قرنق وطه أجريا محادثات مكثفة في جلسات مغلقة وموسعة على محاولة الوصول إلى تسوية قبل انتهاء الاجتماعات

TT

استؤنفت امس محادثات نادرة بين النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه، وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق في محاولة لمنع انهيار محادثات السلام وانهاء اطول حرب في القارة الأفريقية مستمرة منذ 20 عاما.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان المسؤولين الرفيعين قررا ان تمتد المفاوضات بينهما حتى اليوم، وربما حتى الوصول الى تسوية مرضية تنهي الخلافات الرئيسية، وتمهد الطريق للوصول الى اتفاق سلام نهائي في جولة المفاوضات الثامنة المقررة الاربعاء المقبل في نانيوكي بوسط كينيا برعاية الهيئة الحكومية للتنمية «ايقاد». واشارت هذه المصادر الى ان الجانبين عقدا 3 جلسات امس، في منتجع راق منعزل في بلدة نيفاشا الواقعة على بعد 90 كيلومترا غرب العاصمة الكينية نيروبي، كانت الجلسة الأولى مغلقة واستمرت 4 ساعات بين طه وقرنق. وانضم اليهما في الثانية نيال دينق نيال وباقان اموم ورياك مشار من جانب الحركة، ومن الجانب الحكومي انضم نافع علي نافع وزير شؤون مجلس الوزراء ومطرف صديق وكيل وزارة الخارجية وسيد الخطيب المفاوض في الوفد الحكومي. فيما عقدا الجلسة الثالثة مساء. واكد الجانب الحكومي انه «متفائل» وان الامور تسير في الطريق السليم. والتقى قرنق وطه لأول مرة في ساعة متأخرة من مساء أول من امس. وقطع الرجلان اجتماعهما امس لفترة وجيزة للسماح للصحافة بالتقاط صور لهما مع وزير الخارجية الكيني كالونزو موسيوكا. ولم يدل أي منهما بتصريحات. وقال موسيوكا للصحافيين اثناء وقوفه بجوار طه وقرنق امس «انني سعيد بأن الجليد كسر فعلا.. انهما مصممان على احلال السلام في بلدهما. ونتعشم ان يتمكنا من اعلان ان عملية السلام لا يمكن الرجوع عنها فعلا». واضاف «انني متفائل جدا في ان نتمكن من تحقيق تقدم بعد المشاورات بين هذين الزعيمين». ووصف المحادثات بأنها «اجتماع ودي للغاية». وقال ان «العالم اجمع يمارس ضغوطا على الخرطوم والحركة الشعبية من اجل التوصل الى اتفاق سلام». ولدى عودة الرجلين الى قاعة في الفندق لاستئناف المحادثات سئل موسيوكا عما اذا كان يعتقد انهما مستعدان لتقديم تنازلات فقال دون تعقيب «اعتقد انهما سيبدآن هذه الجلسة الآن».

