أبو علاء المرشح الأوفر حظا لخلافة أبو مازن في رئاسة الحكومة الفلسطينية وعباس يؤكد أن استقالته نهائية لكنه لم يوصد الأبواب في وجه إعادة تكليفه

عرفات لقريع في اجتماع لفتح: يبدو أنهم سيحملونك هذه المسؤولية

TT

اذا لم يغير رئيس الوزراء الفلسطيني المستقيل محمود عباس (ابو مازن)، رأيه في اللحظة الاخيرة ويقبل باعادة تكليفه بتشكيل حكومة جديدة وفق شروط جديدة لا تسمح باستمرار الخلافات مع رئيس السلطة الفلسطينية، فانه يكاد يكون مؤكدا ان يكلف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رفيقه في اللجنة المركزية لحركة فتح رئيس المجلس التشريعي احمد قريع (ابو علاء) ولا احد غيره، ليكون رئيس الحكومة الثاني بعد ابو مازن منذ ان استحدث المجلسان، المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتشريعي، هذا المنصب في فبراير (شباط) الماضي.

وما يعزز ذلك ما قاله عرفات مازحا وبشكل غير رسمي في هذه المسألة في اجتماع مشترك عقد صباح امس في مقره برام الله، وضم أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري ونواب فتح في المجلس التشريعي اضافة الى 50 كادرا اساسيا في الحركة من المناطق المختلفة، لبحث استقالة ابو مازن وتداعيات هذه الاستقالة. وحسب ما قاله مصدر لـ«الشرق الأوسط» حضر الاجتماع الذي تغيب عنه ابو مازن، فان «عرفات قال موجها كلامه لابو علاء الذي كان يجلس على يمينه.. يا خوي يا ابو علاء يبدو انهم سيحملوك هذه المسؤولية».

ويأتي هذا التصريح ليقضي على طموحات شخصيات اخرى طرحت اسماؤها لاحتلال هذا المنصب منها سلام فياض وزير المالية. ورغم ان فياض المرشح المفضل للاميركيين والاسرائيليين، الا ان خبرته القليلة في العمل السياسي وعدم التزامه التنظيمي وعضويته لمركزية فتح تجعله احتمالا بعيدا، خاصة ان مثل هذه المناصب تحتفظ بها فتح وهي حزب السلطة لاعضائها. والمرشح الآخر منيب المصري رجل الاعمال والملونير الفلسطيني، الذي برز اسمه في مارس (اذار) الماضي، وبالفعل عاد الى الاراضي الفلسطينية أملا في ان يحظى بهذا المنصب، الا ان ما ينطبق على فياض ينطبق عليه فهو ليس عضوا في فتح ولا في مركزيتها. والمرشح الثالث بعد ابو علاء طبعا، هو نبيل شعث وزير الشؤون الخارجية في السلطة، لكن رغم انه يحظى بعضوية مركزية فتح ويتمتع بالخبرة الطويلة الا انه لا يحظى بشعبية كبيرة بين اعضائها.

والغريب في الامر ان عرفات وباستثناء هذا التعليق والحديث عن ضرورة انجاز هذه المهمة بسرعة، واستغرابه كما قال المصدر «من عدم حضور حبيبنا ابو مازن» لم يتطرق الى موضوع استقالة ابو مازن التي كان يفترض ان تكون المسألة التي عقد الاجتماع لنقاشها. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» ان ابو عمار وكما فعل اول من امس خلال اجتماعه بالمجلس التشريعي، القى خطبة عصماء تحدث فيها عن قضايا لا علاقة لها بالمسألة مثل اتفاقيات سايكس بيكو وضرب السفارة الفلسطينية في بغداد الى اخره من قضايا ليست ذات علاقة. ولكن بعد احتجاج من بعض الحضور بدأ المشاركون في الاجتماع بطرح آرائهم، دون تدخل من عرفات. واقترح بعض المشاركين اعادة تكليف ابو مازن باعتباره قائدا تاريخيا في فتح وليس لكفاءة لديه كما قال المصدر. وزكى امكانية تكليف ابو علاء المتحدث الاعلامي باسم عرفات نبيل ابو ردينة. الذي قال إن رئيس الوزراء المستقيل، مستمر في تولي مهام منصبه حتى تشكيل حكومة جديدة في غضون اسابيع خمسة. وأضاف أبو ردينة أنه في حال اسناد مهمة تشكيل حكومة جديدة إلى شخص آخر، فإن المرشح الأول هو أبو علاء. غير ان ابو ردينة المعروف بحذره الشديد في ما يصدر عنه من تصريحات، لم يسقط على الإطلاق احتمال ان يعيد الرئيس عرفات تكليف ابو مازن للقيام بهذه المهمة ضمن شروط جديدة لا تسمح بتكرار التجربة المريرة السابقة وتقضي على دابر الخلافات.

بيد ان تصريحات ابو ردينة هذه جاءت قبل التصريحات التي ادلى بها ابو مازن بعد ظهر امس واكد فيها ان استقالته نهائية ولا رجعة فيها.

وقال ابو مازن امس ان قرار استقالته نهائي، غير ان مصدرا في الحكومة قال ان ابو مازن في تصريحه لم يقطع كل الخيوط ولم يوصد الابواب أمام اعادة تكليفه بتشكيل الحكومة بل تركها مفتوحة. وحسب ما قاله المصدر لـ«الشرق الأوسط» فان ابو مازن رد على سؤال حول ما اذا كان سيقبل باعادة تكليفه «ان هذا السؤال سابق لآوانه».

وكان ابو مازن قد قدم استقالته اول من امس للرئيس عرفات الذي لم يلتقه منذ اكثر من اسبوعين بسبب الخلاف بينهما حول موضوع السيطرة على الاجهزة الامنية. واستقال ابو مازن بعد حوالي 48 ساعة على تقريره للمجلس التشريعي يوم الخميس الماضي حول انجازات حكومته في المائة يوم الأولى من عمرها الذي طالب فيه بمزيد من الصلاحيات وتحدث فيه لاول مرة عن وجود «خلل وظيفي» بينه وبين عرفات. ووافق ابو مازن على عقد جلسة خاصة مغلقة مع المجلس يطرح فيها موقفه من هذا الخلاف. لكنه سبق الاجتماع الذي عقد اول من امس بتقديم استقالته مكتوبة للرئيس عرفات قام بنقلها امين عام مجلس الوزراء حكم بلعاوي كدليل على استمرار القطيعة بينه وبين عرفات.

واستقالة ابو مازن لم تكن بتلك المفاجأة لكن المفاجأة الحقيقية هي القبول السريع للرئيس عرفات لهذه الاستقالة. اذ فاجأ عرفات اعضاء المجلس التشريعي الذين التقوه بعد ظهر اول من امس اي بعد اقل من 8 ساعات على تسلمه الاستقالة، للاستماع الى وجهة نظره في الخلاف. لكنه فاجأهم بالقول انه قبل الاستقالة.

الى ذلك واصل الرئيس عرفات اجتماعاته مع هيئات فتح المختلفة، فاستأنف بعد الظهر اجتماع هذه الهيئات الذي ترأسه صباحا. وبعده ترأس اجتماعا في المساء للجنة المركزية للحركة التي لا يزال ابو مازن متمسكا باستقالته منها، لاختيار الشخص الذي سيكلف بتشكيل الحكومة. واتبعه في وقت متأخر من الليل باجتماع للجنة التنفيذية للمنظمة لنفس الغرض.