موفاز يزور واشنطن لبحث عملية التخلص من عرفات

إسرائيل تلمس وجود غضب متزايد لدى الأميركيين من الرئيس الفلسطيني

TT

تدرس المؤسسة العسكرية والسياسية في اسرائيل، هذه الايام، بالتفصيل موضوع التخلص من الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات. ويتم ذلك من خلال عملية جس نبض صريحة لدى الادارة الاميركية. وتبلغ هذه المناقشات اوجها في الزيارة المتوقعة لوزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز الى واشنطن في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل. لكن اجهزة الامن في تل أبيب تلمح وتهدد بالتخلص من عرفات قبل ذلك الموعد وذلك «في حالة وقوع عملية تفجيرية كبيرة او اسقاط حكومة محمود عباس (ابو مازن).

وكانت هذه المؤسسات الاسرائيلية قد ناقشت افكارا عديدة في هذا الموضوع. خلصت إلى وجود خلاف بين اجهزة الامن المختلفة، بعضها رأى ان التخلص من عرفات هو في مصلحة اسرائيل وربما يؤدي الى انقاذ المسيرة السياسية، وبعضها رأى ان اي مساس بعرفات سيؤدي الى انهيار شامل للمسيرة السياسية والى سقوط حكومة ابو مازن وربما الى المساس بعناصر كثيرة مقربة منه. بينما تحذر اوساط سياسية من مجرد بحث الموضوع. وتقول ان الحديث في الموضوع مضر جدا باسرائيل وان تنفيذ عملية كهذه قد يحرق الاخضر واليابس في المنطقة.

وما زال الخلاف في الموضوع قائما، ولكن كفة المؤيدين للتخلص من عرفات بدأت ترجح في اسرائيل. وحسب وزير الخارجية، سلفان شالوم، فان المجلس الوزاري الامني المصغر للحكومة، الذي يجتمع يوم الاربعاء من كل اسبوع، سيبحث بالتفصيل في هذه القضية.

وذكرت مصادر سياسية في القدس أمس، ان مدير مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية، دوف فايستلاس، الموجود في زيارة سرية في واشنطن التقى مستشارة الامن القومي للرئيس الاميركي، كونداليزا رايس، بشكل انفرادي وبحث معها في امر عرفات. وحسب هذه المصادر فان اسرائيل تلمس تغييرا ملموسا في الموقف الاميركي من الرئيس الفلسطيني.

فبعد ان كانت ترفض تماما قتله او حتى ابعاده عن مقر الرئاسة في رام الله الى قطاع غزة، اصبحت اليوم مستعدة لسماع آراء اخرى. وقالت ان الاسرائيليين الذين التقوا مسؤولين اميركيين في الاسبوعين الاخيرين، لاحظوا تزايدا في الغضب الاميركي على الرئيس الفلسطيني، حيث يصفونه ـ كما تتهمه اسرائيل ـ بالعقبة في طريق المسيرة السياسية. وان الاميركيين باتوا يضعونه في سلة واحدة مع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. ولهذا، فان اسرائيل تجدها فرصة ينبغي استغلالها للتخلص من عرفات.

وفي وزارة الدفاع الاسرائيلية اكدوا ان موفاز سيتطرق لهذا الموضوع خلال زيارته المقبلة الى الولايات المتحدة. وسيحاول الاقناع بانه يستطيع تنفيذ مخطط «التخلص من عرفات بلا اذى»، وسيتعهد بالا يقتل، انما «فقط خطفه ووضعه في مكان بعيد آمن». وسيقدم تفصيلات عن السبل الممكنة لذلك «وفق اعلى المواصفات التكنولوجية.

ورأت اوساط متعقلة في المؤسسة السياسية الاسرائيلية، وهي ليست قليلة العدد بل قليلة التأثير، ان حكومة اليمين المتطرف بقيادة ارييل شارون وموفاز، وغيرهما باتت بلا صواب في هذا النهج الخطير. وتقول: «يبدو ان شارون نسي شعاره الاساسي الذي انتخبه الشعب على اساسه رئيسا للحكومة، الا وهو «السلام والامن». وبهذه السياسة يحقق العكس». واتهمت شارون بالرضوخ الى قوى اليمين المتطرف في الحكومة وكذلك داخل الليكود، التي تتهمه بالخضوع للضغوط العربية الارهابية وبالعودة الى العقلية الحربية التي تميز بها والمبنية على «التكتيك الجيد وعلى الاستراتيجية الفاشلة»، حيث انه يبني على ازمة الرئيس الاميركي جورج بوش للتهرب من المسيرة السياسية. «فحسب شارون، الرئيس بوش يدخل المعركة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة في وضع صعب، وليس كما كان يتخيل قبل الحرب على العراق. فقد بدأ يتورط هناك بعمليات لا تعرف الرحمة وتتم كل يوم. واصبح حاله صعبا امام منافسه الديمقراطي مثلما كان حال والده امام المرشح بيل كلنتون، بعد حرب الخليج الاولى. وهو بحاجة الى اصوات اليهود الاميركيين وكذلك اصوات العرب الاميركيين. ولكي يحظى بأصوات اليهود عليه ان لا يغضب اسرائيل ولا يفرض عليها ما لا تستطيع قبوله. ولكي يحظى بأصوات العرب، عليه ان يخفف عداءهم الناجم عن حرب العراق، ويجد السبيل لذلك في ارضاء سورية والتفاهم معها وليس مع الفلسطينيين. وهذا وضع مثالي بالنسبة لاسرائيل حتى تفرض شروطا جديدة للعب. فتسرع في عمليات الاغتيال، بهدف تحطيم التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وهو الامر الذي لا تستطيعه حكومة ابو مازن رغم تعهداتها به، ثم تنتقل الى المسار السياسي». ويضاف الى ذلك عملية فرض الواقع الاحتلالي على اجزاء واسعة من الضفة الغربية، عن طريق بناء الجدار الفاصل وما يلتهمه من اراض فلسطينية واسعة وخصوصا في منطقة القدس، والاستمرار في توسيع الاستيطان.

وتعتقد حكومة شارون ان عرفات هو العقبة امام تنفيذ هذا المخطط (وليس تنفيذ العملية السلمية)، لذلك نريد التخلص منه. وهي تعد له ملفات ضخمة لتشويه سمعته بين جماهير شعبه الفلسطيني تمهيدا للتخلص منه او تبريرا لعملية التخلص منه. فالتوقيت هنا غير مقدس. انما تحكمه عناصر المؤامرة نفسها.