهم مع والدتهم الى اسبانيا، حيث كان يقيم ويعمل طوال 6 سنوات بالقسم العربي في وكالة «إيفي« للأنباء الاسبانية قبل أن ينتقل منذ 5 أعوام الى «الجزيرة» عاملا في الوقت نفسه على التحضير لرسالة دكتوراه في العلوم الاقتصادية في جامعة غرناطة.

وعمل تيسير علوني في السابق ببعض الأعمال التجارية، وكان يكتب في بعض الصحف العربية بالقطعة. ومن بعدها رشح نفسه مقترحا على «الجزيرة» فتح مكتب لها في كابل على خلفية تصريح أدلى به وكيل أحمد متوكل، وزير خارجية طالبان، في نوفمبر (تشرين الثاني) 1999 وعد فيه بمنح ترخيصين لفتح قناتين تلفزيونيتين: واحدة لمحطة «سي.أن.أن» الأميركية، والثانية لقناة «الجزيرة» بهدف مخاطبة الآخرين باللغتين الانجليزية والعربية، فأعلنت «الجزيرة» عن نيتها فتح المكتب، مرشحة بعض الصحافيين، فقدم نفسه على أساس ما اشترطته «الجزيرة» بأن يكون لدى المرشح المعلومات الضرورية عن تاريخ أفغانستان وعادات شعبها وتقاليده، والقدرة على اجراء الاتصالات، فاختارته وكلفته ليتفاوض مع وزير خارجية طالبان، فسافر الى كابل، حيث حصل في نهاية 1999 على ترخيص بافتتاح المكتب عبر رسالة موافقة وجهتها الوزارة الى ادارة المحطة بالدوحة، مع أن وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانت تحظر التصوير بأشكاله في أفغانستان بموجب فتوى تحريمية من الملا عمر، لكنهم سمحوا بالمكتب استنادا أن للضرورة أحكاماً والضرورات تبيح المحظورات، ففتح علوني المكتب، جاعلا من طابقه الثاني، المرتبط بسلم مع طابقه الأول، مكانا لسكنه مع العائلة.

وفي الأرشيف المعلوماتي عن تيسير علوني أنه بدأ يزور أفغانستان على مراحل طوال 13 سنة مضت، خصوصا لتغطية أخبارها زمن الغزو السوفياتي. الا أنه بين 1992 و1996 أي فترة «حكم المجاهدين» غادرها ولم يزرها الا حين تسلمت طالبان الحكم «لأنها أصبحت تتمتع باستقرار وأمان أكثر» كما قال مرة في مقابلة مع «الجزيرة» نفسها.

وفي أفغانستان قابل تيسير علوني الملا عمر، بعد أن رافق وفدا رسميا من قيادة طالبان، رأسه وزير خارجيتها وكيل أحمد متوكل، الى قطر التي استضافتهم بوصفها رئيسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، وعندما عاد الوفد الى مدينة قندهار طلب مقابلة اسامة بن لادن، لكن اللقاء الذي تم في قندهار، وكان في الأصل من أجل اعداد برنامج عام عن زعيم تنظيم «القاعدة» لم تسجله الكاميرات اطلاقا.

ثم حدث ما حدث بعد تفجيرات واشنطن ونيويورك العام 2001 وما تلاها من تدخل أميركي مباشر في أفغانستان وهزيمة طالبان، فخرج تيسير من كابل مغادرا مع فلول طالبان قبل دخول قوات التحالف اليها بيوم واحد تقريبا، وربما بساعات، متوجها في الليل الى ولاية لوغار، ومنها الى قندهار، ومن بعدها الى الدوحة في قطر، حيث أمضى أكثر من عام عاكفا على تأليف كتاب عن تجربته الأخيرة في أفغانستان.

وعانى علوني كثيرا من شائعات طالته كمتورط مع حركات أصولية، خصوصا عندما ربط رئيس جهاز المخابرات الأندونيسي في تقرير له في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي بين أصوليين سوريين يقيمون في اسبانيا، ومن بينهم تيسير علوني، لتمتعه بعلاقة خاصة مع بن لادن، مكنت «الجزيرة» من التفرد بتغطية أحداث أفغانستان من كابل وبث مقابلات وخطب بن لادن، ونظراء لهم في أندونيسيا بمقاطعة بوسو في سولاويسي الوسطى، التي استخدمت مؤخرا كمعسكر تدريب سري لأعضاء «القاعدة» المرتبطين سابقا بما كان لها من شبكة في اسبانيا.

وكان هندروبريونو، رئيس المخابرات الاندونيسي قد قال في أواخر العام الماضي: ثرنا على معسكر للتدريب كان يستخدم من أعضاء في «القاعدة» ممن كان مقرهم الرئيسي في اسبانيا، وأن المعسكر اكتشف مؤخرا في بوسو بعد تلقي وكالة الاستخبارات بلاغا من الحكومة الاسبانية عن وجوده، حيث نشرت الصحافة الاسبانية أول تقرير حول ارهابيين أجانب يستخدمون أندونيسيا كمقر للتدريب، وذلك بعد التحقيقات التي أجرتها الحكومة مع عماد الدين بركات، الملقب بأبو الدحداح، وهو اسباني من أصل سوري اتهم بادارة خلية لتنظيم «القاعدة» باسبانيا، والذي تحدث عن هذه الصلات المفترضة بين الأندونيسيين والسوريين المقيمين في اسبانيا وقادة «القاعدة». وكان هندرو بريونو أوضح أن معسكر التدريب كان يستخدمه الأصوليون العرب، وأن جهازه «وجد أدلة، منها نسخ عن فاكسات وغيرها» تثبت تدربهم فيه.

وتقول بعض المصادر ان اجهزة الأمن الأميركية، ربما رغبت باستجواب علوني حول امكانية مساهمته في استغلال «الجزيرة» لتمرير موحيات «القاعدة» الاعلامية للخارج، ولايصال تعليماتها حول العالم بالشيفرات التلفزيونية خلال اللقاءات، وكذلك التحريض على الأميركيين في العالم العربي والاسلامي.