ويستضيف موسيوكا المحادثات ولكن باستثناء اجتماعهما الأول لم يحضر محادثاتهما بصفة شخصية. وقال موسيوكا «التصريح الذي أدلى به جون قرنق لدى وصوله شجعني جدا.. لقد قال بالتحديد انهم جاءوا الى نيفاشا لازالة العقبات امام عملية السلام». وقال قرنق لدى وصوله الى نيروبي ان الجيش الشعبي لتحرير السودان ملتزم بعملية السلام لكنه امتنع عن تحديد التنازلات المستعد لتقديمها في محادثاته مع طه. واكد قرنق ان قضايا الخلاف الرئيسية هي كيفية تقسيم السلطة بما في ذلك الرئاسة والثروة ولا سيما النفط. وقال ان القضايا الاخرى تشمل الأمن والخلاف على مناطق الصراع الثلاث وهي ابياي وجبال النوبة وجنوب النيل التي يطالب الطرفان بالسيادة عليها. وفي الخرطوم، نقلت صحيفة «أخبار اليوم» عن المتحدث باسم الحكومة سيد الخطيب قوله ان اللقاء كان «وديا وخاليا من أي توتر». وقال وزير شؤون مجلس الوزراء وعضو الوفد الحكومي نافع علي نافع ان اللقاء تم في «جو ودي». واضاف في تصريح لصحيفة «الأنباء» ان «الامور تتطور بصورة مرضية». وهي المرة الأولى منذ بدء الحرب الأهلية قبل عشرين عاما التي يشرف فيها قرنق بنفسه على المفاوضات مع الحكومة. وقد تعثرت محادثات السلام في الاشهر الاخيرة بعد التوصل لاطار اتفاق منذ ما يقرب من عام. ومن المقرر ان تبدأ الجولة القادمة من المحادثات في العاشر من سبتمبر (أيلول) الجاري. من جهة ثانية أدى كوستيلو قرنق وهو أحد ابرز قادة الجبهة الديمقراطية السابقة اليمين في رمبيك بجنوب السودان كأمين للتعاون الدولي في الحركة الشعبية التي يقودها جون قرنق. وقال كوستيلو قرنق في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» انه قابل زعيم الحركة الشعبية في رمبيك قبل ايام وبحث معه سبل عقد مؤتمر صلح بين قبائل «التماس »على الحدود بين الولايات الجنوبية والشمالية، التي تشهد نزاعا مستمرا منذ عقود على المرعى والمياه. وأوضح كوستيلو قرنق، ان جون قرنق اكد له ان الحركة تؤيد قيام مثل هذا المؤتمر وانها ستفتح الحدود امام القبائل العربية في تلك المنطقة (المسيرية والرزيقات) لدخول الجنوب للتجارة والرعي، حتى في حال فشل المفاوضات السلمية، وقال «سنسمح لهم بالمتاجرة في كل الجنوب حتى الحدود الأوغندية» مشيرا الى ان هذا التعاون سيزيد الثقة بين هذه القبائل، ويعزز من فرص السلام. واوضح ان السلام لا يأتي فقط بالمحادثات السياسية، ولكن بالتعاون المباشر بين أبناء الوطن الواحد. وقال كوستيلو قرنق انه حاول في يوليو (تموز) 2000 عقد مؤتمر صلح مشابه لكن الحكومة رفضت لأنها كانت تستخدم القبائل العربية لمحاربة الحركة الشعبية. لكنه اشار الى ان قيام مثل هذا المؤتمر في هذه الايام «ملائم» في ظل وجود ارادة قوية نحو السلام بين طرفي النزاع السوداني. وطالب الدول العربية المساهمة في عقد هذا المؤتمر وانجاز مشاريع مشتركة في مناطق «التماس» خاصة التي تتعلق بمجالات الصحة والبيطرة باعتبار ان القبائل العربية في المنطقة «رعوية». وحول عملية السلام الجارية حاليا اكد قرنق انه متفائل بتحقيق السلام. واكد ان ذلك يعود الى مدى جدية الحكومة «فاذا كانت الخرطوم جادة فنحن جادون». وحول المؤتمر الذي عقد مؤخرا في رمبيك اشار قرنق الى انه جاء لتنوير القيادات العسكرية التي شاركت في المؤتمر حول موضوع السلام ونفى ما اشيع من ان هذا المؤتمر منح جون قرنق تفويضا للقاء طه في نيروبي، مشيرا الى ان المؤتمر ليس من صلاحياته اعطاء أي تفويض لقرنق لأنه ليس مؤتمرا عاما وانما مؤتمر لقيادات الحركة العسكرية فقط، وقال ان «قرنق يملك تفويضا سابقا وليس في حاجة لتفويض جديد». وقال ان المؤتمر بحث تطورات السلام الى جانب وضع استراتيجيات جديدة، لم يحدد طبيعاتها. وحول ما اذا كان تم دراسة تحويل الحركة لحزب سياسي، اشار الى ان الحركة الشعبية هي الآن حزب سياسي وحركة عسكرية ايضا ولكن التحول بالكامل الى حزب سياسي سيأتي بصورة طبيعية بعد توقيع اتفاق السلام.